للعجوز ( سعادة ) في مثل هذا اليوم بعضٌ منْ طقوسْ
عكّازُها الأثريُّ يُلقى جانباً حتّى المغيبْ
وعمودُها الفقْريّ يُرفعُ قائماً حتّى المغيبْ
في وجهها الخدان تهرب منهما تلك التجاعيد القديمةُ
و من شفتيها تخرج أشباح اليباس بنزهة حتّى المغيبْ
و فؤادها المذبوح يُبعثُ خافقاً حتّى المغيبْ
ينمو لها في الفجر أجنحةٌ
تطير بها إلى كلّ القلوبْ
تعلو مع الأحلامِ
مع ضحكِ الثغورْ
**
و رداؤها الورديّ يُنسج بالأريجِ بريحان الصدورْ
و التاج فوق جبينها المخلوق شمساً
في محارات البراءة شُكّلتْ خرزاتُهُ
جُبلتْ بماء النور مع عبق العطورْ
حتّى المغيبِ
تطيرُ حسناء النهارِ
فتشعّ أفئدة الوجود كأنّها قطعُ النُضارْ
حتّى المغيبِ
تضجّ غابات المحبّةِ بالنموّ وبالبذارْ
وتعومُ آلاف الزوارقِ في بحارٍ من سرورْ
حتّى المغيبِ
تسيطرُ البشرى على وقع الزمانِ
و تدفن الأحداق ُ نظرات الشرورْ
و تصدّ حسناء النزيف حبيبها الموتَ اللحوحَ
فينزوي خلف القبورْ
و تنام ذاكرة الأسى بمخدّر الفرح المرفرف فوق أخيلة الشعورْ
و تفيض أقلام الوجود بأحرف تزهو وترقص في السطورْ
و يزيدُ تحليق الطيورْ
و تعانق الأشياءَ أعمدةُ البخورْ
و الفرْح يكسب جولةً
في مثل هذا اليومِ حيث الدمع يقبع داخل العرق الغزيرْ
واليأس يطعنه التفاؤلُ ذلك المذبوح أصلاً منذ دهر بل دهورْ
في مثل هذا اليوم ترتاح النجوم
ترتاح أسماعُ الشوارع من لهاثٍ كالزئيرْ
يعدو وراء طرائدٍ من معدنٍ
تعدو ويعدو خلفها خوفٌ عظيم يرتدي جسماً صغيرْ
وطرائدٍ منسوجة من وهم رأس هائم عبر العصورْ
خيطٌ وحيد من خيوط الوهم هذا
ربّما تكفي لنسج مدينة فيها جبال من هديرْ
في العيدِ يفرحُ قلبيَ الملتاعُ حقّاً
مثلما طفل صغيرٌ فاجؤوه بدمية تحت السريرْ
و أُطلّ من شبّاك نفسي المظلمةْ
لأرى وجوها لا سجونَ بعمقها
لأرى طيورا لا حدودَ لريشها
تعلو وتعلو تحتسي خمرَ الأثيرْ
لأرى الحياةَ على السجيّّة دونما لونٍ صناعيّ
و لا طعم صناعيّ
أراها وردةً مازال نسغُ الأرض في شريانها
وندى البراءة فوق خديها
أراها مثل مملكة الضميرْ
حتّى المغيبْ
وتعود جدّتنا ( سعادة) عند ذاك لحالها المعهودِ
من وجهٍ مطوّىً و انحناءٍ قابع فوق الحصيرْ
و أنا أعود لنفسي الظلماء ِ
إلى أن تُنبتَ الأيام عيداً آخرَ
أو تصبح الأيام أعياداً بغرس الحبّ في حقلٍ كبيرْ