الألباني : " هيهات هذا الحديث الذي يرويه البخاري أن يكون صحيحاً "
بتاريخ : 08-08-2009 الساعة : 09:51 PM
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ، وألعن أعدائهم أجمعيم ، من الاولين والآخرين ، وأخص بذلك الكاذبين ، الآثمين ، الغادرين والخائنين.
هذا تخريج الالباني لأحد الاحاديث الواردة في البخاري ، فيصل في الآخر إلى نتيجة إن الحديث " ضعيف الاسناد " ولكن مجاملة للبخاري فينزله مرتبة " الحسن " مع إعترافه بضعف إسناده !!
وهذا تحقيق الالباني للحديث :-
(( 1489 / 1 - ( وفيه " يعني الصحيح " : " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطي بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا ، فاستوفي منه ، ولم يؤته أجرته " ) . ص 413 حسن أو قريب منه . أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 2 / 41 و 50 - 51 ) وكذا ابن ماجة ( 2442 ) والطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 124 ) وابن الجارود ( 579 ) والبيهقي ( 6 / 121 ) وأحمد ( 2 / 358 ) وأبو يعلى في " مسنده " أيضا ( ق 306 / 2 ) كلهم من طرق عن يحيى بن سليم عن إسماعيل ابن أمية عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : . " قال الله تعالى : ثلاثة . . . " الحديث . والباقي مثله سواء غير أنه قال : " ولم يعطه أجره " . هذا لفظ البخاري ، ولفظ ابن ماجة وابن الجارود وأحمد : " ولم يوفه أجره " . قلت : وهذا الحديث مع إخراج البخاري إياه في " صحيحه " فالقلب لم يطمئن لصحته ، ذلك لأن مدار إسناده على يحيى بن سليم ، وهو الطائفي ، وقد اختلقت أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه ، فوثقه ابن معين وابن سعد والعجلي ، وقال النسائي : " ليس به بأس ، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر " . وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : " يخطئ " . وقال أبو حاتم : " شيخ صالح محله الصدق ، ولم يكن بالحافظ ، يكتب حديثه ، ولا يحتج به " . وقال يعقوب بن سفيان : " سني ، رجل صالح ، وكتابه لا بأس به ، فإذا حدث من كتابه فحديثه حسن ، وإذا حدث حفظا فيعرف وينكر " . وأورده النسائي في " الضعفاء والمتروكين " وقال ( ص 31 طبع الهند ) : " ليس بالقوي " . وقال أحمد : " كتبت عنه شيئا ، فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته ، وفيه شيء " . وقال الساجي : " صدوق يهم في الحديث " وأخطأ في أحاديث رواها عبيد الله ابن عمر ، لم يحمده أحمد " . وقال أبو أحمد الحاكم : " ليس بالحافظ عندهم " . وقال الدارقطني : " سئ الحفظ " . وقال البخاري : " ما حدث الحميدي عن يحيى بن سليم فهو صحيح " .
قلت : ومن هذه النقول يتلخص أن الرجل ثقة في نفسه ، ولكنه ضعيف في حفظه ، وخصوصا في روايته عن عبيد الله بن عمر ، يستثنى من ذلك ما روى الحميدي عنه ، فإنه صحيح . وهذا الحديث ليس من روايته عنه لا عند البخاري ، ولا عند غيره ممن ذكرنا من مخرجيه ، فلا أدري وجه إخراج البخاري له ، فإن مفهوم قول البخاري المذكور أنه ما حدث غير الحميدي عنه فهو غير صحيح .
ولا يصلح جوا با عن هذا قول الحافظ ابن حجر عند شرحه للحديث : " يحيى بن سليم - بالتصغير - هو الطائفي ، نزيل مكة ، مختلف في توثيقه ، وليس له في البخاري موصولا سوى هذا الحديث ، والتحقيق أن الكلام فيه إنما وقع في روايته عن عبيد الله بن عمر خاصة ، وهذا الحديث من غير روايته " .
أقول : لا يصلح هذا الجواب لأمرين : الأول : أن التحقيق الذي حكاه إنما هو بالنسبة لرأي بعض الأئمة ممن حكينا كلامهم فيه ، وهو الساجي ، وأما الآخرون من المضعفين ، فقد أطلقوا التضعيف فيه ، ولم يقيدوه كما فعل الساجي ، وهذا هو الذي ينبغي الاعتماد عليه ، لأن تضعيفه مفسر بسوء الحفظ ، عند جماعة منهم الدارقطني ، فهو جرح مفسر ، يجب تقديمه على التوثيق باتفاق علماء الحديث ، كما هو مشروح في " علم المصطلح " ثم هو مطلق يشمل روايته عن عبيد الله وغيره ، وهو ظاهر كلام البخاري ، هذا هو التحقيق الذي ينتهي إليه الباحث في أقوال العلماء في الرجل ، وقد لخص ذلك الحافظ ابن حجر نفسه أحسن تلخيص كما هي عادته في " التقريب " ، فقال : " صدوق سيىء الحفظ " . فأطلق تجريحه كما فعل الجماعة ، ولم يقيد كما فعل الساجي . وهذا هو الحق الذي لا يمكن للعالم المنصف المتجرد أن يلخص سواه من أقوال الأئمة السابقة ، ولو كان المتكلم فيه من رجال البخاري ، أو ممن وثقه ، فكيف وهو قد ضعفه كما تقدم . وأما القول بأن من روى له البخاري فقد جاوز القنطرة ، فهو مما لا يلتفت إليه أهل التحقيق كأمثال الحافظ العسقلاني ، ومن له اطلاع لا بأس به على كتابه " التقريب " يعلم صدق ما نقول . والثاني : هب أن التحقيق ا لمذكور سالم من النقد ، فالإشكال لا يزال واردا بالنسبة للبخاري ، إلا أن يقال : إن قوله : " ما حدث الحميدي عن يحيى ابن سليم ، فهو صحيح " مما لا مفهوم له . وهذا بعيد كما ترى . والله أعلم .
وخلاصة القول : أن هذا الإسناد ضعيف ، وأحسن أحواله أن يحتمل التحسين ، وأما التصحيح ، فهيهات )).
إرواء الغليل – محمد ناصر الالباني – ج5 – ص 308 – 310