إصدرت إدارة مهرجان السفير الثقافي الأول رسالتها الافتتاحية لهذا المهرجان، وفيما يلي نصها:
«إني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي؛ مسلم بن عقيل» ـ الإمام الحسين (صلوات الله عليه).
لما هلك معاوية بن أبي سفيان واستلم يزيد الحكم، تنفس العراق الصعداء، وبادر زعماء الكوفة إلى عقد مؤتمر شعبي عرضوا فيه ما أصاب بلدهم من جور وظلم واضطهاد، وانه لا يمكن لبلدهم أن يعود إلى مكانته الريادية إلا في ظل حكومة الإمام الحسين (عليه السلام)، فرفعوا إليه مئات الرسائل وعشرات الوفود وهم يطلبون المجيء إليهم.
وقد تجلت حكمة تعامل ريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الظرف العصيب، لعلاج أحرج مرحلة قائمة، كونه لم يذهب بنفسه إليهم ولم يجب الكوفيون جواباً نهائياً، بل رأى الإمام الحسين (عليه السلام) أن يوفد لهم ممثلاً عنه ليختبر الأوضاع ويعرفه بها، وذلك لعلم الإمام (عليه السلام) أن معاوية قد قتل ونكل وشرد أغلب الموالين لأهل البيت على حساب بقية التوجهات والقوميات والأجناس في الكوفة آنذاك، فلم يجد في بني هاشم العلى وهم سادات العرب بأليق من ممثله ورسوله العظيم مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو من أفذاذ البيت النبوي تقوى وعلماً وتحرجاً في الدين، فكلفه المهمة وانطلق من مكة في ليلة النصف من شهر رمضان المبارك سنة 60 هـ، وكلمات الإمام ترن في مسامعه: «إني موجهك إلى أهل الكوفة, وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامضِ ببركة الله وعونه».
ودخل مسلم مدينة الكوفة في الخامس من شوال وفي يده وثيقة السفارة الحسينية الخالدة: «من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين.. أما بعد، إن هانئاً وسعيداً قدما بكتبكم، وكانا آخر مَن قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام، فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق، وقد بعثتُ إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب أنه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم وقرأتُ من كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله، والسلام».
فكان استقبال المبعوث الحسيني في الخامس من شوال استقبالاً حافلاً يليق بكيانه وشأنه وعنوانه، كنائب عن سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام).
وإحياءً لهذه المناسبة العظيمة، شرعت أمانة مسجد الكوفة المعظم والمزارات الملحقة به إلى إقامة مهرجانها السنوي الخاص بالسفير مسلم بن عقيل (عليه السلام)، لتعلن أن الكوفة ماضية في وقوفها مع الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، مهما حاول الظالمون المستبدون والطغاة من خلال صفحات التاريخ المأجورة أن ينالوا منها، ما دام علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد غرس بتربتها بذرة الولاء له ولأهل بيته، وهل تنمو الورود إلا بين الأشواك؟
هذه مدينة الكوفة العلوية، المبدأ والمعاد، وهذا مسجدها المعظم وهذا مهرجانها.