بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى بدأ التشيع ؟
للمؤرخين والكتّاب آراء متعددة في ظهور التشيّع نذكر أهمّها :
الرأي الأول :
أن التشيع نشأ بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) .
الرأي الثاني :
أن التشيع ظهر في عصر عُثمان ، بالنظر لبروز أحداث داخل المجتمع الإسلامي .
الرأي الثالث :
أن ظهور التشيع كان بعد مصرع الإمام الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء ، ولم يكن التشيع قبل ذلك سوى رأي سياسي ، وبعد استشهاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) إمتزج هذا الرأي بالدماء ، وأصبح عقيدة راسخة يدافعون عنها ويجاهدون في سبيلها ، ويدافع عن هذا الرأي جماعة من المستشرقين .
الرأي الرابع :
أن التشيع نشأ من عبد الله بن سَبَأ ، حيث حاول هذا الرجل – الذي أسلم في زمن عثمان – إضلال المسلمين ، فبدأ بالحجاز ، ثم البصرة ، ثم الكوفة ، ثم الشام ، وتبنى هذا الرأي أبو جعفر الطبري ، ولا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن المصدر التاريخي الذي دَوَّن قضية عبد الله بن سَبَأ هو الطبري ، ومنه استقت بقية المصادر الأخرى .
ثم إن الطبري اعتمد كثيراً في رواياته على سيف بن عُمر ، فلو استطعنا إسقاط وثاقة سيف بن عمر المتوفى سنة ( 170 هـ ) ، وأثبتنا أسطورية عبد الله بن سَبَأ ، فآنذاك يسقط هذا الرأي ، وبالفعل وصف علماء الرجال سيف بن عُمر بأنه ضعيفٌ ، وكذَّابٌ ، وكان يضع الأحاديث ، وإضافة لذلك لم يذكر لنا التاريخ رواية تشير إلى أن عُثمان قد سعى لتأديبه أو توبيخِهِ للحَدِّ من تصرفاته ونشاطاته .
الرأى الخامس :
وهذا الرأي الصحيح ، وهو أن أول من وضع بذرة التشيع هو الرسول ( صلى الله عليه وآله ) جنباً إلى جنب مع بذرة الإسلام ، والأدلة على ذلك كثيرة ، ويمكن مراجعة أسباب نزول الآيات المباركات :
وقولِهِ تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) النساء : 59 ، وآيات أخرى لا مجال لذكرها هنا ، وهناك روايات كثيرة تدل على هذا المضمون ولا يَسَع المقام لذكرها .
ولعل الذين يؤيدون قول البعض بأن التشيع ظاهرة طارئة في المجتمع الإسلامي ، وذلك لأن الأكثرية الغالبة من المسلمين وقفت إلى جانب الحاكمين ، ثم استلم الأمويون وغيرهم زمام الأمور ، وصرفوها عن أصحابها الشرعيين .
ولا يمكن الاعتماد على الكثرة فنعطيها ( الأصالة ) ، ونعطي القلة صفة ( الظاهرة الطارئة ) ، لأن القرآن الكريم يُنبِّه إلى أن الأكثرية لا تدل على الأصالة والصحة ، فقال تعالى : ( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) المؤمنون : 70 .