في مايو الماضي، تعرّض رتل من السيارات الأميرية، بينها سيارة يستقلها إثنان من الأمراء من فرع الفرحان، الى هجوم مسلح في شارع داخلي متفرع عن طريق الملك فهد بالرياض، قتل على أثره الأميران، فيما لم تصب السيارات الأخرى بسوى طلقات نارية.
الإعتقاد الأولي لدى الداخلية كان يشير بأن القاعدة هي من قام بالهجوم. وبعد التحقيق الذي استمرّ نحو ثلاثة أسابيع، تبيّن أن هناك جهة أخرى ـ غير معلومة لدى السلطات هي من يقف وراء الهجوم المسلّح.
وفي أواخر يونيو الماضي، تعرض موكب أحد الأمراء في جدة (لم يعلم من هو حتى الآن) الى هجوم مماثل قيل أنه نجا منه بأعجوبة، وأن نتيجة الهجوم هو جرح أحد الأمراء الصغار، من حفدة الملك فهد، فيما فرّ المهاجمون الذين فاجأوا الموكب، بسهولة ويسر مرّة أخرى.
أيضاً كان التوقّع يشير الى أن خلايا القاعدة التي نشطت مؤخراً من موقعها في اليمن، بانضمام سعوديين اليها، هي من قام بالهجوم، ولكن الأدلة كانت تنقص المحققين، الذين حاولوا الربط بين هجومي الرياض وجدة. وقيل أن هجوماً ثالثاً (غير مؤكد الحدوث) قد وقع في مكة أيضاً استهدف أحد المسؤولين الأمنيين فيها.
الربط بين الحادثين كشف عن أسلوب جديد مختلف عن أساليب القاعدة، لا يعتمد الطريقة الإنتحارية، بل هو أقرب الى أسلوب (الإغتيالات) وتتوضح فيه معالم (الترصّد المسبق) و (الإنتقام) و (الإختيار الدقيق) للمكان والأشخاص. وتقول مصادر مطلعة أن المسؤولين الأمنيين السعوديين، وبمساعدة محققين عرب من الأردن، باتوا يميلون الى أن القائمين على الهجمات المسلّحة قد يكونوا من المتأثرين بالفكر الجهيماني، أو هم من عناصر قريبة من عوائل ضحايا جماعة جهيمان.
المصادر نفسها تقول، بأن أجهزة الأمن تناست قضية جهيمان التي أثرت في السياسة السعودية طيلة العقود الثلاثة الماضية، ولم تتوقع انتقاماً متأخراً كهذا، إما على خلفية قبلية أو دينية متشددة. وبناء على ذلك، جرى استعادة الملفات القديمة، والتحقيق مع كل من كانت له صلة بالمجموعة الكبيرة التي شاركت في السيطرة على الحرم المكي في نوفمبر 1979م، ومواجهة الجيش والحرس السعوديين داخله.
تجدر الإشارة الى أن النظام أعدم نحو 180 شخصاً من جماعة جهيمان بعد استسلامهم فوراً، ولكن من دون إعلان أو إعلام. ولكنه أعلن انه سيعدم 63 شخصاً بينهم جهيمان، وفعلا تم تقسيمهم على ثمان مدن سعودية وأعدموا في 19/1/1980م. وقد اعدم جهيمان في مكة تحت اشراف الرائد علي المشعوف. الذي أبقى عيني جهيمان غير معصبتين، ليشاهد بهما مقتل أفراد جماعته الواحد تلو الآخر.
الأهم من هذا، ومما له صلة بالأحداث الأخيرة، هو أن الأمير سلمان وولي العهد فهد (الملك لاحقاً) دخلا على الملك خالد لإقناعه بقتل أطفال ونساء جماعة جهيمان ممن اعتقلوا مع أزواجهم وآبائهم في الحرم المكي الشريف. الملك خالد، حسب مصدر كان حاضراً، رفض وقال بأن ذلك (حرام!)، وتساءل: ماذا سيقول العالم عنّا، إن نحن قتلنا أطفالاً ونساءً؟
هنا تدخل الأمير سلمان، امير الرياض، واوضح للملك خالد بأن قتل الأطفال ضرورة، لئلا يكبروا وينتقموا مما حدث لآبائهم، وأضاف بأن أحداً من الشعب والعالم لن يعرف بما سيجري. إلا أن الملك خالد رفض الأمر، وقام غاضباً، وهو يردد: حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبي الله عليك يا فهد!
وفعلاً قامت السلطة وبأمر من فهد بإعدام جماعي للأطفال وعدد غير قليل من النساء، حفرت لهم حفر كبيرة ثم أطلقت عليهم نيران الرشاشات، وألقوا في الحفر ودفنوا، وكان من بينهم ممن لم يمت بعد، حسب أحد الشهود لإحدى المجازر في مكة المكرمة.
لهذا كان التساؤل الحالي: