[ولد الشيعة]

نماذج من عدالة الامام امير المؤمنين
هذا... وإذا انتقلنا الى تاريخ الامام امير المؤمنين "عليه السلام" رأيناه يتلألأ بصور العدل وقصص الحق والإنصاف ،وفيما يلي نذكر نماذج منها
قال "سلام الله عليه " – في خطبة له - : "والله لان أبيت على حسك السعدان مسهدا 1 واجر في الأغلال مصفدا ،أحب الى من ان ألقى الله ورسوله –يوم القيامة ظالما لبعض العباد ،وغاصبا لشيء من حطام
وكيف اظلم أحدا لنفس يسرع الى البلى قفولها ويطول في الثرى حلولها ؟؟؟!
الى ان يقول : والله لو أعطيت الأقاليم السبعة 2 بما تحت أفلاكها على ان اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت3
وذا ت يوم جاءته امرأتان ،احدها من العرب والأخرى من الموالى ، وطالبتا منه مساعدة ماليه ،فساوى بينهما في العطاء ،فقالت احدهما : إني امرأة العرب وهذه من العجم ؟؟؟!
فقال "عليه السلام" إني –والله – لا أجد لبني إسماعيل –في هذا الفيء –فضلا على بني إسحاق –أي:أي لا أجد فضلا على تلك 4
وفي يوم الثاني من تسلمه السلطة – بعد مقتل عثمان –بادر "عليه السلام " الى الأموال ،والارضى التي كان عثمان قد وزعها على أقربائه بلا استحقاق ، فأمر بإرجاعها الى بيت المال وقال " إلا ان كان قطيعة اقطعها عثمان ،وكل مال أعطاه من مال الله ،فهو مردود في بيت الله ،فان الحق القديم لا يبطله شيء ...والله لو وجدته –أي المال –قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته ،فان في العدل سعة ،ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق 5
كان "عليه السلام" يحكم على أكثر من نصف الكرة الأرضية ،من العراق الى الحجاز الى اليمن ... المغرب الأقصى، وكانت تأتيه الأموال من هذه الدول..بالإضافة الى ما كان يملكه من الأرضي والعيون ،ومع ذاك كله ... لم يشهد "عليه السلام" لنفسه قصرا ولا عريشا بل كان يعيش مساويا مع الفقراء في المسكن والملبس والمطعم ويوزع أمواله عليهم
ويقول "عليه السلام" في كتابه الى عامله على البصرة : " ....والله ما كنزت من ديناكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت ليالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أراضيكم شبرا...6"7
وتفرق عنه بعض الناس والتحقوا بمعاوية ،بسبب امتناعه "عليه السلام" عن تفضليهم على سائر المسلمين ،فقال له بعض أصحابه : يا امير المؤمنين أعط هذه الأموال وفضل هؤلاء الإشراف من العرب قريش على الموالي والعجم ؟؟!
فغضب "عليه السلام" وقال : تأمروني ان اطلب النصر بالجور7؟؟؟!
لا والله ما افعل.... ما طلت شمس ولا ح في السماء نجما.... والله لو كان مالي بمال أسيت لهم ،وكيف وأنا هو مالهم –أي : مال المسلمين 8
واتوه بمال من أصفهان –يوم كان في الكوفة ،وكانت الكوفة موزعة على سبع مناطق –فقسم المال سبعة أقسام وبقى رغيف واحد، فكسره سبع كسرات ،ثم جعل كل كسرة جزئ،ثم دعي بأمراء المناطق –السبع ودفعها إليهم لكي يوزعوها على المسلمين9
قبل يخرج "عليه السلام" من البصرة أقام خطيبا في أهلها وقال :- وقد أشار الى قميصه وردائه :- والله إنهما لمن غزل أهلي
ثم أشار "عليه السلام" الى صرة في يده كانت فيها نفقة ،وقال :- "والله ما هي إلا من غلتي في المدينة ، وان خرجت عنكم بأكثر مما ترون ، فانا عند الله من الخائنين " ثم خرج وشيعة الناس الى الخارج البصرة
هل تعرف حاكما يدخل مدينة فاتحا منتصرا ،ويظل فيها أياما ثم يخرج منها ،كم دون ان يستأثر لنفسه درها واحدا ؟؟!
ان الحكام يدخلون البلاد بجيوشهم ،فينهبون الأموال وينهكون الإعراض ،ويستباحون الحرمات ويرتكبون المنكرات ،ويعلمون ما يشتهون ،ثم يخرجون منها تاركين وراءهم الدمار والخراب والدموع والآهات ولكن الامام امير المؤمنين "عليه السلام" لا يخرج من البسرة إلا كما دخلها ولهذا ترى لهل البصرة يشعبون الامام امير المؤمنين الى خارج المدينة رضي به ، لما راو أمنه من المعاملة الطيبة والسيرة الحسنة والشفقة والعدالة
ولا عجب من ذلك ... فالإمام امير المؤمنين علي مثال العدل وصوت العدالة والإنسانية
ونحتم الكلام عن عدالة الامام امير المؤمنين "عليه السلام" بكلام حفيده : الامام الصادق "عليه السلام" حيث قال : "والله ما أكل علي بن أبي طالب حراما قط"
ان حاكما بحكم على أكثر من نصف الأرضية ولا يأكل حراما أبدا .... هذا جديرا بان يكون خليفة لرسول الله دون غيرة
الامام امير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" وهو دليل الأفضلية .وقد استنتجنا منه ان الخليفة يجب ان يكون الأفضل،وان الامام امير المؤمنين عليا هو الأفضل ،فوجب عقلا ان يكون هو الخليفة
والأحاديث عن الأفضلية الامام امير المؤمنين "عليه السلام" حديث طويل وعريض وعميق وذو جوانب متعددة ،والإسهاب والتفصيل فيه يستدعى مجلدات خاصا
ــــــــــــــــ
1 –السعدان : نبت له شوك .والمسهد:الذي لا ينام الألم
2 –المقصود من الأقاليم السبعة :الكرة الأرضية كلها
3–نهج البلاغة /الجز الأول
4 –بحار الأنوار : ج41 ص137
5 –نهج البلاغة /الجزء الأول
6 –التبر "الذهب.الوفر المال .الثوب هو الرداء والإزار معا واطمر هو احد هذين
7 –نهج البلاغة /الجزء الرابع كتبه "عليه السلام"
8 –وفي نسخة :ان اطلب العدل بالجور
9 –كتاب الامالي للشيخ المفيد :ص104
يتبع
منقول من كتاب "الإمام علي " خليفة رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم"
للكاتب محمد إبراهيم الموحد القزويني