البيت المنتج هو البيت الذي لا يكتفي بالاستهلاك فقط، وإنما ينتج بعضا مما يستهلكه، وهو خطوة مهمة لا تستهدف فقط توفير الأمن الغذائي والقضاء على غلاء الأسعار، ولكن تهدف إلى تفعيل دور المرأة الإيجابي والاجتماعي والإنتاجي، بما يساهم في تعزيز فاعليتها بعملية التنمية والتطوير في المجتمع، ودخولها لسوق العمل بالطريقة التي تعود عليها بالفائدة على شتى الأصعدة
فهو من ناحية يوفر لها دخلا معقولا تساهم به في نفقات الأسرة التي تزداد بصورة مخيفة في ظل غلاء الأسعار، ومن ناحية أخرى يتيح لها البقاء بالمنزل طوال الوقت، لرعاية أسرتها والقيام بالمهام المنزلية على الوجه الأكمل دون أي تقصير.
كان المنزل إلى عهد ليس ببعيد ينتج الكثير من احتياجات الأسرة، إذ كانت ربة المنزل إضافة لدورها الأساسي في تربية الأطفال والاعتناء بمنزلها، تقوم أيضا بصناعة المربات والعصائر والمخللات والصلصة والحلويات الشرقية والغربية، كما كان البعض منهن يشغل القفازات والكوفيات وأغطية الرأس والجوارب، وغيرها من الملابس الشتوية الثقيلة، وكذلك كانت بينهن من يقمن بحياكة الملابس، فضلا عن شغل قطع الديكور من الكانفاه والمكرميات ومفارش الكروشيه والبيلسيه، وتجيد أخريات أعمالا يدوية أخرى مثل تجميع الزجاج المعشق وتجميع كريستالات النجف ولف هدايا السبوع، إلى غير ذلك من الأعمال التي كانت تدرس بحصص التدبير المنزلي، والتي تدر دخلا لا بأس به للأسرة.
اتجاه عالمي
ولا يقتصر مفهوم "البيت المنتج" على إنتاج السلع والمنتجات على اختلاف أنواعها، وإنما يمتد ليشمل عمل المرأة من المنزل أيا كان هذا العمل.
وقفة أسرية
يتعجب "د. نبيل السمالوطي" عميد كلية الدراسات الإنسانية الأسبق بجامعة الأزهر من تراجع دور ربات البيوت الإنتاجي رغم فائض الوقت والجهد الهائل الذي وفرته لهن الأجهزة المنزلية الحديثة، ويرى أن سعي المرأة للخروج للعمل هو السبب الرئيسي وراء ذلك، مهما ضعف مردوده الإيجابي وتعاظم مردوده السلبي على كيان أسرتها، وكأن مغادرة المنزل أصبحت هدفا في حد ذاته، وأن تراجع ثقافة العمل وقيم الإنتاج في المجتمع لحساب قيم الاستهلاك والاستعلاء بشكل عام، وقتل الوقت أمام التلفاز أو في باحات اللهو والتسوق، من أسباب هذا التراجع، مما يتطلب وقفة جادة لمراجعة المواقف، والبحث عن صيغة بديلة تضمن الحفاظ على المرأة كقوة منتجة في المجتمع، وتضمن لها راحتها وتصون كرامتها، وتهيئ لكل فرد بالأسرة أن يبذل قصارى جهده ويستثمر وقته لراحة ونفع الأسرة جميعها والنهوض بمستواها.