شكلت المحادثات البعثو – أمريكية والتي جرت برعاية من قبل دولة الميت " تركيه " مع ما يسمى بـ ( مجلس المقاومة العراقية )الذي يضم بقايا حثالة البشر من الفاشست البعثيين عودة جلية واضحة للسياسة الأمريكية السابقة في المنطقة والتي لا تستطيع التخلي نهائيا عنها ، وعن ربيبها السابق حزب العفالقة الذي تعهدت بتربيته والعناية به منذ نعومة أظفاره عندما تطلبت الأمور بان تقوم المخابرات العالمية بإنتاج طبخة جديدة اسمها " حزب البعث " وتسلم قيادها لشخصية غير سوية قوميا وفكريا وعقليا هو " ميشيل عفلق " بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط النازية وبروز قوى جديدة على الساحة السياسية العالمية ممثلة بالمعسكر الاشتراكي الذي ظهر كند للمعسكر الرأسمالي العالمي .
حيث أوعزت للحزب الكاريكاتوري الجديد أن يقوم بدوره المطلوب منه في التصدي للفكر الماركسي داخل البلدان العربية لكن بنفس التوجهات والأساليب القومية الفاشية التي سارت عليها النازية في وسط أوربا . بعد أن خلقت أجواء مناسبة لظهوره وسط تشابك سياسي وخلط للأمور بدرجة عالية من الدقة والتآمر الدولي والانقلابات المشبوهة للاستفادة من خيرات المنطقة ووضعها تحت هيمنة الرأسمال العالمي .
وقد تعثرت مهمة العفالقة كثيرا ولم يستطع حزبهم حتى الحبو ولو لمسافة قليلة داخل الساحة العربية خاصة بعد سلسلة من الانقلابات السورية التي أظهرت معدنه الردئ إذ أسرع قائده ميشيل عفلق وأصدر رسالة براءة من حزب البعث بعد ثلاثة أيام فقط من اعتقاله من قبل الحكومة الانقلابية لـ ( لزعيم حسني الزعيم ) مضمنا رسالته ترك السياسة والاعتكاف في منزله كما فعل بعد ذلك ( أحمد حسن البكر ) بعد انقلاب عبد السلام عارف على البعث في العراق في 18 تشرين 1963 ، متفرغا – أي البكر – للعناية بما يقتنيه من ( الهوش ) أو البقر . وكان حزب البعث أول الداعين للوحدة العربية التي ضمنها شعاره " وحدة حرية اشتراكية " ، وأيد الوحدة هو وحزبه البعث مع مصر عبد الناصر ثم كان أول المنقلبين عليها يوم الانفصال في العام 1961 .
وحزب البعث الذي عهدت قيادته إلى عفلق بعد أن انقلب على مؤسسيه الحقيقيين زكي الأرسوزي ورفاقه مثل الوجه الحقيقي للفاشست العنصريين الأوربيين ولكن بصيغة عربية جديدة رغم إن قائده الذي نزح أبوه اليهودي الديانة من مدينة " أفلك " الرومانية ليسكن وسط الحي السني الدمشقي الشهير الميدان بعد أن تحول للمسيحية هو غير عربي أصلا ، ولم يحمل في سلسلة أسمائه رجوعا لأجداده اسما عربيا واحدا كي يقنع حتى أنصاره بأصوله العروبية .
وعند احتدام الحرب الباردة في القرن الماضي بين المعسكرين الكبيرين في العالم ، المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي وتنازعهما على مناطق النفوذ في العالم هيأت إدارة المخابرات الأمريكية CIA عميلها وصنيعتها في المنطقة حزب البعث ليكون ضمن اللعبة الانقلابية ويدها الضاربة في تصفية القوى الوطنية العراقية وعرقلة مشاريع التطور في العراق والمنطقة خاصة بعد عودة البعث للسلطة العام 1968 ، وقبل ذلك في انقلابه الأسود المشؤوم المدعوم برجال المخابرات الأمريكية يوم 8 شباط الأسود العام 1963 . ثم في تسنم شقي مثل صدام حسين تدرب في دهاليز الـ CIA ومجموعة القتلة والمجرمين من الحلقة الضيقة حوله السلطة في عراق تتناوشه مشاكل عدة في قيادة السلطة ويبرز فيه دور النفط الاقتصادي ، وقرار الرأسمالية الدولية وعلى رأسها أمريكا مشعلة الحروب في العالم تهديم الصرح الاقتصادي والاجتماعي للوطن العراقي بإشعاله الحرب الكارثية بين العراق والجارة إيران التي استمرت ثمان سنين حتى تم استنزاف خيرات ورجال المنطقة بعملية الحرب القذرة وبإحياء مصانع الحرب المنتجة للأسلحة الفتاكة ، وبمساعدة مباشرة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA التي افتتحت مكتبا لها في بغداد لتزويد البعث العراقي بكل ما يحتاجه من دعم لوجستي معلوماتي حربي باعتراف وفيق السامرائي حلقة الاتصال آنذاك بخلية العمل الأمريكية في بغداد من خلال أقمارها الصناعية وطائرات الاواكس التي كانت تسيح في الأجواء السعودية . وتم أيضا السكوت المطبق عن حادثة قصف الفرقاطة الأمريكية ستارك وسط الخليج من قبل الطائرات العراقية إثناء حرب الناقلات وقتل 37 جنديا أمريكيا كانوا على ظهرها ، وما قدمته السعودية ومشيخات الخليج للنظام العفلقي بدفع وأوامر أمريكية للنظام الفاشئ لشراء أسلحة الموت والدمار إثناء الحرب المشؤومة .
ولما استنفذت أمريكا كل مآربها التي نفذتها بواسطة حزب البعث واستطاعت بحربين كارثيتين الوصول لمياه الخليج الدافئة الحرب العراقية الإيرانية وحرب تحرير الكويت ، فتشت عن مخرج لإزاحة عميلها السابق وكلبها اللاحق صدام حسين وحزبه الفاشي وباعتراف جورج بوش الأب الذي أجاب على سؤال عن سبب عدم إزاحة صدام حسين بعد حرب الكويت والاستفتاء الجماهيري بسقوط 14 محافظة في انتفاضة العراقيين الشعبانية قال ( الكلب كلبنا ) ، وكذلك لعدم جدوى وجوده وحزبه اثر تهاوي النظام الاشتراكي فكانت الحرب الكارثية الأخيرة التي أسقطت فيها أمريكا حليفها السابق واستطاعت بحذاقتها التخلص فقط من صدام حسين والحلقة الضيقة جدا المحيطة به بعملية عسكرية دمرت فيها كل ما تبقى في العراق من بنى تحتية ، وزادت من عدد الضحايا وأطلقت العنان لشراذم القاعدة وحليفهم البعث الساقط بتصفية العراقيين بدون رحمة .
لذلك عادت بعد أن صفت جميع أوراقها وأعادت ترتيبها من جديد بمغازلة عميلها السابق حزب البعث لأجل إعادة توظيفه في عراقها ( الجديد ) الذي يحكمه الآن خليط غير متجانس من وطنيين وطائفيين ورجعيين وبقايا اراذل البعث الذين غيروا لبوسهم السابق بسرعة البرق ، وجزء كبير من الانتهازيين والمنتفعين ويرقص وسط كل ذلك الجوق الكبير اليسار الماركسي العراقي بكرسيين وحيدين لا ثالث لهما .
لذلك لم تكن عملية مغازلة البعث والسعي لعودة الابن الضال للأمريكان مسالة جانبية أو بنت ساعتها بل هي ضمن المخطط الذي جرى وفقه احتلال الوطن العراقي وبالتالي توظيف شراذم البعث باسم المقاومة ، الذين نهقوا عاليا ضد
( الاحتلال الأمريكي ) ، وشاركوا اراذل القاعدة في قتل العراقيين بسياراتهم المفخخة وأسلحة الغدر الفتاكه كما فعل سيدهم المشنوق بخيرة أبناء العراق ، ثم ظهروا كأي عميل أمريكي ليتمسحوا ويقبلوا أقدام سيدهم الأمريكي السابق الذي قتلوا باسم مقاومتهم الشريفة خيرة أبناء العراق من اجل كسب رضاه .
هاردلك للشعب العراقي عملية التغيير الفاشلة التي وضع آماله العريضة عليها ، ومبروك لـ ( حكومة الوحدة الوطنية ) التي أثبتت جدارتها فقط بسلب ونهب الشعب العراقي من خلال وزرائها ( التكنوقراط ) ونواب مجلسها العتيد ، وإيجاد الأعذار والمبررات للحديث دائما عن سبب تدني الخدمات المقدمة لأبناء الشعب العراقي ، والقضاء على ما تبقى من بنى تحتية مهدمة خلفها نظام العفالقة . ونقترح تسليم وزارة المصالحة الوطنية لشخصية بعثية ( وطنية ) بارزة ، ونيابة الرئاسة للجمهورية لـ ( الرفيق ) عنزة الدوري .