تسود المجتمع العربي حالات وظواهر اجتماعية وسياسية واقتصادية ...الخ عديدة و متباينة في الاتجاهات ومختلفة في الأبعاد ، وغالبا ما تفصح عن مقاصد وأهداف أصحابها المقيمين على نشرها و أثارتها في المجتمع ،
وربما تكون هذه الأهداف أهداف صالحة تخدم الشعوب وتسعى على تغيره وتقويمه وربما تكون طالحة ومفسدة تقوده إلى متاهات ومطبات هو في غنى عنها . و من المعروف منطقيا إن دراسة أي ظاهرة في المجتمع تحتاج الرجوع إلى أصولها التاريخية والى عواملها واسباب تطورها ، ويشير الباحثون بوجود حالة من التدافع والركض بسرعة جنونية حول الغرب ومظاهره المادية العلمانية في المجتمع العربي، وبالفعل بدأت هذه الظاهرة تتفرع وتتوسع خاصة عندما استمر الإنسان في جهله وضياعه وتعلق بأوهامها وخيالاتها الكاذبة وحاله هذا كحال الإنسان الذي تعلق بالقشة التي قصمت ظهر البعير عندما صدق وآمن بها واعتقد إنها دليله ومرجعه النهائي في الحياة ، فضلا على تدمره وتخبطه وخاصة عندما فضلها وقدمها على معتقداته وتشريعاته الدينية الحقة التي تدعوه للقيم والأخلاق والنبل السامية التي جاء بها الإسلام أصلا لخدمته وحمايته من براثين وحطام الجاهلية الأولى .
وبرزت في المجتمع قديما وحديثا اطروحات ومثل علمانية غربية خطيرة ، متناقضة كليا مع معتقداتنا الدينية و تقاليدنا وأعرافنا الإسلامية ، وهي كثيرة جدا مثل قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ومنافستها له في ميادين الحياة العملية والمطالبة بحرية التعري والتفسخ الجاهلي ، والمطالبة بحقوق إثبات الذات وتعزيز الثقة بالنفس حسب ادعاءات الغرب ونظرتهم الخاطئة لها على إنها انسانة متقدمة ومتحضرة وبدون تلك المثل هي رجعية ومتأخرة . وظهرت على ذلك مجموعة من المفكرين والمثقفين العرب الوافدين من دول الغرب الذين ناهضوا ودعوا لمثل هذه الشعارات الزائفة وسعوا وراء تفعيلها في المجتمعات الإسلامية في سبيل استجماع المال والرشوة ونيل الرتب والمناصب السامية التي كانت من أسمى وابعد طموحاتهم وأمانيهم الدنيوية ، فأول الأسماء التي لمعت واشتهرت في ذلك الأمر في القرن التاسع عشر هو قاسم أمين الذي أثار ضجة ومعارضة عارمة في داخل الشعوب العربية والمصرية التي خرجت شاجبة ومنددة بسبب كتابه تحرير المرأة الذي تضمن أفكارا وآراء له غربية بعيدة كل البعد عن الواقع الإسلامي ، وجاء بعده عدد من المفكرين العلمانيين العرب الذين ساروا على نفس خطاه ومنهجه الفكري ، أمثال الدكتور طه حسين والدكتورة نوال السعداوي التي كانت تحرض المرأة العربية والمصرية بالذات على نزع الحجاب لأنه في قاموسها الشيوعي هو لباس قديم بعيد عن الهوية والحضارة الحديثة وتقول للمرأة العربية ( ناضلي بعقلك لا بغطاء الرأس والوجه . والحجاب لا علاقة له بالأخلاق ولا بالهوية وانما هويتك هو عقلك ) وقال مثقف علماني أخر ( إن الحجاب يعيق الحركة و الرزق والترفيه والسباحة والزواج ) ، ولكن الحقيقة هي غير ذلك حسب الإحصائيات التي تشير إلى ارتفاع نسبة العنوسة والطلاق والتذمر النفسي والكآبة والعنف والتحرش الجنسي في فئة النساء المتبرجة اللاواعية أمور دينها وبالذات في الفئة التي نزعت لباس الحشمة والعفة وتتبعت الغرب في مظاهره ومفاتنه الخداعة ، ومقابل هذا الفكر ظهرت صحوة إسلامية قوية في العالم توجهت نحو الاهتمام بالإسلام وقضاياه وعلى آثره زادت نسبة الوعي الديني والحجاب في فئة النساء ، ومقابل هذا شهد العالم موجة عنيفة وتحدي صارم لموضوع الوعي والحجاب الإسلامي ومنع في عدد كبير من الدول العلمانية مثل فرنسا وتركيا وألمانيا وتونس وأفغانستان و البوسنة والهرسك ...الخ وعلى اثر ذلك نشبت مقاومات ومواجهات عديدة مباشرة وغير مباشرة وتعرضت فيها كثير من الفتيات المسلمات إلى أقسى المعاملات و العقوبات كما حدث في مدارس وجامعات تلك الدول .
وتؤكد الدراسات أن الفتاة في تونس لازالت تعاني الآمرين نتيجة التزامها وحجابها وطالما تعرضت للإهانة والذل في الشارع التونسي وذلك في سبيل حصولها على رزقها ولقمة عيشها ولازالت مهددة وملاحقة حتى يومنا هذا في الوظيفة والجامعة والمدرسة وفي جميع المجالات والجهات الحكومية والرسمية ، لان الحزب الحاكم في تونس صرح في التسعينيات بنص حكومي رسمي يمنع الفتاة من ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية والإدارية ويعتبره لباس طائفي دخيل , وفي عام 1956م أيضا صدر قانون الأحوال الشخصية الذي ينص على مساواة المرأة بالرجل ويمنع من ظاهرة تعدد الزوجات . مع إن الإسلام والقران الكريم يؤكدان على تكريم المرأة وحماية حقوقها وصون عفتها وسترها وفق أحكام وتشريعات إلهية شرعت من قبل الله سبحانه وتعالى والتي ركزت على الحجاب والنظر والفرج ،كما جاء في سورة الأحزاب آية 33 { وَقَرْن فِي بُيُوتكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة الْأُولَى} ونفس السورة آية 53{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} ، وفي سورة النور آية 31 { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارهنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجهنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ } .
كثير من الشبهات والمغالطات التي اثيرث حول موضوع الحجاب ، وستبقى هذه الشبهات مستمرة ولن تنتهي ما دام هناك مفكرون متخبطون وموالون للغرب وللمؤسسات الصهيونية العالمية التي تسعى بجد في توسيع دائرة الفساد والانحراف في العالم اجمع عبر بناءها وكور للبغاة ودور للفساد ، ولم تهدأ تلك الدور الاباحلال وتوهين جميع القيم والأخلاق والنبل السامية في الشعوب ، وتحقيق شعارها الماسوني وهو الإلحاد والإباحة والفساد لأرضاء النفوس المريضة و المضطربة من الرجال الذين لا يهدؤون إلا بإشباع غرائزهم الحيوانية والتلذذ اللاشرعي بالنساء .
ويبدو أن الأمر اصبح اكثر من جدي يحتاج إلى اهتمام وإحاطة بالغة من قبل المتخصصين والمهتمين بقضايا وأمور الدين ، من الفقهاء ورجال الدين والمفكرين ، و يحتاج ايضا إلي شيء من الاتفاق والتعاون بين المؤسسات والروابط الدينية المتخصصة والمعروفة دوليا مثل جامع الأزهر و الحوزات و المدارس الدينية في العراق وإيران وسوريا ..الخ والتصدي بقوة لمثل هذه الظواهر السلبية ومعالجتها عبر وضع حلول جذرية و أولية لها وان استدعى الأمر تحويل تلك القضية إلى المحاكم الدولية والمنظمات الحقوقية. { وَإِذْ يَمْكُر بِك الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك أَوْ يَقْتُلُوك أَوْ يُخْرِجُوك وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُر اللَّه وَاَللَّه خَيْر الْمَاكِرِينَ } .