[مصطفى عسكر]

في آخر تحديثٍ تقنيٍّ لـ"الجوجل إيرث" ، أطلقت خدمة "النقاط الذهبية"، حيث ذكرت تقارير صحفية بريطانية أن مشروعا تقنيًّا جديداً لهذه الشركة، عُرف بـ " خريطة قتلى الحرب" يُساعد في إظهار أماكن وتوقيتات وكذلك الطريقة التي توفي بها كل جندي بريطاني أو أمريكي، أو أيًّا من الذين ينتمون إلى قوات التحالف (الاحتلال) منذ بداية الحرب في أفغانستان يوم السابع من أكتوبر العام 2001، وفي العراق منذ التاسع من نيسان العام 2003، حتى الآن، الأمر الذي يعني كشف ما خبأته الحرب من خسائر!.
لقد كانت التكنولوجيا في دائرة الجدل فيما اذا كانت سوف تنقلب ضد الإنسان، ويبدو أن"جوجل إيرث"، لاسيما نسخة 2007، قد قلبت المعادلة، إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمته في بداية حربها على العراق في خريف العام 2003م، بدأت وحليفتها إسرائيل في التذمر من هذا البرنامج الذي شكل صيداً ثميناً للحركات المسلحة في فلسطين والعراق.
وعلى سبيل المثال، لا الحصر، أكدت فصائل المقاومة في قطاع غزة – فلسطين – أن البرنامج أتاح لها القدرة على ضرب الأهداف العسكرية بعد تحديدها، كما وفر لها الإحداثيات الجديدة أولاً بأول.
وفي هذا الصدد؛ حذرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية من أن البرنامج المطور والذي يتضمن أرشيفاً لصور ملتقطة بالأقمار الصناعية جعل من هذه المواقع أهدافاً سهلة، منوهة إلى أن جوجل إيرث صور الأقمار الصناعية الخاصة بإسرائيل وضاعفت تقريباً من درجة وضوحها ودقتها خلال الأيام الأخيرة.
وبحسب الصحيفة فإن "الصور تتكون من بيكسل واحد لكل مترين مربعين بالمقارنة إلى الصور السابقة التي تتكون من بيكسل واحد لكل 10- 20متراً مربعاً على الأرض"، في حين زعمت تقارير صحفية "إسرائيلية"، يوم الأحد الفائت، أن جهاز استخبارات غربي طلب في العامين الأخيرين صورًا من الأقمار الاصطناعية لمواقع عسكرية سرية على مقربة من الحدود السورية اللبنانية، حيث قالت صحيفة "هاآرتس" العبرية إنه "تم تصوير مساحة غير كبيرة شمالي غرب سوريا ليس أقل من 16 مرة"، ووفقاً للصحيفة فإن الصور تحمل توقيع "جوجل إيرث"!.
وحول استخدام الحركات المسلحة للبرنامج، قال أبو مجاهد الناطق الإعلامي باسم ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية: إن "عناصر الألوية يعتمدون برنامج (جوجل إيرث) الذي يكشف البلدات الإسرائيلية ويجعل منها مرمى سهلا للمقاومة الفلسطينية، لكن هذا الاعتماد ليس كاملاً، منوها بأن "هناك وسائل وطرق أخرى تتبعها المقاومة الفلسطينية في استهداف البلدات الإسرائيلية وتصيب الهدف بدقة أيضا".
وأضاف في حديثهِ "أن النسخة الحديثة من برنامج "جوجل إيرث 2007" تساعد المقاومة الفلسطينية في كشف الهدف وقياس المدى وهو أمر من شأنه أن يسهل عملية قياس مدى الصواريخ وانسجامها مع المدى المطلوب"، نافيًّا في الوقت نفسه أن يكون حجب البرنامج ذا أثرٍ على المقاومة لأن لها مصادر أخرى.
وفي حادثةٍ أخرى؛ دخلت إسرائيل في نزاع مع شركة جوجل إيرث، بعد أن اعترضت السلطات في بلدة "كريات يام" على قيام فلسطيني بكتابة معلومات عنها في برنامج "جوجل إيرث" - التي تصممه الشركة لمعرفة الأماكن عن طريق صور من الأقمار الصناعية- تفيد أنه تم إنشاؤها على أنقاض بلدة عربية بعد حرب 48، إلا أن "جوجل" ردَّت الشكوى، رافضة إزالة المعلومات التاريخية، في حين علق الفلسطيني تميم دربي الذي كتب هذه المعلومات بقوله إنه لا يمانع إزالة تعليقه على خريطة الجوجل إذا وجد أن معلوماته غير دقيقة!.
وأشارت شركة "جوجل إيرث" إلى أنها أنتجت خدمة جديدة هي عبارة عن شبكة متلألئة من النقاط الذهبية (صفراء اللون) تستخدم في صورة خيالات بشرية نحيفة – للإشارة إلى الجنود الذين لقوا حتفهم خلال مشاركتهم في حربي العراق وأفغانستان منذ بدايتهما وإلى الآن، في حين أكدت تقارير صحافية بريطانية أن المشروع التقني الجديد الذي يُعرف بـ " خريطة قتلى الحرب" يُساعد في إظهار أماكن وتوقيتات وكذلك الطريقة التي توفي بها كل جندي بريطاني أو أمريكي أو أي من الذين ينتمون لقوات التحالف منذ بداية الحرب في أفغانستان يوم السابع من أكتوبر عام 2001 وحتى الآن.
وقالت صحيفة: "الدايلي ميل" أن أحد مهندسي جوجل إيرث هو من قام بتصميم تلك الخدمة في أثناء وقت فراغه، وأشارت إلى أن الخريطة ترسم خط في جميع أنحاء العالم يمكنه أن يربط ما بين مسقط رأس كل جندي وبين تلك الأماكن التي لقوا فيها حتفهم أثناء خدمة بلادهم، وأوضحت الصحيفة أن بإمكان الزائرين مشاهدة الصور الشخصية لهؤلاء الجنود، ومعرفة الطريقة التي لقوا حتفهم من خلالها، والقيام في الوقت ذاته بتقديم مواساتهم عبر سجل خاص بالزوار عن طريق استخدام الإصدار الخامس من جوجل إيرث، الذي يمكن تحميله بصورة مجانية.
واستعان مبتكرالتقنية سين أسكاي ببعض المصادر الأخرى لتعزيز معلوماته، وقد كان من بينها موقع icasualties.org وكذلك شعبة تحليل المعلومات الإحصائية بوزارة الدفاع الأمريكية، وقال في مدونته عن البرنامج: " من الضروري أن نتذكر أن هناك قصة بطولية ثرية لكل مجند ومجندة من الذين زُهقت أرواحهم. وقد قمت بتصميم خريطة لجوجل إيرث سوف تربطكم بجميع حكاياتهم – وستتمكنون من مشاهدة صورهم، والتعرف بشكل أكبر على الطريقة التي توفوا من خلالها، وسيمكنكم أيضاً زيارة المواقع الإلكترونية التذكارية التي تحتوي على تعليقات من الأصدقاء والأقارب، والتعرف أيضاً على الأماكن التي ولدوا بها وكذلك تلك الأماكن التي لقوا حتفهم فيها".
وظهرت الخلافات بين شركة جوجل ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مع قيام الأولى بنشر صورٍ لقواعد عسكرية أمريكية، الأمر الذي دفع البنتاجون إلى منع الشركة من تصوير القواعد العسكرية الأمريكية، كما بعث بأوامر إلى كافة قواعده ومنشآته في أرجاء الولايات المتحدة، مطالبًا فيها القيادات بعدم السماح لفريق جوجل إيرث بأخذ صور فيديو بانورامية من داخل هذه المؤسسات.
وجاءت تلك الخطوة بعد اكتشاف صوراً لقاعدة فورت سام العسكرية بولاية تكساس ضمن خرائط البرنامج، التي أثارت مخاوف البنتاجون؛ لتشكيلها تهديدًا محتملاً لأمن المنشآت العسكرية وللأمن القومي الأمريكي، خاصة وأنها غطت زوايا الرؤية بمعدل 360 درجة، وتضمنت مواقع الحواجز والقيادة والتسهيلات، فضلاً عن كيفية الخروج والدخول إلى المباني وإجراءات الأمن المتبعة عند بواباتها، وهو ما يمكن أن يستخدم من قِبل الاخرين.
ورغم أن فرق جوجل قد دخلت قواعد الجيش الأمريكي بإذن مسبق لإعداد الخرائط، فضلاً عن أن العديد من تلك الصور تم التقاطها من الشوارع، وهو ما يعني أنه لا يحق للجيش الأمريكي ـ قانونًا ـ المطالبة بإزالتها، إلا أن جوجل أزالت بعض تلك الصور والخرائط من خدمتها الخاصة بخرائط الشوارع بناءً على طلب من البنتاجون.
وليست الولايات المتحدة، وإسرائيل، وحدهما من اعترض على البرنامج، بل ثمة عدد من الانتقادات من مجموعات ذات مصالح خاصة، بما في ذلك مصادر رسمية قومية كنوع من أنواع انتهاك الخصوصيات، فقد عبر الرئيس الهندى السابق ايه بى جى عبد الكلام عن قلقه من توافر صور عالية الدقة من المواقع الحساسة في الهند، في حين ذكرت منظمة أبحاث الفضاء الهندية أن جوجل إيرث تشكل تهديد على الهند، كما اعترف المسلح الوحيد الناجي من هجمات مومباي 2008 أنهم كانوا يستخدمون البرنامج ليتعرفوا بأنفسهم على المواقع والمباني التي استخدمت في الهجمات.
وأعربت حكومة كوريا الجنوبية عن قلقها من أن البرنامج يوفر صورا لقصر الرئاسة والعديد من المنشآت العسكرية التي يمكن استخدامها من قبل جارتهم المعادية كوريا الشمالية، وفي العام 2006، رصد مستخدم واحد نسخة طوبوغرافية مطابقة لمنطقة نائية في الصين، وفي يوليو 2007، تم الإبلاغ بأنه تم تصوير الغواصة النووية ذات الصواريخ البالستية Jin-class الجديدة الخاصة بالبحرية الصينية في قاعدة الغواصة في جنوب داليان.
ويخرج (جوجل إيرث) عن المألوف عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى الخرائط الجغرافية، فهو لا يوفرها فقط، بل ويمتاز بقدرته على تكبير حجم الصور، واختيار المقطع المطلوب بكل دقة.
ووفقاً لموقع (جوجل إيرث) – النسخة العربية – فإن تقدم تقنية البرنامج أتاحت المساعدة في مجالات الأمن والدفاع والاستخبارات – للولايات المتحدة الأمريكية - من خلال:
• بيانات متطورة لتحديد أبعاد الأماكن
• لا توجد أداة مثلها قادرة على توفير بيانات أفضل عن المواقع وأبعاد الأماكن.
• تعاون سهل
• من خلال نقرة ماوس واحدة، يمكن إرسال الصور والمناظر بالبريد الإلكتروني وطباعتها وإتاحتها للمشاركة.
• تخطيط المهام والتدريب عليها ومحاكاتها
• توزيع الصور الجوية على العمليات مترامية الأطراف من الناحية الجغرافية
• العرض المرئي للأصول والموظفين أثناء العمل الميداني
أما فيما يتعلق بالأمن الداخلي – الأمريكي بالطبع – فإن جوجل إيرث تتضمن التطبيقات التالية:

تقييم ثغرات البنية التحتية الهامة وحمايتها
التعرف على موقع الاستجابة الأول وتخطيطه
مشاهدة نموذج من بيانات المراقبة
مجالات الاستخدام في الإعلام

يمثل المنظور المحلي عنصرًا هامًا في أي قصة، ويُعد (جوجل إيرث) الحل الوحيد الذي يتيح للإذاعيين والناشرين ووسائل الإعلام إمكانية تكبير عرض أي موقع على الأرض في ثوانٍ، أينما كانت القصة، ومهما كان وقت حدوثها. يقدم (جوجل إيرث) الأدوات الإعلامية الهامة للتعرف على القصة وروايتها في الوقت الحقيقي.
وثمة عروض مرئية رائعة للجولات والمناظر لاستخدامها في العرض على الهواء مباشرةً وتطبيقات الطباعة، وبيانات تفصيلية حول الأرض تشمل عرض ما يزيد عن 100 مدينة عالمية بدقة عالية، بالإضافة إلى شبكة الطرق الكاملة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وكذلك قوائم دليل ترمز إلى المواقع لملايين من الأنشطة والأعمال التجارية؛ ذلك بالإضافة إلى العناصر الأساسية للمناطق مثل المستشفيات والكنائس والمدارس، ومجموعة تراكب صور قيمة للبيانات مثل مواقع المطارات والحدود السياسية.
حاز (جوجل إيرث) على اهتمام قومي أثناء حرب العراق عندما استخدمت وكالة CNN الإخبارية ووسائل الإعلام الأخرى حلول (جوجل إيرث) لعرض صور القمر الصناعي لمدينة بغداد على الهواء مباشرةً.

http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=4456