الاسم: علي بن محمد (ع) .
الأب: الإمام الجواد (ع) .
الأم: السيدة سمانة المغربية.
الكنية: أبو الحسن ، ويقال له (ع) : أبو الحسن الثالث.
الألقاب: النقي، الهادي، النجيب، المرتضى، العالم، الفقيه، الناصح، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتقي، المتوكل، العسكري، المفتاح. وأشهرها الهادي.
الأوصاف: ربع القامة، وسيع الحاجبين، له وجه حسن، يميل إلى الحمرة والبياض.
نقش الخاتم: (الله ربي وهو عصمتي من خلقه) .
وقيل: نقشه ثلاثة اسطر: (ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، استغفر الله).
مكان الولادة: المدينة المنورة، قرية صريا .
مدة العمر الشريف: 42 سنة وسبعة أشهر،
وقيل: إن عمره الشريف 40 سنة.
مدة الإمامة: 33 سنة، وقيل: وتسعة أشهر.
مكان الشهادة: سر من رأى (سامراء) .
زمان الشهادة: 3 / رجب / 254 هـ، وقيل: سنة 250 يوم الاثنين من رجب، وقيل: 8/رجب/254 هـ.
القاتل: المعتز العباسي، قتله بالسم.
المدفن: مدينة سامراء في العراق حيث مزاره الآن.
السجن: عاش الإمام (ع) مدة من عمره الشريف في سجون الظالمين.
الوالدة المكرمة :
كانت والدة الإمام (ع) من المؤمنات القانتات الصادقات الصابرات الخاشعات المتصدقات الصائمات العفيفات الذاكرات لله كثيراً.
روى علي بن مهزيار عن الإمام (ع) أنه قال: «أمي عارفة بحقي وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبّار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين».
وربما يفهم من هذا الحديث عصمتها الصغرى، كما هو الحال بالنسبة إلى سائر أمهات الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين).
تسبيح الإمام (ع)
وكان من تسبيحه (ع) : «سبحان من هو دائم لا يسهو، سبحان من هو قائم لا يلهو، سبحان من هو غني لا يفتقر، سبحان الله وبحمده».
في كثرة علومه (ع)
كان الإمام الهادي (ع) أعلم أهل زمانه، كما هو شأن كل إمام معصوم (ع) ، وكان الناس يسألونه مختلف المسائل فيجيبهم عليها.
في معرفة الباري عزوجل
عن فتح بن يزيد الجرجاني قال: ضمني وأبا الحسن طريق منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق، فسمعته وهو يقول: «من اتقى الله يُتقى، ومن أطاع الله يُطاع».
قال: فتلطفت إلى الوصول إليه، فسلمت عليه.
فرد عليّ السلام وأمرني بالجلوس، وأول ما ابتدأني به أن قال: «يا فتح، من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق. وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وأنى يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به، جل عما يصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيّف الكيف فلا يقال: كيف، وأيّن الأين فلا يقال: أين؛ إذ هو منقطع الكيفية والأينية، هو الواحد الأحد الصمد ] لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ[ فجل جلاله.
أم كيف يوصف بكنهه محمد وقد قرنه الجليل باسمه وشركه في عطائه وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته؛ إذ يقول: ] وما نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ[ .
وقال يحكي قول من ترك طاعته وهو يعذبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها: ( يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وأَطَعْنَا الرَّسُولا).
قال فتح: فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه، فسلمت عليه، فرد عليّ السلام.
فقلت: يا ابن رسول الله، أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي؟
قال: «سل وإن شرحتها فلي، وإن أمسكتها فلي، فصحح نظرك وتثبت في مسألتك، وأصغ إلى جوابها سمعك، ولا تسأل مسألة تعنت، واعتن بما تعتني به، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، منهيان عن الغش، وأما الذي اختلج في صدرك ليلتك فإن شاء العالم أنبأك بإذن الله، إن الله لم (يظهر عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم، وكل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه؛ كيلا تخلو أرضه من حجة، يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته.
يا فتح، عسى الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك، وشككك في بعض ما أنبأتك، حتى أراد أزالتك عن طريق الله وصراطه
المستقيم، فقلت من أيقنت أنهم كذا، فهم أرباب، معاذ الله، إنهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله، داخرون راغبون، فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به».
فقلت: جعلت فداك فرجت عني وكشفت ما لبس الملعون عليّ بشرحك، فقد كان أوقع بخلدي أنكم أرباب.
قال: فسجد أبو الحسن (ع) وهو يقول في سجوده: «راغما لك يا خالقي، داخرا خاضعا».
قال: فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي.
ثم قال (ع) : «يا فتح، كدت أن تُهلك وتَهلك، وما ضر عيسى إذا هلك من هلك، فاذهب إذا شئت رحمك الله».
قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف الله عني من اللبس بأنهم هم، وحمدت الله على ما قدرت عليه، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متك وبين يديه حنطة مقلوة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان في خلدي: أنه لا ينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك آفة، والإمام غير مئوف.
فقال: «اجلس يا فتح، فإن لنا بالرسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون ] ويَمْشُونَ فِي الأَسْواقِ[ (28) وكل جسم مغذو بهذا، إلا الخالق الرازق؛ لأنه جسم الأجسام، وهو لم يجسم، ولم يجزأ بتناه، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرأ من ذاته ما ركب في ذات من جسمه الواحد الأحد الصمد الذي ] لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ[ (29) منشئ الأشياء، مجسم الأجسام، ] وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[ (30)، ] اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ (31) الرءوف الرحيم، تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. لو كان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب، ولا الخالق من المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، ولكنه فرق بينه وبين جسمه، وشيء الأشياء إذ كان لا يشبهه شيء يرى، ولا يشبه شيئا».
من كراماته (ع) ومعاجزه
ثلاث وسبعون لساناً
عن أبي هاشم الجعفري أنه قال: (دخلت على أبي الحسن (ع) فكلمني بالهندية، فلم أحسن أن أرد عليه.
وكان بين يديه ركوة ملأى حصى، فتناول حصاة واحدة ووضعها في فيه ومصها ملياً، ثم رمى بها إليّ، فوضعتها في فمي، فوالله، ما برحت مكاني حتى تكلمت بثلاث وسبعين لساناً أولها الهندية) .
جنود الإمام (ع)
روي: أن المتوكل العباسي أمر عسكره وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأى أن يملأ كل واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر ويجعلوا بعضه على بعض في وسط برية واسعة هناك.
ففعلوا، فلما صار مثل جبل عظيم صعد فوقه واستدعى أبا الحسن (ع) وأستصعده وقال: استحضرتك لنظارة خيولي، وكان أمرهم أن يلبسوا التجافيف ويحملوا الأسلحة، وقد عرضوا بأحسن زينة وأتم عدة وأعظم هيبة، وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه، وكان خوفه من أبي الحسن (ع) أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج عليه.
فقال له أبو الحسن (ع) : «وهل تريد أن أعرض عليك عسكري؟»
قال: نعم.
فدعا الله سبحانه، فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون.
فغشي على المتوكل.
فلما أفاق قال أبو الحسن (ع) : «نحن لا ننافسكم في الدنيا، نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شيء مما تظن».
مع المتوكل العباسي
كان المتوكل يخاف من التفاف الناس حول الإمام (ع) فكان يضيّق عليه ويؤذيه باستمرار، وقد أسكن الإمام (ع) في منطقة العسكر ليراقب تحركاته (ع) من قرب، وربما استدعى الإمام (ع) ليلاً وأمر جلاوزته بأن يهجموا دار الإمام ويأتوا به على حاله!.
وقد سُعي إلى المتوكل بالإمام علي (الهادي) بن محمد الجواد ? أن في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وإنه (ع) عازم على الوثوب بالدولة.
فبعث إليه جماعة من الأتراك.
فهجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجّه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن.
فحُمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة..
وكان المتوكل جالساً في مجلس الشرب فدخل (ع) عليه والكأس في يده، فلما رأى المتوكل الإمام (ع) هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه، وناوله الكأس التي كانت في يده!
فقال (ع) : «والله ما يخامر لحمي ودمي قط، فاعفني».
فأعفاه.
فقال المتوكل: أنشدني شعراً.
فقال (ع) : إني قليل الرواية للشعر.
فقال: لابد.
فأنشده (ع) وهو جالس عنده:
باتوا على قلل الأجبال تحـــرسـهم ** غلب الرجال فلم تنفعهم القــــــلل
واستنـزلوا بعد عز من معاقـــلهم ** وأسكنوا حفراً يا بئسما نزلــــــوا
ناداهم صارخ من بعد دفنـــــــــهم ** أين الأساور والتيجان والحـــــلل
أين الوجوه التي كانت منعـــــــمة ** من دونها تضرب الأستـار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم ** تلك الوجوه عليها الــــدود تقتـــتل
قد طال ما أكلوا دهراً وقد شربوا ** وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد اُكلوا
قال: فبكى المتوكل حتى بلّت لحيته دموع عينيه.
وبكى الحاضرون.
ودفع المتوكل إلى الإمام الهادي (ع) أربعة آلاف دينار ثم رده إلى منزله مكرماً .
خان الصعاليك
عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن (ع) فقلت له: جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع، خان الصعاليك؟
فقال: «ههنا أنت يا ابن سعيد» ثم أومأ بيده وقال: «انظر».
فنظرت، فإذا أنا بروضات آنقات وروضات ناصرات فيهن خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون وأطيار وظباء وأنهار تفور، فحار بصري والهاً، وحسرت عيني.
فقال (ع) : «حيث كنا فهذا لنا عتيد ولسنا في خان الصعاليك».
في شهادته (ع) مسموماً
توفي الإمام الهادي (ع) مسموماً شهيداً مظلوماً كآبائه الطاهرين (ع) وكان ذلك على يد المعتمد العباسي، في يوم الثلاثاء الثالث من رجب سنة 254هـ ، وقيل: يوم الاثنين لثلاث بقين من جمادى الآخرة نصف النهار، وله يومئذٍ أربعون سنة، وقيل: واحد وأربعون وسبعة أشهر.
وقد دفن في بيته بسامراء حيث مرقده الآن.
ولما توفي الإمام (ع) حضر جميع الأشراف والأمراء لتشييع جنازته الطاهرة، وشق الإمام العسكري (ع) جيبه، ثم انصرف إلى غسله وتكفينه ودفنه، ودفنه في الحجرة التي كانت محلاً لعبادته، واعترض بعض الجهلة على الإمام في أن شق الجيب لا يناسب شأنك، فوقع (ع) إلى من قال ذلك: «يا أحمق وما يدريك ما هذا، قد شق موسى على هارون».
ولعل قوله (ع) بهذا التعبير للدلالة على مدى أهمية العزاء لأهل البيت (ع) وتعظيم شعائرهم المقدسة.