من الآثار البالغة التي تركها لنا سيد البلغاء أمير المؤمنين علي عليه السلام : (نهج البلاغة)
ذلك المنبع العلمي والأخلاقي الذي يحمل الخطب والحكم والمواعظ .. التي لو أتخذناها منهاجاً لحياتنا لضمنا الدنيا والآخرة من هذه المواعظ حديثه حول الموت :
كيف يكون ذلك اللغز الكبير الذي نرهبه جميعاً ولكن لا نعمل من أجل اليوم الذي سوف يزورنا فيه ..
يقول الإمام علي عليه السلام عن تهافت الناس على الدنيا :
اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت ففترت لها أطرافهم وتغيرت ألوانهم , ثم أزداد الموت فيهم ولجاً فحيل بين أحدهم وبين منطقه , وأنه لبين أهله ينظر ببصره , ويسمع بإذنه على صحة من عقله وبقاء من لبه يفكر فيما أفنى عمره وفيما أذهب دهره ويتذكر أموالاً جمعها وأغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها , تبقى لمن وراءه ينعمون فيها ويتمتعون بها , فيكون المهنأ لغيره والعبئ على ظهره , والمرء قد غلقت رهونه , فهو يعض يداه ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره , ويزهد فيما كان كان يرغب فيه أيام عمره ويتمنى الذي كان يغبطه بها ويحسدها عليها قد حازها دونه ... فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى يخالط لسانه سمعه , فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه يردد طرفه بالنظر في وجوههم يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم ثم ازداد الموت ألتصاقاً به , فقبض بصره كما قبض سمعه , وخرجت الروح من جسده , فصار جيفه بين أهله قد أوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه لا يسعد باكيا ولا يجيب داعياً ثم حملوه إلى مخط في الأرض , وأسلموه فيه إلى عمله وأنقطعوا عن زورته...
هذا هو الموت , فيبدأ بالأطراف فتفتر تلك القوة الجبارة وتتغير الألوان لهول ما نزل بها , ثم يؤخذ باللسان هذا العضو الذي يومياً نستخدمه فيما يسيئ ونحن نحسب أننا نحسن صنعاً , ينظر هذا الطريح إلى أهله ويسمع ما يقولون ولكن لا يستطيع جواباً ثم يذهب سمعه , يالله! هل تتصورون معي ذلك الموقف ؟ أنظر إلى أهلي وأرى شفاههم تتحرك ولا أسمع ما يقولون , وتأتي المرحلة الأخيرة يذهب البصر ويدخل هذا الملك العظيم ليستخرج الروح وعندما ينتهي من قبضها يسمع البكاء على الميت يتعجب منهم ويقول : لما تبكون ؟ فلي رجعه بعد أخرى حتى لا أبقي منكم أحداً ..!!..!!
ولا بد من يوم سنمر به في هذه المرحلة , فهل أستعدينا لهذا اليوم ؟!؟!؟!
ماهي حقيقة الموت؟!؟!؟!؟!
خلق الموت للتعبد بالصبر عليه ، والحياة للتعبد بالشكر عليها ، أو الموت للاعتبار والحياة للتزود. وكما قيل ان السبب في تقدم الموت لأنه إلى القهر أقرب أو لأنه أقدم.
الموت والحياة هما خلقان من خلق الله سبحانه وتعالى
وكما قال أبي جعفر عليه السلام:
" إذا جاء الموت فدخل في الإنسان لم يدخل فيشئ إلا وقد وخرج منه الحياة"
وسُئل الإمام الصادق عن الميت هل يُبلى جسده ؟ قال :
"نعم حتى لايبق له لحم ولا عظم إلا طينته التي خُلق منها فإنها لا تُبلى تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرة"
سؤال يتبادر إلى الذهن عن كيفية نزع الروح؟
وكيف ينزع ملك الموت الروح من جميع الخلق في وقت واحد؟!
وهل لــه أعوان ..!
قال الله تعالى في كتابه الحكيم:
"قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِيوُكِّلَ بِكُمْثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ"السجدة آية 11
اي يقبضون أرواحهم وقيل أيضاً حتى إذا جاءتهم الملائكة لحشرهميتوفونهم إلى النار ويوم القيامة.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملآئكة بيده لوحمن نور لا يلتفت يميناً ولا شمالا مقبلا ,عليه ثياب كهيئة الحزين, فقلت من هذا يا جبرائيل؟
فقال : هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح
فقلت: أدنني منه يا جبرائيل لأكلمه
فأدناني منه فقلت له : يا ملك الموت أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟
قال : نعم.
قلت : وتحضرهم بنفسك؟
قال : نعم ما الدنيا كلها عندي فيما سخر الله لي ومكنني منها إلا كدرهم في كفر الرجل يقّلبه كيف يشاء, وما من دار في الدنيا إلا وادخلها في كل يوم خمس مرات وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي إليكم عودة وعودة لا يبق منكم أحد...
قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
"كيف بالموت طامة أي تفوق ما سواها يا جبرائيل"؟
فقال جبرائيل : ما بعد الموت أطم يأعظم و أفقم وأعظم من الموت !!
ماذا بعد الموت في القبر و ما عالم البرزخ ؟!؟!
عالم البرزخ وحقيقته...
البرزخ مرحلة من المراحل الطبيعية التي يمر بها الإنسان كما مربها من قبل بمرحلة الأصلاب والأرحام ثم مرحلة الدنيا , وبعد الموت تكون أرواحالمؤمنين في نعيم وسرور والكافرين في جحيم وعذاب وحسرة وندامة ...
يقول الإمام الصادق عليه السلام :
"والله أتخوف عليكم من البرزخ ,قيل وما البرزخ ؟! فقال : القبر منذ حين موت الإنسان إلى يوم القيامة"
فالبرزخ عالم خاص له مقاييسه الخاصة التي تحدد منزلة الإنسان على حسب أعماله في الدنيا , البرزخ مقدمة ليوم الحساب الأكبر , فأما يتحول القبر إلى روضه من رياض ونعيم مؤقت وأما إلى عذاب وجحيم مؤقت , كل ذلك يُعتبر المنزل الأول والمرحلة الأولى من مراحل الآخرة حيث الحساب الأكبر ...
هكذا تكون حالة الأرواح في عالم البرزخ , فيتحدد السعيد والشقي على ضوء ما قدمه في حياته الدنيوية من أعمال صالحة وطاعة لله سبحانه وتعالى فعند انتزاع الروح تبدأ الحياة الجديدة , بل ومن مرحلة الإنتزاع يستطيع المؤمن أن يعرف مصيره الذي ينتظره ....
وكما عبر عنه القران الكريم بدار السلام وأيضاً بــ وادي السلام نسبة إلى الروايات باعتباره مكان تستقر فيه الأرواح...
منذ أيام عم الألم جسدي وأحسست أن وعدي قرب, وعلامات الموت ظهرت علي وفي وقت الاحتضار أداروا بوجهي نحو القبلة ومدو يدي وأسبلوا رجلي , و أحاط بي أهلي وقرابتي ومنهم من دمعت عينه ومنهم من انكسر قلبه, أغمضت عيني بهدوء وغرقت في بحر أفكاري وأفكر في نفسي فيما أفنيت عمري؟ ومن أين جمعت أموالي ؟ وكيف أنفقتها...؟
في تلك الأثناء انتبهت إلى وجود شبح طويل القامه يرتدي ثيابا بيضاء قد نشب بيديه في أطراف أصابع قدمي وأخذ يتجه نحو الأعلى من جسدي ولم أكن اشعر بالألم وما شعرت به إلا عندما ارتفع نحو الأعلى وبدا يزداد شيئا فشيء حتى أحسست بان رأسي سوف ينفجر وجميع أعضائي تتحطم!! وبدأت أحاول أن انطق بالشهادتين كما يلقنني عمي
أشهد أن لا إله ألا الله وأشهد أن محمد رسول الله وأشهد أن علياً ولي الله ولما أردت تحريك لساني بدأت الشياطين تتجمع حولي حتى لااستطيع أن أتكلم و ماهي إلا دقائق إلا بنور قد أتى
قد فر منه جميع الشياطين وإذا بنور الأئمة عليهم السلام قد حضروني في تلك اللحظات الحرجة وببركة وجودهم أشرق وجهي واطلق لساني فحركت شفتي ونطقت بالشهادتين
في القبر بعد تغسيلي وتكفيني أخذوني وأنزلوني في حفرة صغيرة ضيقة أدركت بإنها مسكني الجديد وهو ما يُسمى بالقبر..
القبر هو بداية لعالم البرزخ , تأتي فيه الملائكة لحساب العبد, فبعد التغسيل والتكفين يدفن المرء في هذا القبر ويأتي له ملك اسمه رومان ليعلق صحيفة أعمال العبد في الدنيا على عنقه ولا تزال هذه الصحيفة حتى ياتي الملكان منكر ونكير .
لم يمض الوقت الكثير على انصراف الرومان وبدات اسمع اصوات غريبه عجيبه فبدات تقترب مني شى فشي حتى وقف امامي شبحان ضخمان عملاقان فتأكدت انهم منكر ونكير..
فتقرب مني احده وصاح صيحه لو سمعها اهل الدنيا لماتوا وتصورت بان امري قد انتهى وبعدها تكلم وبدأ يسال..
من ربك ..!؟
وما دينك؟
من نبيك ..!؟
من امامك ...!؟
فلم استطع أن أتكلم وتيقنت بأن أحد الأعمدة سوف تنزل على رأسي فبدأت أرجو رحمة الله وشفاعة المعصومين فبدأت أردد:
يا أفضل من خلق الله كنت أطلب منكم أن تعينوني في قبري وليس من كرمكم التخلي عني في هذا الحال وبدا منكر ونكير أكثر شفقه علي وامتلئ قبري بالنور..
وقلت بصوت عالي :
الله الكريم ربي و الإسلام ديني و محمد صلى الله عليه وآله نبي وعلي عليه السلام وأولاده المعصومين أئمتي والقران كتابي والكعبة قبلتي..
وبعد أن أجبتهم فتح لي منكر ونكير باب جهنم وقالوا لولم تحسن الإجابة لكان مقرك هنا...!
وبعد ذاك فتحوا لي باب الجنة وقالوا هنا مكانك ومستقرك...
!۩۞Ξ……Ξ۞۩خفايا البرزخ۩۞Ξ……Ξ۞۩
العرض الشجري