5- ابن عبد ربه والعقد الفريد:
إنّ شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفّى عام 463هـ) عقد فصلاً لما جرى في سقيفة بني ساعدة ، وقال: تحت عنوان ((الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر)): علي والعبّاس ، والزبير، وسعد بن عبادة ، فأمّا علي والعبّاس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حيث بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطّاب ليُخرجهم من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة، فقالت : يا ابن الخطّاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة.
(العقد الفريد 4: 87، تحقيق خليل شرف الدين).
وهذا النص من هذا المؤرخ الكبير، أقوى شاهد على انّ الخليفة قد رام احراق الباب والدار بغير أخذ البيعة من علي ومن لازم بيته، وما قيمة بيعة تؤخذ عنوة.
6- ابن عبد البر والاستيعاب:
روى أبو عمرو يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البر (368 ـ 463هـ) في كتابه القيم ((الاستيعاب في معرفة الأصحاب)) بالسند التالي: حدّثنا محمّد بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن أيّوب حدّثنا أحمد بن عمرو البزاز، حدّثنا أحمد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن نسير، حدّثنا عبد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، انّ عليّاً والزبير كانا حين بُويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر، فقال : يا بنت رسول الله ، ما كان من الخلق أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ.
ثمّ خرج وجائوها. فقالت لهم: إنّ عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلنّ، وأيم الله ليفينّ بها.
(الاستيعاب 3: 975، تحقيق علي محمّد البجاوي، ط القاهرة).
ثمّ إنّ أبا عمرو لم ينقل نصّ كلام عمر بن الخطّاب، وإنّما اكتفى بقوله: ((لأفعلن ولأفعلنّ)).
وقد تقدّم نصّ كلامه في نصوص الآخرين كابن أبي شيبة والبلاذري والطبري، ولعلّ الظروف لم تسنح له بالتصريح بما قال.
7- ابن أبي الحديد وشرح نهج البلاغة:
نقل عبد الحميد بن هبة الله المدائني المعتزلي (المتوفّى عام 655هـ) عن كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري انّه قال: لما بويع لأبي بكر كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى عليّ، وهو في بيت فاطمة، فيتشاورون ويتراجعون أمورهم، فخرج عمر حتـّى دخل على فاطمة عليها السلام، وقال: يا بنت رسول الله ، ما من أحد من الخلق أحبّ إلينا من أبيك، وما من أحد أحبّ إلينا قلت بعد أبيك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم، فلمّا خرج عمر جائوها، فقالت : تعلمون انّ عمر جائني ، وحلف لي بالله إن عدتم ليحرقن عليكم البيت، وأيم الله ليمضين لما حلف له.
(شرح نهج البلاغة 2: 45، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ).