اللهم صل على محمّد وآل محمّد وعجل فرجهم واهلك عدوهم واحشرنا معهم يا الله
الحمد لله الذي عرّفنا أولياءه، من عرفهم فقد عرف الله، ومن جهلهم فقد جهل الله، ون اعتصم بهم فقد اعتصم بالله، ومن تخلى عنهم فقد تخلى عن الله عز وجل.
أما بعد، فان مناقب وكرامات الائمة عليهم السلام لا يفي بها تحرير بنان ولا تقرير بيان، ولكن مستعينا بالله جل وعز ومستمسكا بذيل عنايات صاحب العصر والزمان الامام المهدي المنتظر روحي وارواح العالمين لتراب مقدمه الفداء احببت ان اذكر بعض من هذه الكرامات والمناقب لامامنا المظلوم محمد بن علي الجواد عليه وعلى آبائه افضل الصلاة والسلام.
ولد الامام الجواد بالمدينة المنورة، في كنف ابيه الذي كان يتمتع بأخلاق الامامة وعلو المقام، وموقع القيادة في الامة، وطول الباع في علوم الشريعة واحكامها.
لقد ولد الامام الجواد في فترة حافلة بالحوادث والظروف السياسية، في مرحلة الصراع، وتوتر العلاقات في الخلافة ية بين الامين والمأمون. ولم تكن الحوادث السياسية وظروف الصراع لتنتهي دون أن تنعكس آثارها على حياة الامام الرضا (ع) وبالتالي على حياة الجواد (ع)، فلقد توجه نظر المأمون الى الرضا (ع) واستدعاه الى عاصمة خلافته مرو، فاضطر الامام الى القبول بعد رفض وامتناع.
وقبل أن يتوجه الى مرو اصطحب معه ولده الامام الجواد وانطلق من المدينة الى مكة ليزور البيت الحرام ويودعه.
ولقد طاف الامام الرضا (ع) حول البيت، وطاف معه ولده الجواد الذي كان عمره الشريف نحو أربع سنوات آنذاك، يحمله الخادم على كتفه لصغر سنة. وفي هذا الموضوع تحدث أبو الفتح الاربلي في كتاب كشف الغمة في معرفة الائمة فقال:
عن امية بن على قال: كنت مع أبي الحسن الرضا بمكة، في السنة التي حج فيها، ثم صار الى خراسان، ومعه ابو جعفر الجواد، وابو الحسن يودّع البيت فلما قضى طوافه عدل الى المقام، فصلى عنده، فصار الجواد على عنق موفق يطوف به، فصار الى الحجر فجلس فيه، فاطال، فقال له موفق: قم جعلت فداك، فقال: ما أريد ان ابرح من مكاني هذا الا ان يشاء الله، واستبان في وجهه الغم.
فأتى موفق أبا الحسن الرضا فقال له: جعلت فداك، قد جلس الجواد في الحجر وهو يأبى ان يقوم، فقام ابو الحسن فاتى الجواد فقال له: قم يا حبيبي.
فقال: ما أريد ان ابرح من مكاني هذا.
فقال: بلى يا حبيبي.
ثم قال: كيف أقوم وقد ودعت البيت وداعا لا ترجع اليه؟
فقال: قم يا حبيبي، فقام معه.
لقد احس الجواد (ع) بقلبه الكبير وروحه اليقظ لوعة الفراق ومرارة البعد عن أبيه، وادرك ان لا لقاء بعد اليوم بينهما، لقد شق عليه أن يعود وحيدا الى المدينة، ويفارق أباه الذي قرأ في رسالة وداعه للبيت الحرام انه لن يعود.
أنتهت لحظات الوداع، وحانت ساعة الفراق وعاد الامام الصبي الى المدينة يحمل اشواق الحب، وتوجه أبوه الى مرو وقلبه يتلفت نحو المدينة ويتابع ركب الجواد الحبيب.