ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رُوِيَ عن النبي صلّى الله عليه وآله أنهُ قَالَ: ((مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: "اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ" أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ))..
هذا الذكر وغيره من الأذكار الشريفة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام لهي دروس نتعلّم ونتفكّر بها بالإضافة الى الثواب الذي أُعدّ لها..
ومن هذه الدروس التي يمكننا أن نتعلّمها هي الإقرار بالنعم بأنّها من عند الله سبحانه وتعالى وحده لا يشاركه فيها أحد وانّها لا تعد ولا تحصى كما قال تعالى في كتابه الكريم ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ))النحل : 18، ويجب إبداء الشكر والحمد على هذه النعم الجليلة، مع أنّنا لن نتمكن من أداء شكرها حقيقة، وهذا ما أوضحه الامام السجّاد عليه السلام بقوله ((فَكَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِ الشُّكْرِ، وَشُكْرِي إيَّاكَ يَفْتَقِرُ إلى شُكْر))، وقال داوود عليه السلام مخاطباً ربّه ((يا رب.. كيف اشكرك وانا لا استطيع ان اشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك))..
لذلك قال تعالى في الآية السابقة بأنه سيغفر لنا ويرحمنا، فالله سبحانه وتعالى لعلمه بقصورنا عن إدراك حقيقة الشكر أراد منّا بأن نعتقد جازمين بأنّ كلّ النعم هي من عنده وحده لا شريك له فيها وهذا هو الشكر، ويشهد بذلك ما روي: ((أن الله -عز وجل- أوحى إلى موسى (عليه السلام): يا موسى! اشكرني حق شكري. فقال: يا رب! كيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي؟ قال: يا موسى! الآن شكرتني، حيث علمت أن ذلك مني))، وتبلغ غاية الشكر هو بالاقرار والاعتراف بعجزه عن أداء حق الشكر، إذ حتى الشكر هو نعمة من الله تعالى تستحق الشكر..
وعلينا أن لا ننسى بانّ نعم الله تعالى هي امتحان وابتلاء، يمتحن بها خلقه، فيبرز من يشكر ومن يكفر، فقد قال تعالى ((فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ))الفجر: 15، 16..
لذلك جاء في هذا الذكر الشريف انّ من ردّده أدّى شكر ذلك اليوم، وهذا ما جاء على لسان سليمان عليه السلام بقوله تعالى ((قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ))النمل : 40
على انّ الشكر مثلما يكون لفظياً يجب أن يكون عملياً، فما أنعم الله تعالى علينا من الحواس يجب أن نستخدمها فيما يرضيه تعالى والورع عن محارمه وهذا ما أشار اليه الامام الصادق عليه السلام ((شكر النعمة اجتناب المحارم))..
هذا وقد وعد الله تعالى الشاكرين لأنعمه بالزيادة وهو قوله تعالى ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ))إبراهيم : 7..
نسأل الله تعالى أن نكون وإياكم من الشاكرين الحامدين...