لأننا ـ هنا ـ على الكتاب والسنة فلن تجد من بيننا ولله الحمد من يتعاطى الرشوة ولا تجد بين ظهرانينا من يلطخ يديه وسمعته شرفا ودينا في دهاليز الفساد وأكل حقوق الناس واستساغة المال العام. ولأننا هنا على الكتاب والسنة، فإن العام يمر بأشهره الاثني عشر وبأسابيعه الخمسين دون أن نسمع عن كارتيل لتهريب المخدرات ودون أن نقرأ عن عصابة لترويج المسكرات. ولأننا هنا على الكتاب والسنة فإن المرأة لدينا تستطيع أن تقطع المسافة بين قريتين وأن تمشي وحدها الفارق بين مدينتين دون أن يعترضها أحد، ولأننا على الكتاب والسنة صار من الخصوصية المذهلة التي لا يتمتع بها أحد غيرنا على وجه هذه البسيطة أن تأمن على حرمك المصون أن تذهب لبيت الجيران الرابع بعيد المغرب دون أن تخاف عليها من تحرش أو مضايقة.
كل ما بعاليه مجرد تمهيد للحقيقة التالية التي سبق أن مررت عليها من قبل: تقول الإحصاءات إن الجهات الشرعية والدعوية تقوم مشكورة بما يقارب 300 ألف منشط توعوي ودعوي في العام الواحد وهو رقم ضخم هائل عملاق يكفي لضبط وتقويم وإصلاح سلوك عشرة شعوب مجتمعة. ومن وجهة نظري فلا يوجد شعب على الإطلاق يتعرض لعشر هذه الكثافة التوعوية ومع هذا: شاهدت بأم عيني فاتنة الجمال تمشي نصف عارية في إسطنبول على ذات الرصيف الذي يسير عليه عشرات الشباب دون أن يرفع (واحد) منهم نصف رمشه. شاهدت موظفة الشركة في كوالالمبور تخرج من مكتبها إلى زحام الطريق دون أن يلتفت إليها أحد. شاهدت باص المدرسة في الإسكندرية يقف ببنات الثانوية على طرف الميدان الضخم وكل مضت في حال سبيلها فمن هو الذي فيكم يجرؤ هنا أن يترك زوجته أو ابنته تزور أقرب الأقربين في ذات الحي وحدها منتصف النهار دون حراسات أشبه بالمواكب؟ سؤالي الخيال: كيف نحن بهذا السلوك المخيف رغم 300 ألف نشاط دعوي وتوعوي؟ وسؤالي لما فوق الخيال: كيف كان سيكون سلوكنا الوحشي لو أننا لم نكن على الكتاب والسنة؟ http://www.alwatan.com.sa/news/write...13235&Rname=22