في سبيل تحقيق الرغبات يلجأ الكثير الى الوسائل المتاحة، بغض النظر عن نوع الوسيلة، فالغايات تبرر الوسائل، فهذه كذبة بيضاء وتلك صفراء والمصلحة غالبة، وربك غفور رحيم..
@@@ والكاذب حين لا يعاتب على كذبه ولا ينهى عنه، يستحلي مذاق الكذب ويصبح كذابا محترفا، بل ربما تسابقت على توظيفه شركات التسويق والإعلان او محلات بيع الملابس والعطور باعتباره شاطراً وفاهماً للغة العصر، بل سوف يكون صاحب الحظوة والمكانة عند اصدقائه واهله وزوجته ومديره في العمل، لانه يملك ادوات التلميع وتصبيغ الوقائع ويتعامل بمهارة مع التزوير والنفاق، حتى تكاد انت ان تقسم على صحة مايقول هو !!، (ومايزال الرجل يكذب، ويستمرئ الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا)..
@@@ إذن فالكاذب بهذه الحسبة البسيطة هوالربحان، فقد استطاع ان يكسب حب الجميع واحترامهم، وبالاحتيال وتزويق الكلام وتزويره استطاع أن يكسب لقمة عيشه ويمتلك مفتاح بيته وسيارته!!
@@@ ولكن الكاذب في المقابل خسر نفسه وضيع إيمانه وأمانه النفسي، ومن حيث لا يعلم أعدم في روحه الثقة بنفسه وبمن حوله، وخنق في نفسه صوت الضمير الحي والنفس اللوامة، بل إنه تخاصم مع عقله الباطن وعاكس تياره وهنا تكمن مشكلة اريد ان اشرحها لكم فيما يلي:
@@@ خلق الله الانسان واودع في داخله فطرة سليمة تحب المعروف وتنكر المنكر، فعقلنا الباطن فطري ولا يقبل الا الحق، بمعنى ان اي عمل او قول نقوم به لا بد ان يتناسب ويتوافق مع الحق والفطرة قدر المستطاع، حتى تعمل عقولنا مع عقلنا الباطن بتناسق وانسجام مما يسبب الامان النفسي والثقة بالنفس وبالغير، والعكس بالعكس، فمثلا عندما تكذب فانت تخالف الحق والفطرة وتعاكس مسارهما، فيبقى عقلك الباطن في خصام مع عقلك، ويحدث بينهما ازمة ثقة فلا تتمايز الاشياء من حولهما، ولا يستطيعان ان يعرفا الحقيقة من غيرها، ويحدث بينهما تناقض وتشتيت وتضعف بذلك كفاءة العقل الباطن! وتقل طاقته الايجابية وربما انطفأ سراج الفطرة بعد ان انحرقت فتيلته بدخان الكذب، ويبقى الكذب دائما هو اللبنة الاولى للامراض الجسدية والاجتماعية والسلوكية والنفسية!!
@@@ فكم من مريض بالقلق وثان مريض بعدم الامن والامان النفسي وثالث لا يستطيع ان يعرف الكذب من الحقيقة ورابع قد افسد بوصلة الفطرة وضاع في عرض صحراء الكذب، وكلهم لا يعلمون بأن مايعانونه هو نتائج لكذبات متراكمات، افسدت المزاج وكدرت صفاء النفس فانعدمت الرؤية!! وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما سئل (هل يزني المؤمن، قال: نعم!!) وسئل (هل يسرق المؤمن، قال: نعم) وعندما سئل (هل يكذب المؤمن، قال: لا، المؤمن لا يكذب)!!.. @@@ سوف يتفاجأ العالم غدا حينما يعرف بأن فيروس الكذب، هو اخطر فيروس نهش وينهش في جسد المجتمعات فأفسد عليها عيشها وضيع أمانها وثقتها بنفسها، وهو الذي تسبب في مشاكل اجتماعية ونفسية بل حتى وجسدية وسوف اتحدث بإذن الله في مقالة قادمة عن بحث قمت به هو الاول في بابه وبراءته، يتحدث عن العلاقة بين الكذب، وبين السمنة والبدانة.