|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.74 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بلال الحبشی (متجدد)
بتاريخ : 23-05-2008 الساعة : 05:54 PM
1- التعريف بـ ( مؤذن الرسول صلى الله عليه وآله)
هو بلال. هكذا سماه أبوه رباح، وقيل: رياح.
واسم أمه (حمامه) وكانت أمة عند قوم يدعونَ بني جمح، كما كان الأب رباح خادماً لـ (أمية بن خلف) أحد أشراف مكة وأغنيائها..
وكانت ولادته في السنة العاشرة المعروفة بعام الفيل، وبذلك يكون قد مضى على عمر الرسالة أيضاً عشرُ سنوات.
وكني بـ (أبو عبد الله).. بالإضافة إلى كنيتين أخرتين هما: (أبو عمرو)، و(أبو عبد الكريم)، وقد ذكر البعض الكنية الأولى كالآتي: (أبو عمر) وهو ليس بصحيح.
أما موطنه الأصلي فكان الحبشة لذا كان يلقب بـ: بلال الحبشي..
وتعدد وصفه بما يلي على مرّ مراحل حياته:
كان حبشياً، فاحماً أسحم اللون، عجيفاً، مهزولاً، ذا شعر كثيف، خفيف العارضين
وفي وصف آخر: كان شديد السمرة، نحيفاً، مدبد القامة، خفيف العارضين، له شعر كثيف، متواضعاً
2- طفولته
لأن والدته كانت أمة عند بني جمح لذا فقد استرق هو أيضاً عندهم، وبقي يخدم لديهم حتى سن السابعة من عمره إذ توفي والده فاقتضى العرف الجاهلي أن يرث أمية كل شيء يختص بالأب (رباح) ومنها الأرواح (حمامه) و (بلال)..
أخذ أمية بلالاً وأمه كي يعملا خدماً بالعبودية والملكية لديه. وكان وفياً للبيت الذي يخدم فيه.. وكلما كان يكبر بلال كان يقوى جسمه ويشتد عوده وتكون له القدرة على القيام بأعمال أكثر مشقة.
ومن وفائه للبيت الذي يخدم فيه انه لم يفارق سيده أُمية حتى عُرف بظله، لأنه كان يتبعه كظله.
3- كيف كان يتعامل أُمية مع بلال
كان أُمية معجباً بخادمه (بلال)، وكلما مر الوقت زاد هذا الاعجاب، لأنه كان يكتشف فيه خصالاً قلما توجد في العبيد، أهمها: الإخلاص، والنزاهة، والصدق، والطاعة. لذا فقد اكتسب الثقة ونال الرضا.
وكان أمية يؤثر بلالاً على كل شيء من بين سائر العبيد والارقاء..
وعندما أصبح بلال رجلاً اعتمده أمية مندوباً عنه على قافلة تجارية تتجه نحو الشام، وأمره أن يتوجه إلى الكعبة قبل تحرك القافلة ليتعبد الأصنام ويطلب منها البركة.
4- بلال عند الأصنام
وحسب الأمر اتجه بلال نحو الآلهة (الأصنام) ولكنه هذه المرة وقف وقفة تأمل وتفكر.. وتساءل: ما قيمة هذه الحجارة التي لا نفع لها ولا ضر؟!
وكان حولها جمع غفير من الناس يتعبدون بصدق ويبتهلون إلى تلك الحجارة بقضاء الحوائج.. استحقر بلال هؤلاء الناس على ما يفعلون. وترك المكان متجهاً إلى القافلة.. ولكن السؤال مازال قائماً: أحقاً هذه الأحجار هي الآلهة؟!
5- بداية الهداية
ولما وصل بلال بالقافلة إلى بلاد الشام وأكمل التجارة، أخذ بالعودة إلى مكة، وفي طريق العودة وبالتحديد في منطقة (حوران) الواقعة بين الشام والحجاز، وأثناء استراحة القافلة، أخذت بلالاً غفوة من التعب رأى أثناءها حلماً أيقظه ودفعه نحو راهب صالح في تلك المنطقة لكي يفسره له.
وكان تفسير الراهب كالآتي:
إنه قد اقترب زمان ظهور نبيّ يكون خاتم أنبياء الله الكريم وسيظهر من بين العرب فبشرى لهم.
6- حديث مـحمد
وعندما ظهر مـحمد (صلى الله عليه وآله) بالرسالة الإسلامية خاتمة الأديان سمع بلال اسم مـحمد (صلى الله عليه وآله) ودينه في مجالس أسياده حيث يجلسون ويحكون الأخبار ويسخرون من هذا الدين الجديد إلا أن بلالاً كان يرى بأن هذا هو الدين المنقذ.. وهي النبوءة التي حدثه بها الراهب الصالح عندما كان في سفر التجارة.
إن أول مرة يسمع فيها بلال اسم مـحمد (صلى الله عليه وآله) ودعوته إلى الإسلام إنما كانت في مـجالس أمية وليس كما قيل بأن أبا بكر هو الذي بشره وهذا ما أكده حتى كتّاب السنة مثل خالد مـحمد خالد في (ص 150) من كتابه رجال حول الرسول (صلى الله عليه وآله)، والسحيباني في (ص 297) من كتابه صور من سير الصحابة، والسيد الجميلي في كتابه صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) (ص 57) وآخرين.
7- بلال في مواجهة أسياده
قام البعض بالوشياة إلى أمية عن أمر بلال وقالوا له: إن بلالاً يتردد إلى بيت مـحمد ويبصق الآلهة.. لم يتحمل أمية هذا الكلام وبسرعة دخل على غرفة بلال التي اختصها به من دون سائر العبيد، فوجد أمية بلالاً يقرأ القرآن فزاد غضبه.
واجه أمية بلالاً بما سمعه وبلغة الإهانة قال له: أيها العبد الوضيع.. يا ابن السوداء.. أحقاً ما بلغني عنك انك اتبعت ديناً جديداً..
ثم دار نقاش طويل بينهما أسفر عن أن يلطم أمية بلالاً على وجهه ويطلب منه أن يتخلى عن دين مـحمد ويعود إلى دين الآلهة..
رفض بلال باستحقار هذا الطلب.
8- مرحلة الترغيب
ولأن بلالاً كان معتمد أمية وثقته وصاحب صفات حميدة قلما تتوافر في غيره، فقد أرادوا في البداية ان يجعلوه يترك دين مـحمد (صلى الله عليه وآله) بالكلام اللين.
في البداية قال له أمية: قل كما نقول.
أجابه بلال: إنّ لساني لا يحسنه.
قال أمية: قل كلمات خير في آلهتنا، قل ربي اللات والعزة، لنذرك وشأنك..
فقال بلال: أحدٌ أحد..
أما أبو جهل، فقال أمام بلال لأمية: خلّ عنك يا أمية، واللات لن يعذب بلالاً بعد اليوم، إنه منا وأمه جاريتنا، وانه لن يرضى أن يجعلنا بإسلامه حديث قريش وسخريتها..
وبلال أمام هذا المكر لم يقل إلا: أحدٌ أحدٌ.
9- ما لقاه بلال من العذاب
عندما تصلب بلال في موقفه ورفض طلب سيده الذي ما اعتاد على سماع كلمة الرفض.. بدأ بالنيل من بلال..
- التعذيب الأول
ربط في عنق بلال حبلاً، وأمر الصبيان أن يجروه في أحياء مكة ويرموه بالحجارة، ثم يلقوه على الرمال المحرقة في بطحاء مكة وفي حر الظهيرة.. وفعل الصبيان ذلك وكان أمية يرافقهم لكي يراهم كيف يسخرون منه، وهو يقول لبلال: ألا ترجع عن دين مـحمد أيها العبد الذليل.. أنت ذليل، ومـحمد مرتاح فيه بيته.
فما كان جواب بلال بعد كل هذا العذاب والنكال إلا كلمة واحدة كررها عدة مرات، وهي: أحدٌ.. أحدٌ.. أحد.. وهو بها يُعلن عن ثباته على دين مـحمد.
احتار أمية من صبر بلال، بعد ان كرر معه تلك الطريقة من التعذيب وكان الجواب هو الجواب..
- التعذيب الآخر
ولما احتار أمية من صمود بلال، تشاور مع رجالات قريش منهم أبو جهل وأبو لهب وبقية الأشراف، فقال له أبو جهل: أترك لي بلالاً وسأرده عن هذا الدين.. واستجاب أمية فترك الأمر لأبي جهل، الذي قال: سترى غداً يا أمية ما أفعل به..
وفي اليوم التالي أمر أبو جهل عبيد أمية بأن يخرجوا له بلالاً مقيداً بسلاسل الحديد، شبه عارٍ، ويطرحوه أمامه على الرمال المحرقة، وكان حينها جائعاً ظمآناً. ثم أمر أربعة من العبيد أن يحملوا صخرة كبيرة ويضعوها على صدره ظناً منه ان هذا يغير دين بلال..
إلاّ أن بلال لم يقل غير الذي قاله في جواب وسيلة التعذيب السابقة: أحدٌ.. أحدٌ.. أحد..
وعندما سخر أمية من أبي جهل..
هذا الصمود يحتاج منا إلى وقفة إكبار.
10- خيار قتل بلال والإنقاذ الإلهي
قرر أبو جهل أن يقتل بلالاً حتى يكون عبرة لبقية العبيد ولا يتمردوا على دين قريش.. إلا أن أشراف مكة اعتبروا هذا الفعل عاراً عليهم إذ لم يستطيعوا ثني عبدٍ عن الدين الجديد الذي اتبعه.. فقرروا مواصلة تعذيبه بالوسائل المختلفة فإما أن يرجع إلى دين الآلهة أو أن يموت من العذاب..
عندها بعث النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر الذي تربطه العلاقة الوثيقة مع معذبي بلال، كي يشتريه من عندهم، ويعتقه لوجه الله..
ومر أبو بكر على القوم وهم يمتعون نظرهم بأوجاع بلال، فيعرض عليهم عرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون أن يذكر اسمه، فيتشاور القوم فيما بينهم حول الطلب فيجيبوهم بعد المشاورة، ويقول أمية للوسيط: لو أبيت أن تشتريه إلا بأوقيه واحدة لبعتكه بها.
فيرد الوسيط: والله لو أبيتم أنتم إلا مئة أوقية لدفعتها.
11- حلم الحرية
ساءت صورة (العبودية) و (الرقية) لهذا البرعم الناشئ (بلال) وتاق إلى نقيضها (الحرية) فأصبحت هاجس مستقبله.. في سن السابعة حيث كانت رحلة والده إلى الدار الآخرة، كان هناك بصيص أمل بأن ينال ما كان يحلم به إلا أنه وللأسف اقتضى العرف الجاهلي أن يبقى في دنيا (العبودية) للبشر الذين هم مثله وربما يكون أفضل من الكثير منهم..
لم ييأس.. فالحلم (الحقيقة) وليس (الوهم) لا يمكن ان يتبدد بهذه السرعة.. وتأمل في اللحظة الأخرى التي قد يفرضها القدر..
وها هو الآن يتحقق حلم الحرية ومنذ تلك اللحظة قرر بلال ان يهب نفسه لخدمة النبي (صلى الله عليه وآله) وأن لا يفارقه حيث حل أو ارتحل..
12- بلال مع الرسول (صلى الله عليه وآله)
اتفقت كلمة الجميع على أن بلالاً لازم الرسول (صلى الله عليه وآله) منذ أن أسلم حتى رحل إلى الرفيق الأعلى. أخذ يتعلم من الرسول ويعلم الناس، وتحمل مع الرسول كل آلام القوم، حتى كان معه في شِعب أبي طالب عندما حاصرهم المشركون لكي يثنوهم عن الرسالة.
وعندما قرر الرسول (صلى الله عليه وآله) الهجرة إلى المدينة أمره (صلى الله عليه وآله) أن يسبقه إلى المدينة.
وعندما تقرر بناء أول مسجد في الإسلام شارك بلال الرسول (صلى الله عليه وآله) في عملية البناء.
وصحب الرسول (صلى الله عليه وآله) في كل الغزوات وبلا استثناء.
ومن شدّة حبه للرسول (صلى الله عليه وآله) فإنه لم يستطع أن ينام ليلة رحيله (صلى الله عليه وآله) وفي فجر ليلة الرحيل خرج كعادته لكي يؤذن.. حتى وصل إلى (أشهد أن مـحمداً رسول الله...) عندها احتبست الكلمات في فيه، ولم يعد يتمالك نفسه، فأخذت الدموع تنهمر من عينيه انهماراً.. وتبلل خداه، وسمع الناس انقطاع الأذان وبكاء بلال فبكوا في المسجد
ولما دفن (صلى الله عليه وآله) خرج بلال إلى المسجد وجلس في ناحية معتزلاً الناس حزيناً باكياً شارد الفكر، وحان وقت الأذان فلم يؤذن، وقيل له: الأذان يا بلال.. فقال والدموع في عينيه: لن أؤذن بعد اليوم فليؤذن غيري.
13- حب الرسول (صلى الله عليه وآله) لبلال
أما الرسول (صلى الله عليه وآله) فكان دائم السؤال عن بلال حينما يغيب عنه، ودائماً يذكره بالخير، حتى أنه جاء مرة بعض المسلمين إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يستأذنه في أن يزوج إحدى بناتهم إلى رجل عربي سموه فقال (صلى الله عليه وآله): (أين أنتم من رجل من أهل الجنة.. أين أنتم من بلال)..
وكان (صلى الله عليه وآله) يحصّ بلالاً بالجلوس وقتاً طويلاً.. وقد جعل (صلى الله عليه وآله) هذا العبد الحبشي أستاذاً للبشرية كلها في فن احترام الضمير
|
|
|
|
|