وعن كتاب سليم بن قيس الهلالي أنه صعد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام
المنبر في عسكره وبحضرته المهاجرون والأنصار ، فحمد الله وأثنى عليه ،
وذكر شطرا من فضائله ومناقبه ، فقام نحو سبعين رجلا من أهل بدر كلهم
من الأنصار ، وبقية من المهاجرين ، فشهدوا بأننا سمعنا ذلك من
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما صلى بهم الظهر - يوم الغدير - قال : " أيها الناس إن الله
مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، من كنت مولاه
فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " ، فقام إليه سلمان
الفارسي ، فقال : يا رسول الله . . . ولاية ماذا ؟
فقال : ولاية كولايتي من كنت أولى به من نفسه ، فأنزل الله عز وجل :
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام
دينا " .
فقال سلمان : يا رسول الله هذه الآيات في علي خاصة ؟
فقال : نعم فيه وفي أوصيائه إلى يوم القيامة ، فقال سلمان : سمهم لي
يا رسول الله ، فقال : علي أخي ، ووزيري ، وخليفتي في أمتي ، وولي كل
مؤمن بعدي ، وأحد عشر إماما : ابني الحسن ، وابني الحسين ثم التسعة من
ولده واحدا بعد واحد ، القرآن معهم ، وهم مع القرآن ، لا يفارقونه حتى
يردوا علي الحوض .
فقام اثني عشر من البدريين فشهدوا : أنا سمعنا ذلك من
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما قلت سواء ، لم تزد فيه ولم تنقص منه . وقال بقية
السبعين : قد سمعنا - كما قلت - ولم نحفظ كله ، وهؤلاء الاثني عشر [ هم ]
خيارنا ، وأفضلنا ، قال : صدقتم ليس كل الناس يحفظ ، بعضهم أحفظ من
بعض ، فقام من الاثني عشر أربعة : أبو الهيثم بن التيهان ، وأبو أيوب
الأنصاري ، وعمار ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين . فقالوا : نشهد إنا قد
حفظنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ ، وعلي قائم إلى جنبه : " يا أيها الناس إن الله
أمرني أن أنصب لكم إمامكم ووصيي فيكم ، وخليفتي من أهل بيتي من
بعدي ، والذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه ، فأمركم فيه بولايته ،
فراجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبها ، فأوعدني لأبلغها أو
ليعاقبني .
يا أيها الناس إن الله جل ذكره أمركم في كتابه بالصلاة ، وقد بينها لكم
وسميتها ، والزكاة والصوم والحج فبينته وفسرته لكم ، وأمركم في كتابه
بولايته وإني أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعلي وأوصيائي من ولدي
وولده ، أولهم ابني حسن ، ثم ابني حسين ، ثم تسعة من ولدي الحسين ،
لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض .
يا أيها الناس قد علمتكم المهدي ، ووليكم وإمامكم ، وهاديكم بعدي ،
وهو أخي علي بن أبي طالب ، وموفيكم بمنزلتي فيكم ، فقلدوه ، وأطيعوه في
جميع أموركم ، فإن عنده جميع ما علمني الله ، وأمرني أن أعلمكم أنه عنده
فاسألوه وتعلموا منه ومن أوصيائه ، ولا تعلموهم ، ولا تتقدموهم ،
ولا تخلفوا عنهم فإنهم مع الحق ، والحق معهم لا يزايلهم
وقد ذكر في غاية المرام : روايات كثيرة من طرق العامة ، في أن عدة
الأئمة اثني عشر ، ولنذكر عدة منها :
قال : في الباب العاشر - في أن عدة الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
اثني عشر - بعد أن ذكر أن فيه تسعة أحاديث من طريق العامة ، فسرد
الروايات .
فقال : الثالث ، أبو المؤيد موفق بن أحمد في كتاب فضائل
أمير المؤمنين عليه السلام وهو من أعيان علماء العامة ، ثم ذكر إسناده إلى أن انتهى
إلى أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن سلمان المحمدي
رضي الله عنه ، قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا الحسين عليه السلام على فخذه ،
وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ، وهو يقول : " أنت سيد ابن سيد ، وأخو سيد ،
أبو السادة ، أنت إمام ابن الإمام ، أخو الإمام ، أبو الأئمة ، أنت حجة بن حجة ،
أخو حجة ، أبو حجج تسع من صلبك ، تاسعهم قائمهم ( .