عندما ننقاش قضيّة إسلام الإمام علي صلوات الله عليه ننقاشها من وجهةٍ ظاهريةٍ فقط، من حيث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أُمر بتبيلغ الرسالة وعمره أربعون عاماً وكان عمر الإمام علي عشر سنوات، واللحظة التي نزل فيها جبرائيل عليه السلام في غار حراء لتبليغ رسول الله صلى الله عليه وآله وقال له : إقرأ ، كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه معه وهو أول من أسلم.
أما بعقيدتنا نحن أتباع أهل البيت من حيث الوجهة الباطنية للأمور نحن نعتقد بنبوة رسول الله محمد صلّى الله عليه وآله قبل مجيئه الى عالم الدنيا كما قال رسول الله صلوات الله عليه وآله : " كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين" وكذلك سيّد الأوصياء علي صلوات الله عليه قال : " كنت مع كل الأنبياء سرّاً ومع رسول الله جهرة".
نحن نعتقد بأنّ أهل البيت ليسوا فقط مؤمنين بل هم الإيمان نفسه وأصله وفرعه ومنتهاه كيف لا وهو نور الله الذي لا يطفأ وباب الله الذي لا يؤتى إلا منه وعيبة علم الله سبحانه وتعالى وهم معلمو الملائكة قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "سبّحنا فسبّحت الملائكة فهلّلنا فهلّلت الملائكة فكلّ تسبيح وتهليل الملائكة هو من تعليمي وتعليم أخي علي".
إذن نبدأ بالحديث من وجهة ظاهرية فقط :
إعترف المؤرخون والمحدثون، أن أول رجل إعتنق الاسلام واستجاب لدعوة نبي الاسلام (صلى الله عليه واله وسلم) هو الامام علي عليه السلام ، وجاء إيمانه على الصورة الاتية.
دعا نبي الاسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) الناس الى الإسلام لمدة ثلاث سنوات بعد البعثة بصورة سرّية. فكان الامام علي عليه السلام أول من آمن بالنبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وبعده السيدة خديجة الكبرى عليها السلام، وكان هؤلاء الثلاثة يقيمون صلاة الجماعة بصورة سرية .
أمر الله عز وجل نبيّه (صلى الله عليه واله وسلم) بعد ثلاث سنوات من البعثة الشريفة بإبلاغ الرسالة وإظهارها، فنزلت عنها الاية الشريفة : 214 من سورة الشعراء :
" وأنْذِر عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِيْنَ " .
فجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعين شخصاً من بني هاشم من أعمامه وأبناء أعمامه في دار أبي طالب عليه السلام، وبعد ما أكلوا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبلّغ رسالته ويظهرها، بادره أبو لهب بالصّياح والضجيج فتفرّق القوم، وطبقاً لقول بعضهم، أن أبا لهب قام بنفس العمل في المجلس الثاني الذي رتّبه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لدعوته .
ثم بادر(صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الثالث وجمع أهله وعشيرته وأمر الامام علي عليه السلام أن يصنع له طعاماً يكفي ل "40 الى 45 " شخصاً .
ولما حضر الطعام وأكلوا، فهم أبو لهب أن المجلس معقود لأجل إظهار رسالة النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) فأراد أن يبادر مرة أخرى لتفريق القوم ولكن حماية أبي طالب والمبادرة السريعة من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) أفشل مؤامرة أبي لهب فاستطاع ان يبلغ بهذه الصورة رسالته وقال: "يا بني عَبْدِ المطلبِ واللهِ ما أعَلَمُ شَابّاً فِي العَرب جِاءَ قَوْمَهُ بأفضلِ ممّا جئتُكُم بهِ إنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بخير الدُّنيا والآخرة وَقَدْ أمَرَنِي الله تعالى أنْ أدعُوكُم إليهِ فأيّكُمْ يُؤازرني على هذا الأمر أنْ يكون أخي وَوَصييّ وخَلِيفتي فِيْكُمْ" ، فخيم سكوت ثقيل على أهل المجلس، فذا بشاب يافع يحطم سكوت القوم. وكان هذا الشاب هو الامام علي عليه السلام هو إبن "13" سنة تقريبا قام فقال : "أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه" .
فقال له رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) : اجلس
ثم دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثانية: ولم يكن مجيب سوى علي عليه السلام ثم كرّر السؤال ثالثاً لم يجب أيضا سوى علي عليه السلام .
عندما قال النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) ." إنّ هذا أخي ووصييّ وخَلِيفَتي فِيكُم فاسْمَعُوا لَهُ وأَطِيعُوا لَهُ" .
فقام القوم كلّ يقول كلمة، فغضب أبو لهب فقال لأبي طالب مستهزءاً.
" قد أمرك محمد أن تسمع لأبنك وتطيع".
قال أبو طالب عليه السلام "صه يا أعور، والله لمنعنّه ما بقينا" (أي سأنصره ما دمت حيّاً).
وكان لأبي طالب عليه السلام والد الامام علي عليه السلام دوراّ مهمّاً في إدارة الجلسة وتنظيمها وإعلان وفائه وحمايته لرسول الله صلى الله عليه وآله ما دام حيّاً وإعلان إبنه البطل بشجاعة فائقة أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ووزيره.