|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
: الصدِّيقَةُ الزهراء :عليها السلام: : رائدةٌ في القانون والحقوق :
بتاريخ : 25-04-2012 الساعة : 06:30 AM
: الصدِّيقَةُ الزهراء :عليها السلام:
: رائدةٌ في القانون والحقوق :
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
حينما نُطالع مُحاجَجَة الصدِّيقة فاطمة الزهراء:ع: للقوم الذين غصبوا منها فدكاً ظلما وعدوانا .
:: والتي هي واحة في الحجاز على مقربة من خيبر
كان أهلها من المزارعين اليهود اشتهرتْ قديماً بثمرها وقمحها
أرسل النبي :ص: علياَ على رأس مائة من رجاله لمحاربتهم ثم صالحهم على املاكهم سنة 7 ه
فوهبها لفاطمة الزهراء:ع: وجَعلتْ فاطمة عاملها فيها .
وبعد وفاة الرسول عزلوا عاملها وصادروها::
:معجم البلدان : ياقوت الحموي :ج4 : 238ص - 239
نجدها :عليها السلام: قد نهجتْ نهجاً رائعا في قانونيته وحقوقيته
مما يكشف عن مدى إحاطتها العلمية والثقافية بكل ما تشتمل عليه منظومة القانون والحقوق وخصوصا في إطاره الإسلامي الأصيل .
ومعلومٌ أنَّ القانون هو أمر كلي وإطلاقي في إنطباقه على جزئياته وأفراده.
ولذا به إحتجَّتْ الزهراء:ع: على الغاصب الأول في تبعيضه التنفيذي له .
حينما ورثَ أباه ولم يُمكِّنها من وراثة أبيها:ص:
فقالت له: أترثُ أباك ولا أرث أبي :ص:
والحق أيضاً هوذلك الشيء المعلومٌ ثبوته لصاحبه ملكاً وتصرفا ونقلاً وتوريثاً وإسقاطا.
ومن هنا تمسكتْ:عليها السلام: بحقها في فدك.
وبهذه الثنائية ثنائية معرفة القانون والحق تحرَّكت الزهراء فاطمة:ع: في نهضتها القيَميَّة نهضة إسترجاع العمل بالقانون الحق والحقوق السليبة .
وهذا حصل ما فعلا بعد شهادة أبيها النبي محمد
:صلى الله عليه وآله وسلّم:
ومنعها من حقّها و إرثها في فدك وقد ملكه إيّاها رسول ألله :ص : في حياته الشريفة
فعن الإمام موسى الكاظم:عليه السلام:أنه قال:
إنَّ الله تعالى لما فتح على نبيه : صلى الله عليه وآله :: فدك وما والاها –
ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب –
أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله :
(( وآت ذا القربى حقه ))
فلم يدرِ رسول الله صلى الله عليه وآله مَن هم
فراجع في ذلك جبرئيل عليه السلام
فسأل الله تعالى عن ذلك
فأوحى إليه :
أن ادفع فدك إلى فاطمة صلوات الله عليها
فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال لها : يا فاطمة إنَّ الله سبحانه أمرني أن أدفع إليك فدك
فقالت : قد قبلتُ يا رسول الله من الله ومنك .
فلم يزل وكلاؤها ، فيها في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله
، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها ، فأتته
فسألته أن يردَّها عليها
فقال لها : إيتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك ،
فجاءت بأمير المؤمنين علي:عليه السلام :
والحسن والحسين :عليهما السلام : وأم أيمن
فشهدوا لها ، فكتب لها بترك التعرض لها
فخرجت - والكتاب معها - فلقيها عمر بن الخطاب
فقال لها .
ما هذا معك يا بنت محمد ؟
فقالت : كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة .
قال : أرينيه ، فأبَتْ ، فإنتزعه من يدها ونظر فيه ، وتفل فيه ، ومحاه ، وخرقه
وقال : هذا الآن أباك لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وتركها ، ومضى:
:المقنعة :المفيد:ص290.
وبعد ما سلبه الغاصب الأول:أبن أبي قحافة: مباشرةً
وادَّعى أنه فيء للمسلمين
إنَبرَتْ الصديقة الزهراء :ع: للمطالبة بحقها في فدك
واعتبرت استيلاء الأول على فدك غصبا
وامراً غير قانوني وغير شرعي وغير حقوقي لايمكن السكوت عنه .
والمُلاحظ تأريخيا أنَّ الزهراء :ع : إتَّبعَت في منهجيَّة العمل على استرجاع حقها السليب من الغاصب الاول
أربع خطوات وهي كالآتي .
:1:
:الخطوة الاولى :
ممارسة الجدل الشرعي والقانوني مع الغاصب الأول لفدك وعملت على ابطال دعواه في أنَّ فدكاَ فيءٌ للمسلمين
فأشهدتْ :عليها السلام: علي :عليه السلام:
وأم أيمن وهي ممن شهدَ لها رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها ذلك فاطمة
:عليها السلام :
فردَّ أبو بكر شهادتها
وقال : عليٌ جارٌ إلى نفسه
وشهادة أم أيمن وحدها لا تجوز .
فقالت فاطمة عليها السلام :
إنْ لا يكن ذلك ، فميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله .
فقال : إنَّ الأنبياء لا يُورِّثون .
فقالت :عليها السلام:
يا ابن أبي قحافة أ في الكتاب أن ترثَ أباك ولا أرث أبي !
لقد جئتَ شيئا فريَّا .
جرأة منكم على قطيعة الرحم ونكث العهد .
أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم
إذ يقول :
{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ }النمل16
وفيما اقتص من خبر يحيى وزكريا إذ يقول :
{ فهب لي من لدنك وليا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }مريم6
وقال عز وجل :
{يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }النساء11
وقال تعالى :
(( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ))البقرة180
وزعمتم أن لاحظَّ لي ولا إرث من أبي .
أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟
أم تقولون : إنَّ أهل ملتين لا يتوارثان ؟
أو لستُ أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟
أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم ممن جاء به
:شرح الأخبار :القاضي النعمان المغربي :ج3:ص36:37
:2:
:الخطوة الثانية:
عرضتْ :ع: مظلوميتها على الناس ومارستْ التشهير المُحق بالغاصب الأول لحقها وحق بعلها :علي :ع:
وخاصة امام المها جرين والانصار ووبَّختْ الساكتين عن غصب الحقوق .
فجاء في التأريخ:
ثم عَدلتْ: صلوات الله عليها : إلى مجلس الأنصار
فقالت :
معاشر البقية وأعضاد الملة وحصون الاسلام
ما هذه الفترة في حقي والسِنَة :الغفوة: عن ظلامتي ؟
أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبي يقول :
المرء يحفظ في ولده .
سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم .
ثم تقولون مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه :خرقه:، واستشمر فتقه
لفقدان راتقه فاظلمّتْ البلاد لغيبته واكتئب خيرة الله لموته
:شرح الأخبار :القاضي النعمان المغربي :ج3:ص36:
ثم قالت:عليها السلام:
أبني قيلة : أرادت الأوس والخزرج ، قبيلتي الأنصار
وقيلة : اسم أم لهم قديمة ، وهي قيلة بنت كاهل
اُهتضمُ تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع !
تلبسكم الدعوة ، ويشملكم الجبن ، وفيكم العدة والعدد ، ولكم الدار والجنن
وأنتم نخبة الله التي امتحن ، ونحلته التي انتحل ، وخيرته التي انتخب لنا أهل البيت
فنابذتم فينا العرب ، وناهضتم الأمم وكافحتم البهم ، لا نبرح وتبرحون ، ونأمركم فتأتمرون
حتى دارت بنا وبكم رحى الاسلام ، ودر حلب البلاد ، وخضعت بغوة الشرك ، وهدأت روعة الهرج ، وخبت نار الحرب ، واستوسق نظام الدين ،
فأنى جرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الإقدام ، عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون .
ألا أرى والله أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ، فعجتم عن الدين
ومججتم الذي استوعيتم :
:دلائل الإمامة : محمد بن جرير الطبري :الشيعي:ص121
:3:
:الخطوة الثالثة:
وفيها إتبعت المقاطعة الشخصية مع غاصبي حقها وخاصة الغاصب الأول والمعتدي الثاني وإحتساب الامرعند ألله تعالى .
وتجلى ذلك بقولها:عليها السلام:
ألا وقد قلتُ الذي قلتْ على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ، ولكنها فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثة الصدر ، ومعذرة الحجة .
:دلائل الإمامة :محمد بن جرير الطبري :الشيعي:ص122.
: فحلفتْ أن لا تكلِّمهما ، وماتتْ ساخطةً عليهم :
:نهج الحق وكشف الصدق :العلامة الحلي:ص357
:4:
:الخطوة الرابعة:
وفيها لجأت الزهراء :ع: في نهاية المطاف الى الدعاء والإستعانة بالله تعالى على الظالمين
والدعاء سلاح المؤمن
فقالتْ:ع:
، فدونكم فاحتقبوها :ادخروها:
دبرة الظهر أي: القرحة والجرح الذي يكون في ظهر الدابة والبعير :
، ناقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد
موصولة بنار الله الموقدة ، التي تطلع على الأفئدة ،
إنَّها عليهم مؤصدة ، في عمدٍ مُمَددة . فبعين الله ما تفعلون ،
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فاعملوا إنا عاملون ، وانتظروا إنا منتظرون ،
( وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار )
( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )
( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه )
( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)
:دلائل الإمامة :محمد بن جرير الطبري :الشيعي:ص122.
هذا هو المنهج الحق الذي اتبعته الزهراء :ع :في محاولة استرجاع حقها في فدك
إذ أنَّه مثّلَ صورة من صور التمسك بالحقوق السليبة وفضح الغاصبين
والتبري منهم علنا ورغم أنَّها لم تحصل على فدك
لكنها أدت وظيفتها الشرعية والقانونية برفضها العملي للغاصبين .
والذي يمكن أن نخلص إليه هو ضرورة العمل على حفظ القوانين الإسلامية القويمة مفهوما وتطبيقا في كافة مناشط الحياة البشرية.
وحفظ الحقوق لنا وعلينا فهما وتنفيذا
وهذا ما صنعته الزهراء:ع: بمُطالبتها بحقها في فدك.
فالقانون إذا أختفى عن الميدان فيقيناً سيحل الفساد والإخلال في نظام الحياة والبشر والتجربة أثبتت ذلك.
وكذا إذا غُيِّبَتْ الحقوق وصودرت من الطبيعي أن يبسط الباطل نفوذه واقعا.
وبالتالي يخسر الإنسان والمجتمع خسرانا مبينا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
|
|
|
|
|