|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.83 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
شرح دعاء الافتتاح (ح1)
بتاريخ : 17-08-2010 الساعة : 04:24 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
شرح دعاء الافتتاح المروي عن صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه
الحلقة الاولى
هذا الدعاء الذي يعتبر من سمات شهر رمضان المبارك ، ومن أحلى صور المناجات في هذا الشهر المبارك..ومن المعلوم أن هذا الدعاء يدعى به في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك ، ويبدو أن الدعاء الواحد تكراره وإمراره على اللسان ، في أكثر من وقت ، وفي أكثر من فرصة ، من موجبات ترسخ معاني ذلك الدعاء في قلب الإنسان الداعي.
إن الصائم عندما يصوم نهاره ، فإنه يتحين ليالي شهر رمضان المبارك ، ليثّبت المكاسب التي اكتسبها من خلال صيام النهار ، وليناجي ربه.. غير أن الدعاء على صور ودرجات :-
فمنه : الدعاء الذي يقرأ قراءة ، ويتلى تلاوة ، من دون تدبر وتفكر.. فهذا الدعاء لا يسمى دعاء ، وإنما هو قراءة للدعاء.. وأنا أعتقد أن أغلب الناس يقرؤون الأدعية قراءة ، ولا يدعون بها دعاء..
ومنه : الدعاء التربوي والتأملي .. بعض الناس يقرأ الدعاء وهو يتفكر في معاني ذلك الدعاء ، من دون أن يعيش حالة الطلب والخطاب مع المولى عز اسمه..
وأما النوع الثالث : فهو الدعاء بمعنى التفاعل القلبي.. إن الدعاء طلب ، والإنسان الذي يطلب شيئاً من كريم ، فإنه يعيش حالة الذلة والتواضع والمسكنة.. ومن هنا فإن الدعاء البليغ ، هو ذلك الدعاء الذي يجمع بين التلاوة الفصيحة ، التي فيها حالة من حالات الإقبال والتذلل والخضوع بين يدي المولى ، والتدبر في المضامين ، والتفاعل القلبي.. فمجموع هذه التفاعلات ، يوجب حالة من حالات الانقطاع إلى الله عز وجل .. ويصل المؤمن إلى درجة من الأنس والدلال أنه يتحين الفرصة ليتحدث مع ربه ، كما كان الكليم (ع) ، حيث عندما سئل عما في يده ، وإذا به تحين الفرصة ليتحدث مع الله عز وجل في حديث مسهب : {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}.. فإذن، إن المؤمن إذا تعود الحديث مع رب العالمين ، فسوف لن يرى لذة في عالم الوجود أغلى وأعلى من لذة الأنس مع الله سبحانه وتعالى.. ولهذا حق لنبينا الأكرم أن يقول : (أبرد يا بلال !) ، عندما كان يحين وقت الصلاة.. والبعض قال (أبرد) بمعنى البريد ، أي عجل.. والبعض قال (أبرد) بمعنى البرد ، أي أبرد نار الشوق إلى الله عز وجل.. وهنيئاً لمن توفق في هذه الليالي المباركة ، ليفتح صفحة جديدة مع ربه !.. اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا ، واجعله خير شهر رمضان مر علينا ، بمنك وكرمك !.
(اَللّـهُمَّ اِنّي اَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ..)..
إن الملاحظ بأن كلمة (اللهم) من الكلمات المتكررة في دعاء الافتتاح.. فالإنسان ينادى ربه في كل فقرة بكلمة (اللهم).. ومن المعلوم بأن كلمة (اللهم) أصله خطاب مع الله سبحانه وتعالى ، أي يا الله .. ولهذا يقول علماء الأخلاق أنه عندما نقول (اللهم) ، لابد أن نستحضر حالة الخطاب مع المولى عز اسمه ، بأدنى درجات التوجه.. فالذي يقول (اللهم) ، أو يقول يا الله ، أو يا إلهي ، أو يا ربي ؛ وهو يعيش حالة من حالات الذهول ، فإن هذه الحركة من موجبات صدق عنوان سوء الأدب بين يدي المولى.. ولهذا ينبغي أن يهيئ الإنسان نفسه ، قبل أن يقول (اللهم) ، بأن يحاول أن يفرغ الفؤاد والفكر من كل الشواغل ، ومن كل موجبات الذهول ؛ ليقول كلمة (اللهم) ، وهو على مستوى من استحضار حقيقة واجب الوجود ، والحديث مع رب العالمين.
(وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ اأرْحَمُ الرّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ ، وَاأشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ..)..
(وَاَشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ) :- إن هذه العبارة من العبارات المخيفة جداً !.. لأنه نحن لا نعلم متى تنزل علينا العقوبة الإلهية ، فرب العالمين يمهل ، ولكنه لا يهمل !.. والخوف كل الخوف من المعاصي التراكمية !.. فالإنسان قد يذنب ، ويذنب ، ولكن الله عز وجل يتجاوز عنه ، ولكن الذنوب قد تتجمع وتتجمع ، إلى درجة توجب القطيعة بين العبد وبين ربه ، وهذه نقطة خطيرة جداً !.. حيث أن الله عز وجل - كما يقول في كتابه الكريم - ، لو أنزل غضبه على العبد ، فإنه سيهوى إلى أسفل سافلين : {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}.. فالخوف من هذه الذنوب.. ونحن لا نعلم ما هو الذنب الذي يقصم ظهر الإنسان ، فقد يكون ذنب صغير ، ولكن هذا الذنب الصغير أضيف إلى قائمة الذنوب السابقة ، والتي قد تكون من الذنوب التي تهتك العصم ، وإذا به يحل عليه الغضب المؤجل !..
ولكنه أيضاً علينا أن نمني نفسنا بهذه العبارة : (اَنَّكَ اَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ).. ولا شك أن هذه الليالي المباركة في هذا الشهر الكريم ، هي الفرصة النادرة التي انتظرناها حولاً كاملاً ، لنعيد ارتباطنا ، ولنعيد علاقاتنا مع رب العالمين.. وهنيئاً لمن خرج من هذا الشهر برضوان الله عز وجل وغفرانه ، إنه سميع مجيب !.
|
|
|
|
|