|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.83 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
قصة الزواج المباركة
بتاريخ : 25-07-2009 الساعة : 01:53 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
قصة الزواج المباركة
(في البحار) عن بشر بن سليمان النحاس وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد وجارهما بسر من رأى قال: أتاني كافور الخادم فقال: مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري يدعوك إليه فأتيته، فلما جلست بين يديه قال (عليه السلام) لي: يا بشر إنك من ولد الأنصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسر أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا لطيفا بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه وأخرج شقة صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا فقال (عليه السلام): خذها وتوجه إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرين صفيفين (4)، تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها، وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق فاعلم أنها تقول وا هتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين علي ثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة فتقول بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك، فيقول النخاس: وما الحيلة ولا بد من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتابا ملطفا لبعض الأشراف كتب بلغة رومية وخط رومي ووصف فيه كرمه ووفاءه وسخاءه فناولها إياه لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك. قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن (عليه السلام) في أمر الجارية، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا وقالت لعمر بن يزيد بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرجة والمغلظة أنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت أشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي من الدنانير، فاستوفاه وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى الحجرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا (عليه السلام) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدها وتمسحه على بدنها، فقلت تعجبا منها: تلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه؟ فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء، أعرني سمعك وفرغ لي قلبك: أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون، أنبئك بالعجب أن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقواد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهي ملكه عرشا مصاغا من أصناف الجواهر ورفعه فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه وأحدقت الصلب وقامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل، تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت الأرض وتعوصب أعمدة العرش، فانهارت إلى القرار وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني، فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان واحضروا أخا هذا المدبر العاهر المنكوس جده لأزوجه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده، ولما فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأول وتفرق الناس، وقام جدي قيصر مغتما فدخل منزل النساء وأرخيت الستور، ورأيت في تلك الليلة كأن المسيح (عليه السلام) وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان نصب جدي فيه عرشه، ودخل عليه محمدا (صلى الله عليه وآله) وختنه ووصيه (عليه السلام) وعدة من أبنائه فتقدم المسيح إليه فاعتنقه، فقال له محمد (صلى الله عليه وآله): يا روح الله إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمد ابن صاحب هذا الكتاب، فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك إلى رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله). قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر فخطب محمد (صلى الله عليه وآله) وزوجني من ابنه وشهد المسيح وشهد أبناء محمد والحواريون، فلما استيقظت أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل، فكنت أسرها ولا أبديها لهم وضرب صدري بمحبة أبي محمد (عليه السلام) حتى امتنعت من الطعام والشراب فضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضا شديدا، فما بقي من مداين الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي، فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني هل يخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا؟ فقلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من أسارى المسلمين، وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومننتهم الخلاص، رجوت أن يهب المسيح وأمه عافية، فلما فعل ذلك تجلدت في إظهار الصحة من بدني قليلا وتناولت يسيرا من الطعام، فسر بذلك وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم، فرأيت أيضا بعد أربع عشرة ليلة كأن سيدة نساء العالمين قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف من وصايف الجنان فتقول لي مريم: هذه سيدة النساء (عليها السلام) أم زوجك أبي محمد (عليه السلام)، فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي، فقالت سيدة النساء (عليها السلام): إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى، وهذه أختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله من دينك فإن ملت إلى رضاء الله تعالى ورضا المسيح وزيارة أبي محمد إياك فقولي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين، وطيبت نفسي وقالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد وإني منفذة إليك، فانتبهت وأنا أقول وأتوقع لقاء أبي محمد، فلما نمت من الليلة القابلة رأيت أبا محمد (عليه السلام) وكأني أقول: قد جفوتني يا حبيبي بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبك، فقال: ما كان تأخري عنك إلا لشركك، فقد أسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية. قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الأسارى؟ فقالت: أخبرني أبو محمد (عليه السلام) ليلة من الليالي أن جدك سيسير جيشا إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصايف من طريق كذا، ففعلت ذلك فوقفت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت، وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: نرجس اسم الجواري. قلت: العجب أنك رومية ولسانك عربي ! قالت: نعم من ولع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمانة له في الاختلاف إلي، وكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية حتى استمر لساني عليها واستقام. قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دخلت على مولاي أبي الحسن (عليه السلام) فقال: أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف محمد وأهل بيته. قالت: كيف أصف لك يا بن رسول الله ما أنت أعلم به مني. قال (عليه السلام): فإني أحب أن أكرمك فأيما أحب إليك عشرة آلاف دينار أم بشرى لك بشرف الأبد؟ قالت: بشرى بولد لي. قال لها: أبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. قالت: ممن؟ قال: ممن خطبك رسول الله (صلى الله عليه وآله) له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا بالرومية، قال لها: ممن زوجك المسيح ووصيه؟ قالت: من ابنك أبي محمد (عليه السلام). فقال: هل تعرفينه؟ قالت: وهل خلت ليلة لم يزرني فيها، منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة النساء (عليها السلام). قال: فقال مولانا: يا كافور ادع أختي حكيمة (رض)، فلما دخلت قال لها: هاهيه واعتنقتها طويلا ومالت بها كثيرا، فقال لها أبو الحسن: يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم (عج).(5)
الهوامش
(4) ثوب كثير الغزل.
(5) كمال الدين: 423، وغيبة الشيخ الطوسي: 213 والبحار: 51 / 8 خ 12
|
|
|
|
|