وخير ماوجدت من فسر الآيات وبين المعاني هوصاحب تفسير الميزان( رحم الله )
((وانما اوردنه للفائدة والتدبر))
قوله تعالى: «و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب و إن الدار الآخرةلهي الحيوان لو كانوا يعلمون»اللهو ما يلهيك و يشغلك عما يهمك فالحياة الدنيا من اللهو لأنها تلهي الإنسان و تشغله بزينتها المزوقةالفانية عن الحياة الخالدة الباقية.
و اللعب فعل أو أفعال منتظمة انتظاماً خيالياً لغاية خيالية كملاعب الصبيان و الحياة الدنيا لعب لأنها فانية سريعة البطلان كلعب الصبيان يجتمعون عليه و يتولعون به ساعة ثم يتفرقون و سرعان مايتفرقون.
على أن عامة المقاصد التي يتنافس فيها المتنافسون و يتكالب عليها الظالمون أمور وهمية سرابية كالأموال و الأزواج و البنين و أنواع التقدم و التصدر والرئاسة و المولوية و الخدم و الأنصار و غيرها فالإنسان لا يملك شيئا منها إلا فيظرف الوهم و الخيال.
و أما الحياة الآخرة التي يعيش فيها الإنسان بكماله الواقعي الذياكتسبه بإيمانه و عمله الصالح فهي المهمة التي لا لهو في الاشتغال بها و الجد الذيلا لعب فيها و لا لغو و لا تأثيم، و البقاء الذي لا فناء معه، و اللذة التي لا ألم،عندها و السعادة التي لا شقاء دونها، فهي الحياة بحقيقة معنىالكلمة
و في قولهتعالى: «الذين اتخذوا دينهم لهوا و لعبا»دلالة على أن الإنسان لا غنى له عن الدين على أي حال حتى من اشتغلباللهو و اللعب و محض حياته فيها محضا فإن الدين - كما تقدمت الإشارة إليه في تفسيرقوله: «الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجا»الآية - هو طريق الحياة الذي يسلكه الإنسان في الدنيا، و لا محيص له عن سلوكه، و قد نظمه الله سبحانه بحسب ما تهدي إليه الفطرةالإنسانية و دعت إليه، و هو دين الإنسان الذي يخصه و ينسب إليه، و هو الذي يهمالإنسان و يسوقه إلى غاية حقيقية هي سعادة حياته.
فحيث جرى عليه الإنسان و سلكه كانعلى دينه الذي هو دين الله الفطري، و حيث اشتغل عنه إلى غيره الذي يلهو عنه و لايهديه إلا إلى غايات خيالية و هي اللذائذ المادية التي لا بقاء لها و لا نفع فيهايعود إلى سعادته فقد اتخذ دينه لهوا و لعبا و غرته الحياة الدنيا بسراب زخارفها
قوله تعالى: «اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب و لهو و زينة و تفاخر بينكم و تكاثر في الأموال و الأولاد»إلخ، اللعب عمل منظوم لغرض خيالي كلعب الأطفال، و اللهو ما يشغل الإنسان عما يهمه، و الزينة بناء نوع وربما يراد به ما يتزين به و هي ضم شيء مرغوب فيه إلى شيء آخر ليرغب فيه بما اكتسببه من الجمال، و التفاخر المباهاة بالأنساب و الأحساب، و التكاثر في الأموال والأولاد.
والحياة الدنيا عرض زائل و سراب باطل لا يخلو من هذه الخصال الخمس المذكورة: اللعب واللهو و الزينة و التفاخر و التكاثر و هي التي يتعلق بها هوى النفس الإنسانيةببعضها أو بجميعها و هي أمور وهمية و أعراض زائلة لا تبقى للإنسان و ليست و لاواحدة منها تجلب للإنسان كمالا نفسيا و لا خيرا حقيقيا.
و عن شيخنا البهائي رحمه الله أنالخصال الخمس المذكورة في الآية مترتبة بحسب سني عمر الإنسان و مراحل حياته فيتولعأولا باللعب و هو طفل أو مراهق ثم إذا بلغ و اشتد عظمه تعلق باللهو و الملاهي ثمإذا بلغ أشده اشتغل بالزينة من الملابس الفاخرة و المراكب البهية و المنازل العاليةو توله للحسن و الجمال ثم إذا اكتهل أخذ بالمفاخرة بالأحساب و الأنساب ثم إذا شاب سعى في تكثير المال و الولد.
ونسالكم الدعاء
التعديل الأخير تم بواسطة نرجس* ; 22-11-2010 الساعة 10:19 PM.
سبب آخر: تعديل على النص