و أما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما، أو أن الجدر كان يكون عليها الدم
أو ما يرفع حجر إلا و يوجد تحته دم ، أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها أكاذيب تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة.
لو كانو اصحاب عقول لما تفوهوا بمثل هذا
ولكنهم للأسف لا يعلمون من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه
فمثل واقعة الحسين تهيج جميع العواطف سواء مسلمة أو غير مسلمة
ما عدى الناصبة الذين هم أشر وأحقد على الإسلام من اليهود
(وقوله سبحانه وتعالى: { فما بكت عليهم السماء والأرض} أي لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم.
روى الحافظ الموصلي، عن أَنَس بن مالك رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: " ما من عبد إلا وله في السماء بابان: باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه"، وتلا هذه الآية: {فما بكت عليهم السماء والأرض} (أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده، ورواه ابن أبي حاتم أيضاً بنحوه) وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملاً صالحاً يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم، ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم.)
وهو في تفسيره لم يفسر البكاء مكتفيا بذكر لفظة البكاء تكريرا لها كما جاءت في نصّ الآية أو نصّ الحديث
و لا بد أن يكون بكاء السماء كناية عن عظم الميّت --وهذا التأويل مرضيّ عندنا لاستخدام العرب له.
فالآية مسوقة كتحقير لهؤلاء النّاس الذين كانوا في حياتهم زعماء وائمة للكفر --فإذا ما ماتوا ماتوا موتا عاديا لا أهميّة له---
قال تعالى([فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ] {الدُخان:29}
أي هم لكفرهم وصدّهم عن سبيل الله يموتون ميتة لا يهتم بها أحد ولا يشعر بها أحد ولا قيمة لفقدهم عند أهل الأرض وعند أهل السماء---
هم يخرجون من هذه الدنيا لا يلتفت لخروجهم أحد --فالتعبير الذي في الآية كناية عن حقارة شأنهم عند رب العباد
وقد كانت العرب تستخدم مثل هذه التعابير دلالة على موت عظيم --حتّى أنّه قد ورد مثل هذا التعبير في قوله عليه الصلاة والسلام حول اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ---والعرش لا يهتز حقيقة لموت أحد