التشيع لغة : هو المشايعة أي المتابعة والمناصرة والموالاة ( 1 ) .
فالشيعة بالمعنى اللغوي هم الأتباع والأنصار وقد غلب هذا الإسم على أتباع علي عليه السلام حتى اختص بهم وأصبح إذا أطلق ينصرف إليهم .
وبهذا المعنى اللغوي استعمل القرآن الكريم لفظة الشيعة كما في قوله تعالى : * (وإن من شيعته لإبراهيم) * 83 الصافات وكقوله تعالى : * ( هذا من شيعته وهذا من عدوه ) * 15 القصص .
التشيع إصطلاحا : هو : الإعتقاد بآراء وأفكار معينة وقد اختلف الباحثون في هذه الأفكار والآراء كثرة وقلة وسيمر علينا ذلك مفصلا فالتشيع بالمعنى الثاني أعم منه بالمعنى الأول : وبينهما من النسب عموم وخصوص مطلقا والعموم في جانب التشيع بالمعنى الثاني لشموله لكل منهما .
وانطلاقا من كون التشيع اعتقادا بآراء معينة ذهب العلماء والباحثون تبعا لذلك إلى تعريفه على اختلاف بينهم في سعة مدى هذه التعاريف وضيقه وإليك نماذج من تعريفاتهم :
1 - الشهيد الثاني في كتابه شرح اللمعة قال : " والشيعة من شايع عليا - أي اتبعه وقدمه على غيره في الإمامة وإن لم يوافق على إمامة باقي الأئمة ، فيدخل فيهم الإمامية والجارودية من الزيدية والإسماعيلية غير الملاحدة منهم والواقفية والفطحية " ( 1 ) .
2 - الشيخ المفيد في كتاب الموسوعة كما نقله عنه المؤلف قال : " الشيعة هم من شايع عليا وقدمه على أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله واعتقد أنه الإمام بوصية من رسول الله أو بإرادة من الله تعالى نصا كما يرى الإمامية أو وصفا كما يرى الجارودية " . وقد نقل هذا المضمون نفسه كامل مصطفى الشيبي في كتابه الصلة ( 2 ) .
3 - الشهرستاني في الملل والنحل قال : " الشيعة هم الذين شايعوا عليا وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصاية أما جليا وأما خفيا واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده "( 3 ) .
4 - النوبختي في كتابه الفرق قال : " الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي ومن وافق مودته مودة علي " ( 4 ) .
5 - محمد فريد وجدي في كتابه دائرة معارف القرن العشرين قال : " والشيعة هم الذين شايعوا عليا في إمامته واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده ويقولون بعصمة الأئمة من الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري
قولا وفعلا إلا في حال التقية إذا خافوا بطش ظالم " ( 1 ) .
هذه النماذج من التعريفات إنما قدمتها لنعرف ما هي مقومات التشيع في نظر الباحثين ، وقد تبين من بعضها : الإقتصار على وصف الشيعة بأنهم يقدمون عليا على غيره لوجود نصوص في ذلك أو وجود صفات اختص بها ولم تتوفر لغيره والواضح
من ذلك أن جوهر التشيع هو الالتزام بإمامة علي وولده وتقديمه على غيره لوجود نصوص عندهم في ذلك وينتج من ذلك الالتزام بأمرين :
الأول : بما أن الإمامة وليدة النصوص فهي امتداد للنبوة يترتب عليها ما يترتب على النبوة من لوازم عدى الوحي فإن نزوله مختص بالأنبياء .
والثاني : أن الإمامة لا تتم بالانتخاب والاختيار وإنما بالتعيين من الله تعالى فهو الذي ينص على الإمام عن طريق النبي ، وإنما يختاره لتوفر مؤهلات عنده لا توجد عند غيره .
أما الزيادة على ما ذكرناه والتي وردت في التعريفات التي نقلناها والتي قد توجد في كتب الشيعة الأخرى فهي مستفادة من أخبار وهي أعم من كونها من أصول المذهب أو من أصول الإسلام كما سنرى ذلك فيما يأتي أن الغرض من هذه الإشارة
هو إلقاء الضوء على نقطة يؤكد عليها الباحثون عند استعراضهم لذكر الشيعة وعقائدهم : ألا وهي التأكيد على إدخال آراء أريد لها أن تكون خيوطا تصل بين التشيع واليهودية ، أو النصرانية ، أو الزندقة ، ومحاولة إيصال التشيع لعرقيات معينة ،
وهي محاولة لا تخفى على أعين النقاد بأنها غير موضوعية ، إن هذه المحاولة تريد تصوير التشيع بأنه تطور لا كما تتطور العقائد والمذاهب الأخرى ، وفي التوسع وقبول الإضافات السليمة نتيجة تبرعم بعض الآراء وإنما هو تطور غير سليم وغير نظيف أفسد مضمون التشيع .