وكانت سيدة عالمة فاضلة تقية محدثة شأنها في ذلك شأن جميع بنات رسول الله و أهل بيته الأطهار. فجعت في عام 179 هـ بفقد أبيها الإمام موسى بن جعفر () وعمرها ست سنوات عندما أمر هارون الرشيد بنقله إلى بغداد وسجنه هناك. فتلقت تربيتها وتعليمها على يد أخيها الإمام الرضا () وأحبته حبا شديدا، وكان هذا الحب سببا لدفنها في مدينة قم. لما استقدم المأمون الإمام الرضا () من المدينة إلى مرو لإسناد ولاية العهد إليه عام 200 هـ ضاقت المعصومة لفراق أخيها واشتاقت إليه فخرجت خلفه للقائه، فلما وصلت إلى مدينة ساوه القريبة من مدينة قم وهي في طريقها إلى مرو مرضت هناك فسألت عن المسافة بين ساوهوقم فقيل لها عشرة فراسخ فقالت احملوني إليها، فحملوها إلى قم ونزلت في دار موسى بن الخزرج بن سعد الأشعري الذي أكرمها أكراماً يليق بشأنها واستقبلها على رأس جماعة من العلماء والأشراف ورؤساء القبائل، حيث اخذ بزمام ناقتها وجرها مع حاشيتها إلى منزله، وأقامت في داره (17) يوما حتى انتقلت إلى جوار ربها، فأمر موسى بن الخزرج بتغسيلها وكفنها وصلى عليها ودفنها على ارض كانت ملكا له. ثم بنى على قبرها سقيفة من البواري إلى أن قامت زينب بنت الإمام محمد الجواد () ببناء قبة من الآجر عليه. وقد أم مدينة قم بفضل دفنها فيها بمرور الزمن كثير من العلويين وأولاد أئمة أهل البيت وأصبحت هذه المدينة عش آل محمد (كما يطلق عليها في كتب الحديث والروايات)، ومركزاً من مراكز شيعة أهل البيت.
المرقد الطاهر
حرم فاطمة المعصومة هو القلب النابض لمدينة قم المقدسة، ومهوى الأفئدة، حيث في كل يوم من قبل طلوع الفجر وإلى ما بعد منتصف الليل في حركة دائبة مستمرة، والناس يغدون ويروحون بين متعبّد، وزائر، ومصلٍّ، وقارئ للقران، وطالب علم.
ويضمّ الحرم عدداً كبيراً من قبور العلماء والأولياء والصّالحين، دفن أصحابها بجوار فاطمة المعصومة ، كما دفن في داخل الحرم عدد من العلويات وغيرهن، وكانت قبورهنّ متميزة تحت قبّتين، وأمّا اليوم فيضمهنّ ضريح واحد تحت قبّة واحدة، ولا يتميز من تلك القبور إلاّ مرقد المعصومة وقد وضع عليه صندوق خشبي.
وذكر صاحب كتاب تاريخ قم ص 214 أنّ القبة الأولى تضمّ قبر المعصومة، وقبر أم محمد بنت موسى الكاظم أخت محمد بن موسى الكاظم ()، وقبر أم إسحاق جارية محمد بن موسى الكاظم، وتضم القبة الثانية قبر أم حبيب جارية أبي علي محمد بن أحمد بن الرضا ()، وكانت هذه الجارية هي والدة أم كلثوم بنت محمد، وقبر أم موسى بنت علي الكوكبي، وقبر ميمونة بنت موسى أخت محمد بن موسى الكاظم (). كما دفن جمع من البنات الفاطميات والسادات الرضوية في هذه البقعة المباركة، كميمونة بنت موسى بن جعفر ()، وزينب وأم محمد، وميمونة بنات الإمام الجواد ().
هذا وقد مرّ حرم فاطمة المعصومة في عمارته بمراحل عديدة حتى بلغ ما هو عليه اليوم من الجلالة والقدسية والعظمة.
مراحل بناء المرقد
مشهد المعصومة
بعد دفن كريمة أهل البيت بنى موسى بن الخزرج مظلّة ـ سقيفة ـ من القصب فوق القبر.بعد ذلك بنت زينب بنت الإمام الجواد () قبّة من الآجر فوق القبر
هذا، وقد تعاقبت الأيدي ـ ولازالت ـ على عمارة الحرم الشريف وصيانته ونظافته وتجديد بنائه، واليوم(2007) يتم تجديد الضريح المبارك بعد تعرض الضريح القديم للتآكل، حيث تم صناعة ضريح جديد في مدينة اصفهان الذي أستغرق العمل فيه حوالي الخمس سنوات، والضريح الجديد تم استخدام 3 كيلو من الذهب الخالص مع 150 كيلو من الفضة في صناعته، وهو يختلف عن الضريح القديم من ناحية الاستحكام والقوة والمتانة، ويتوقع عمر لهذا الضريح حوالي 200 سنة، كما يستغرق نصب الضريح الجديد مدة شهر حيث بدأ العمل في نصبه من تاريخ 22 ذي القعدة الحرام ويتأمل الانتهاء من نصبه قبل يوم الغدير الأغر ، ليتم افتتاح الضريح الجديد في هذا اليوم المبارك.
وتُشرف على الحرم منذ عهد قديم هيئة خاصّة تعني به وبمرافقه وتدير شؤون الأوقاف التابعة له، وترعى أمور الزائرين والوافدين.
فضل زيارتها
قال الإمام الصادق (): (إن للجنّة ثمانية أبواب، ثلاثة منها لأهل قم، تقبض فيها امرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنّة بأجمعهم)[بحار الأنوار ج 60 ص 228].
قال الإمام الرضا: (من زارها عارفاً بحقها فله الجنة).[عيون أخبار الرضا ج 2 ص 267]
وقال: (من زار المعصومة بقم كمن زارني)[رياحين الشريعة ج 5 ص 35].
وعن الجواد: (من زار قبر عمتي بقم فله الجنة).[كامل الزيارات ص 536].
((حرم فاطمة المعصومة هو القلب النابض لمدينة قم المقدسة، ومهوى الأفئدة، حيث في كل يوم من قبل طلوع الفجر وإلى ما بعد منتصف الليل في حركة دائبة مستمرة))
بلى والله زرنا سيدتنا معصومه عليها السلام وكانت روضتها من الجنان
بوركت على الموضوع
البغدادي