دعا المهندس الفلسطيني معتصم زكي (عضو حزب التحرير بفلسطين سابقاً) المسلمين إلى اتباع نهج أهل البيت (عليهم السلام) متسائلاً "أين نحن من وصية رسول الله؟ إن جميع بقاع المسلمين – غير الشيعة – لا يعرفون أهل البيت (ع)، فكيف ينصر الله أمة لا تعرفهم؟!، مضيفا "(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فعندما نريد أن نغير واقع الأمة يجب علينا أن نغير ما في قلوبنا وعقولنا على أساس نهج آل البيت (ع)، فنحن إنما نكون أقوياء بالتمسك بكتاب الله وعترة أهل بيت النبي (ص)". جاء ذلك في لقاء مفتوح استضافه فيه الموكب الحسيني في مأتم قرية كرزكان (البحرين) ليل أمس الثلاثاء الموافق للثاني عشر من أبريل 2005م.
وعلى رغم ما نقله من أن بعض الجماعات الإسلامية في فلسطين - كما هو في غيرها - تكفر الشيعة، إلا أن زكي - الذي أعلن تشيعه قبل عام - قال "إن الجميع في فلسطين يحبون السيد حسن نصرالله، ولكن حين تقول لهم أنه شيعي، يقولون لك: لا! الشيعة شيء ونصر الله شيء آخر! فيما أنني أعتقد أن أغلب المستبصرين الفلسطينيين يستبصرون بسبب السيد".
المهندس معتصم زكي قال أن زوجتي تشيعت قبل شهر واحد فقط، أي بعد ما يقارب العام من تشيعه، وعند سؤاله عن أولاده قال مازحاً: لديّ خمسة أولاد صغار... سيصبحون شيعة بالطبع!.
واقع الأمة الإسلامية ونهج أهل البيت (ع)
وكان زكي قد بدأ حديثه عن واقع الأمة الإسلامية إذ قال ينبغي أن يكون واقعها كما هي الآية الكريمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، إلا أن الأمة اليوم أصبحت من أذل الأمم، وأصبحنا كالأيتام على مائدة اللئام، وإن العقل والشرع يرفض ذلك، فأين هو الخلل؟ وأضاف: المريض يبحث عن الطبيب المختص لتشخيص علاجه، والأمة مريضة فمتى أصيبت بهذا المرض؟ هل هو بعد إطاحة أتاتورك في تركيا بالدولة العثمانية عام 1923م؟ أم ماذا؟
واعتبر "السقيفة" بعد وفاة الرسول (ص) محطة الخلل التي لم يتبع فيها المسلمون وصية نبيهم حين قيل له "حسبنا كتاب الله"، وهو القائل (ص): "إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي"، وهو القائل أيضاً: "مثلي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق"، وهذه الأحاديث متواترة لدى كل المسلمين من أبناء العامة والشيعة.
ووجه زكي خطابه إلى الحاضرين بقوله: لقد أراحكم الله من عناء البحث (عن الحقيقة بالتشيع)، فادعوا إلى ذلك بكل ما لديكم من قوة، إن الفلسطينيين بحاجة إليكم فادعوهم إلى مذهب أهل البيت (ع)، وكل المسلمين بحاجة إلى هذا الخير، هذا واجبكم الشرعي بحسب الأدلة الشرعية والعقلية، فأنا أعتقد أن فلسطين لن تتحرر إلا على يد المؤمنين. مشيراً إلى أن التشيع لآل البيت (ع) يعد جوهر الإيمان وحقيقته، وفي موضع آخر استشهد بقول الأمين العام الأسبق لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي (يأبى القدس أن يتحرر إلا على يد المؤمنين).
قصة الاستبصار
وعن كيفية تحوله إلى مذهب أهل البيت (ع) والذي دعاه إلى ذلك، قال المهندس: كنت في حزب التحرير وهو حزب إسلامي بفلسطين لحوالي 17 عاماً، إلا أنني لاحظت الكثير من المشكلات التي نعاني منها، والتي لا سبيل لذكرها الآن، وفي إحدى الفترات تابعت محاضرات للشيخ حميد المهاجر على قناة الرشاد الفضائية التي كانت تبث لمدة ساعة أو ساعتين أيام عاشوراء، ولم أكن حينها أعرف شيئاً عن الحسين وأهل البيت (ع) سوى أن للحسين قصة حزينة.
وبعد أن استمعت إلى الشيخ المهاجر وعرفت أنه يتحدث عن مظلومية الحسين (ع) أبكتني القصة كثيراً، وقد ناقشت أفراد الحزب فيها لعلنا نستفيد من ثورة الحسين (ع) فدائماً كانوا يتهربون من الحديث في هذا الشأن واتهموني بأني "رافضي"، وكانوا يقولون لي "إنها فتنة عصم الله المسلمين منها فلنعصم منها ألستنا"، وبات مجرد الحديث عن أهل البيت (ع) ممنوعاً ويثير الفتنة!
بعدها اتجهت لمتابعة محاضرات للسيد كمال الحيدري في قناة سحر الإذاعية، لقد كان يتحدث بشكل رهيب، وكان كلما سمعته ينقض لديّ أفكار بأسلوبه الفكري العقلي المقنع، لقد كنت أسجل محاضراته وأناقش بها أهلي وأفراد الحزب فلم يأتني أحد بأجوبة على أسئلتي، بعدها استقلت من الحزب وقلت "هذا فراق بيني وبينكم".
بعد فترة تعرفت على عالم الإنترنت والشيعة فيه وأخذت أدخل على غرف المحادثة في برنامج البالتوك وأستمع للمناظرات في هذا الشأن، والحمد لله أصبحت الآن شيعياً، ومنطقتي التي أسكنها أصبح فيها العشرات من المستبصرين.
فلسطين والتشيع
وعن انتشار مذهب أهل البيت (ع) بفلسطين، قال: خلال السنوات الثلاث الأخيرة انتشر التشيع في عدد من مدن غزة، وبشكل أقل في مدن بالضفة، هناك العشرات من الشيعة في قلقيلية والعديد منهم في نابلس وطولكرم وغيرها، وهذا إنجاز رهيب حتى الآن.
وعن ما إذا كان الشهيد فتحي الشقاقي (قائد في حركة الجهاد الإسلامي بفلسطين) تشيع قبل استشهاده وأنه سجن بسبب كتاب للإمام الخميني (قدس سره) قال: نعم، كان الشقاقي وبعض قادة الجهاد شيعة، مشيراً إلى أن حركة الجهاد تضم العديد من الشيعة اليوم لكنهم لا يعلنون جهرة عن تشيعهم.
وعن عوامل عدم انتشار التشيع بشكل كبير في فلسطين قال: لا يوجد لدينا كتب عن أهل البيت (ع)، كما أن بعض الجماعات يعتبرون التشيع خطراً قد يفوق خطر اليهود! إنها مشكلة وبجهود الشيعة في العالم يمكننا حلها.
وكشف زكي عن استدعائه من قبل السلطة الفلسطينية لمساءلته عن دعوته لمذهب أهل البيت (ع)، قائلاً: قلت لهم أن هذا الأمر عقلي وقد توصلت له بمجهودي الخاص وليس بتنسيق مع أحد في الخارج، واعترضوا على أحاديثي بشأن أبي بكر وعمر فقلت لهم بأن الشيوعيين في فلسطين ينكرون وجود الله سبحانه وينكرون رسالة النبي (ص) وهو يتقلدون المناصب في الدولة ولهم حريتهم فماذا لو أنني أنكرت أبا بكر وعمر... هذه حريتي في الاعتقاد.
وأضاف: لديّ محل تجاري، وقد واجهني العديد من الزبائن بتهم الكفر والمقاطعة واعتبار بضاعتي نجسة لا يجوز شراؤها، وبعد فترة حين وجدوا أن معتصم الذي يعرفونه بحسن تعامله وحبه لهم وحضوره لأفراحهم وأتراحهم هذا هو لم يتغير، اكتشفوا وأدركوا خطأهم. مضيفاً بلهجته: "الواحد بدّو يتحمـّل".
وعند سؤاله: هل هناك ضرر على الشيعة في فلسطين؟
أجاب: هناك ضرر على الشيعة في العالم كله!
رؤيا
وإثر سؤال وجهه له أحد الحاضرين عما إذا كان قد رأى رؤيا في المنام ذات صلة بالموضوع، قال: رأيت أنني كنت جالساً مع الشباب والأصدقاء وكان الجو ماطراً وعاصفاً، فتركتهم وهم مستنكرين ذهابي عنهم في هذا الطقس، فسرت وسط أشجار الصبار والشوك حتى تعبت ولم أعد أحتمل فناجيت الله سبحانه أن ينقذني، وأنا أصرخ: يا الله ساعدني... فإذا بي أرتفع إلى السماء وواصلت المسير فوجدت هناك نوراً ساطعاً ووردة أذهلتني، وهناك امرأة تصلي قد بهرني النور الساطع منها فهو لا يوصف، فسلمت عليها وردت السلام وقالت لي بالحرف الواحد "دير بالك يا ابني"، فسررت بذلك، وعدت لمواصلة المسير فتكررت الحال وازدادت المخاطر وكدت أسقط على الأرض من شدتها فرجع نفس المنظر مرة أخرى وذهبت إليه فإذا بالسيدة بعد أن سلمت عليها ترد وتقول "لا تسقط يا ابني"، قلت لها أنا لا أستطيع أن أكمل... وصرخت ساعديني... ساعديني... حتى استيقظت من النوم!
متفرقات من الحوار
- إن أكبر مشكلة يواجهها الإنسان عند انتقاله إلى مذهب أهل البيت (ع) هي نفسه، فقد عشت معركة مع نفسي، أذكر مثالاً صغيراً عليها، إذ أنني تساءلت عن الصلاة على محمد وآل محمد في صلاتنا، كنت أسأل نفسي: من هم آل محمد؟ ولماذا نصلي عليهم في الصلاة؟ أليست صلاتنا عليهم من صلب الدين؟!
إنه سؤال بسيط بالنسبة إليكم، لكنه سؤال صعب جداً في الأردن أو فلسطين فلن تجد اثنان يقولان لك أن آل البيت هم هؤلاء... هذا مستحيل!! أنا رجعت إلى صحيح مسلم ورأيت حديث أهل الكساء وعرفتهم.
- السيد نصر الله كما كان الإمام الخميني يتحلون ببعد نظر في تعاملهم مع القضية الفلسطينية، ويعون للبعد السياسي أكثر منا.
- أعتقد أن أغلب المستبصرين في فلسطين إنما يستبصرون بسبب السيد حسن نصر الله، حين يسأل الفرد من أين لنصر الله هذا الفكر؟ ومن أين له هذا النهج؟ إنه نهج أهل البيت (ع)، فالإسلام الصحيح هو نهجهم والدليل على ذلك محبة السيد نصر الله عند الجميع... الكل في فلسطين يحب السيد نصر الله لكنك عندما تقول أنه شيعي، يقولون لك: لا... نصر الله شيء والشيعة شيء آخر!!
- لقد حاول الاستعمار تحجيم القضية الفلسطينية، ودعوة الإمام الخميني ليوم القدس العالمي (آخر جمعة من شهر رمضان) أعادت القضية إلى مسارها الطبيعي، وهذا هو الصحيح.
- أول كتاب قرأته عن التشيع كتاب "الحقيقة الضائعة" لمستبصر سوداني.
- أختلف مع الشيعة في بعض الأمور، وهذا أمر طبيعي كون هذا الفكر والمذهب جديد بالنسبة لي، فأنا ما زلت أحتاج إلى البحث عن هذه الأمور، ولكن الأهم هو أنني أتمسك بأساس مذهب أهل البيت (ع) وأحاول بناء عقليتي على ذلك.
- هناك شبهات وقضايا ما زلت أبحثها وهي مثار الاختلاف بين الشيعة أنفسهم، مثل قضية التطبير.
- أقولها بصراحة وهذا اعتقادي الشخصي: "كل من ليس على مذهب أهل البيت (ع) فهو ضال".
- قناة سحر الإذاعية التي تبثها إيران إلى العرب لا تأثير كبير لها في فلسطين.
- حالياً أقلـّد السيد القائد لبراءة الذمة، ذلك لأن الإنسان المكلف عليه أن يقلد (في المسائل الفقهية)، لكنني أريد التوسع وإكمال البحث في هذه المسائل وكذلك في مسألة ولاية الفقيه وغيرها.
- نعم، نخطط لإقامة مأتم عزاء (مبسط) في فلسطين عن الإمام الحسين (ع).
- الحصول على التربة الحسينية في فلسطين كالكنز!.
- عند سؤاله: هل هناك فرق بين أن تكون سنياً أو تكون شيعياً؟
أجاب بالآية الكريمة (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
- المستبصر الفلسطيني لم يقابل أي فقيه أو مرجع شيعي كما قال، أما عن سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم فقال: صليت وراءه ولم أقابله بعد، لكنني قابلت عدة علماء هنا في البحرين.
- اعترض أحد الحضور قائلاً: حصر المؤمن في الملسم الشيعي قد يكون موجوداً في الروايات ولكن الوضع الحالي ومسألة الدعوة إلى الوحدة الإسلامية لا تتناسب مع هذا الخطاب؟
أجاب: يجب أن تكون الدعوة للوحدة على أساس ثوابت محددة، فمثلاً لا يمكن أن أدعو إلى الوحدة على أساس أن الحسين (ع) خرج على إمام زمانه يزيد!... نعم علينا أن ندعو إلى الوحدة وفق ثوابتنا... وإلا كيف يكون المؤمن مؤمناً (مع كونه مسلماً) إذا لم يؤمن بولاية أمير المؤمنين؟! لأن ولايته وولاية أهل البيت (ع) ركن من أركان الإيمان.
- جئت إلى البحرين بدعوة من بعض معارفي الذين عرفتهم على طريق الإنترنت، وقد لمست من شعب البحرين الطيبة والكرم.
نصيحته للشيعة
فلنحاسب أنفسنا يومياً ماذا فعلنا لنشر الإسلام؟ إن نشر مذهب أهل البيت واجب شرعي وعقلي، وهناك الكثير من المسلمين بحاجة إلى هذا الطريق، وهو طريق النجاة الذي لا يوجد طريق للنجاة غيره.
اللهم ثبته على منهج اهل بيتك الطاهرين اللهم امين و اكتب له السعادة في الدارين اللهم آمين