اكذوبة عبدالله بن سبأ
سؤال: يقال إنّ الشيعة هم أتباع لعبد الله سبأ.. فهل هذا حقيقة ؟
جواب: لقد شنّع خصوم الشيعة عليهم واتّهموهم ظلماً بأنّهم أتباع عبدالله بن سبأ، وهو ـ كما يُقال ـ يهوديّ أسلم كيداً بالمسلمين، وقالوا بأنّ ابن سبأ هو الذي أثار الفتنة ضدّ عثمان بن عفّان حتّى تسبّب في مقتله، وأنّه هو الذي تسبّب في اشعال الحرب بين جيش أمير المؤمنين عليه السّلام وجيش معاوية يوم صفيّن... إلى آخر هذه التُّهم التي لم يقدّموا على صحّتها دليلاً واحداً.
والباحث المنصف يُمكنه ـ بدراسة بسيطة لوقائع التاريخ الإسلامي ـ أن يتوصّل إلى كذب أمثال هذه التهم، ذلك أنّ التشيّع وُجِد في زمن الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله، وبتشجيع منه صلوات الله وسلامه عليه، حين سمعوه يحثّ على اتّباع أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام ويقول له: « أنت وشيعتك تَرِدون على الحوض رواءً مَرويّين »( المعجم الكبير للطبراني 319:1 ح 948؛ نظم درر السمطين للزرنَدي 92 ). وروى علماء المسلمين على اختلاف انتماءاتهم أنّه لمّا نزل قوله تعالى إنّ الذين آمَنوا وعملوا الصالحاتِ أولئك هُم خيرُ البريّة ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السّلام: هم أنت وشيعتك( تفسير الطبري 264:30؛ تفسير الدرّ المنثور للسيوطيّ 379:6؛ كفاية الطالب للكنجي الشافعي 245 ب 62؛ المناقب للخوارزمي 111 ح 119 و 120 ). ورووا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال: إنّ عليّاً منّي، وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن( فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 620:2 ح 1060؛ المستدرك على الصحيحين 111:3 ).
ولا عجب إذا تابع بعضُ الصحابة أميرَ المؤمنين عليه السّلام وشايعوه، فقد سُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا نزل قوله تعالى قُل لا أسألُكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى : يا رسول الله! مَن هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم ؟ قال صلّى الله عليه وآله: عليّ وفاطمة وابناهما( الفضائل لأحمد 669:2 ح 1141؛ حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني 201:3؛ تفسير الكشّاف للزمخشري 219:4 ).
أما مخالفة الصحابة لعثمان، فلا علاقة لها بعبدالله بن سبأ ـ على فرض وجوده ـ فقد خالف أغلب الصحابة عثمان وأنكروا عليه سيرته، ومنهم: أبو ذر الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله: « ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر »، ومنهم عمّار بن ياسر الذي قال النبيّ صلّى الله عليه وآله فيه: « إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً من قَرنِه إلى قَدَمِه »، ومنهم عبدالله بن مسعود الصحابي إلذي مسح رسول الله صلّى الله عليه وآله على رأسه وقال له: « إنّك غلامٌ مُعلَّم »، وممّن خالفه عائشة، فقد أفتت بقتله بقولها: « اقتُلوا نَعثلاً فقد كفر »، وعبدالله بن عمر الذي قال عن عثمان: ما منّا إلاّ خاذلٌ له أو قاتل( الكامل في التاريخ لابن الأثير 168:3 ).
وقد نقل المؤرّخون أنّ عثمان نفى أبا ذر إلى الرَّبَذة حتّى مات فيها وحيداً، وأنّه ضرب عمّارَ بن ياسر حتّى أصابه الفَتق، وضرب عبدَالله بن مسعود وأمر غلمانه أن يتوطّأوه حتّى مات بعد أيّام ممّا أصابه.
ولقد نقل المؤرّخون أن الصحابة كتبوا إلى مَن في الأمصار يقولون: أقدِموا، فقد غَيّرَ مَن خلفكم ـ أو خليفتكم ـ دينَ محمّد( تاريخ الطبري 336:4؛ الكامل في التاريخ 168:3 )، وأنّ الزبير بن العوّام كان يقول عن عثمان: اقتُلوه فقد بدّل دينكم( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 36:9 )، وأنّ عمّار بن ياسر قال عن عثمان: أراد أن يغيّر ديننا، فقتلناه( وقعة صفين لنصر بن مزاحم 338 ).