هذا هو سيف الله المسلول يقتل صحابيا مسلما ويزني بإمرأته
بتاريخ : 03-04-2009 الساعة : 02:08 AM
خالد بن الوليد
وقصته مع مالك بن نويرة مشهورة، وهنا نحصر بحثنا فيها.
مالك بن نويرة صحابي جليل وسيد بني تميم. وهو مضرب المثل في الفتوة والكرم والشجاعة. أسلم ووضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على صدقات قومه. وبعد موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) توقف عن دفع الزكاة لأبي بكر، فسار إليه خالد فقتل مالكا وأصحابه - وهم مسلمون - ودخل بزوجة مالك في ليلة مقتله نفسها.
يحدثنا الطبري عن هذه الرزية فيقول:
" وكان ممن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة، وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربا أبدا بعدها، وكان يحدث أنهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح، قال: فقلنا: إنا المسلمون. فقالوا: ونحن المسلمون!!، قلنا: فما بال السلاح معكم؟ قالوا: فما بال السلاح معكم؟ قلنا: فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح، قال: فوضعوها ثم صلينا وصلوا!! إلى أن قال: ثم أقدمه - خالد - فضرب عنقه - مالكا - وعنق أصحابه " (1).
وفي كنز العمال:
" ان خالد بن الوليد ادعى أن مالك بن نويرة أرتد بكلام بلغه عنه، فأنكر مالك ذلك، وقال: أنا على الإسلام ما غيرت ولا بدلت، وشهد له أبو قتادة وعبد الله بن عمر، فقدمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه، وقبض خالد امرأته أم تميم فتزوجها " (2).
____________
1 - تاريخ الطبري: 2 / 502، الكامل في التاريخ: 2 / 359.
2 - 3 / 132.
وفي الإصابة لابن حجر: " ان خالدا رأى امرأة مالك وكانت فائقة في الجمال، فقال مالك بعد ذلك لامرأته: قتلتيني " (1).
يقول الواقدي: " ثم قدمه خالد فضرب عنقه صبرا، فيقال: إن خالد بن الوليد تزوج بأمرأة مالك ودخل بها، وعلى ذلك إجماع أهل العلم " (2).
وقال ابن عبد البر عن مالك: " واختلف فيه، هل قتله مسلما أو مرتدا؟ وأراه - والله أعلم - قتله خطأ " (3).
قال عبد الرحمن بن عوف: " والله، لقد قتل خالد القوم وهم مسلمون، فقال خالد: إنما قتلتهم بأبيك عوف بن عوف، فقال له عبد الرحمن: ما قتلت بأبي ولكنك قتلت بعمك الفاكة بن المغيرة ".
لقد ثبت أن خالدا قتل مالكا وهو مسلم ودخل بزوجته في ليلة مقتله نفسها.
وتكفي شهادة عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عوف وأبو قتادة في إسلامه فهم أدرى منا بملابسات الحادثة، فلا مفر من الإقرار بها بدلا من أن نعصر أدمغتنا ؤلنولها بالشكل الذي يبرئ خالدا.
جاء في المنتظم لابن الجوزي الحنبلي: " وكان أبو قتادة الأنصاري يقول عن خالد: ترك قولي وأخذ بشهادة الأعراب الذين فتنتهم الغنائم " (4).
ولما علم عمر بما حدث قال لأبي بكر: " إن خالدا قد زنى فارجمه (5)!! قال: ما كنت أرجمه فإنه تأول فأخطأ (6). قال: فإنه قتل مسلما (7) فاقتله به!!، قال: ما كنت
____________
1 - 1 / 337.
2 - كتاب الردة ونبذة من فتوح العراق، اعتنى بتهذيبه محمد حميد الله: ص 58 - 60.
3 - الاستيعاب: 3 / 1362.
4 - كما فتن خالدا أم تميم! 4 / 79.
5 - هذا عمر يعترف أيضا بزنا خالد!!
6 - وأبو بكر لا ينكر زناه!!
7 - وعمر يقر بأن مالكا مسلم!!
لاقتله به، إنه تأول فأخطأ (1). قال: فاعزله. قال: ما كنت أشيم سيفا سله الله عليهم أبدا " (2) (3).
ولما التقى عمر خالدا، قال له: " قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنك بأحجارك، ولا يكلمه خالد بن الوليد " (4).
هذه هي قصة البطاح أو قصة خالد وليلى!! وهي قصة ثابتة في التاريخ (5).
وإسلام مالك لا ينكره إلا معاند، فمما سبق يمكننا أن نعرف كثرة الذين شهدوا بإسلامه، وهم: أبو قتادة الأنصاري، عبد الله بن عمر، عبد الرحمن بن عوف، عمر بن الخطاب، أبو بكر، وخالد نفسه فيما ورد من حواره مع ابن عوف، وأضف لهؤلاء شهادة مالك وقومه على أنفسهم بأنهم مسلمون، وهي كافية لرفع السيف عنهم، وشهد بإسلامه: الواقدي، وابن عبد البر، وابن الأثير في أسد الغابة وابن كثير في تاريخه، (6) والقوشجي في شرح التجريد، وغيرهم.
يقول ابن الأثير: " ويدل على أنه لم يرتد، قول عمر لخالد: قتلت امرأ مسلما، وأبو قتادة يشهد انهم اذنوا وصلوا، وأبو بكر يرد السبي ويعطي دية مالك من بيت المال، فهذا جميعه يدل على أنه مسلم!! فرحمه الله تعالى " (7).
____________
1 - وأبو بكر لا ينكر إسلامه لكن خالدا تأول فأخطأ!!
2 - حاشا الله أن يسل سيفه على عباده المسلمين.
3 - راجع: وفيات الأعيان: 5 / 66. تاريخ أبي الفداء. كنز العمال: 3 / 32 ح 228، الكامل: 2 / 359.
4 - تاريخ الطبري: 2 / 504. أسد الغابة: 4 / 295. نعم، لا يكلمه لأنه خائف من عمله!
5 - فراجعها في: تاريخ الطبري: 5 / 502. تاريخ أبي الفداء: 1 / 158. تاريخ اليعقوبي: 2 / 12.
الكامل: 2 / 358 - 359. الإصابة: 6 / 36. تاريخ أبي الشحنة بهامش الكامل: 11 / 114. كنز العمال:
3 / 132. وفيات الأعيان: 6 / 14. فوات الوفيات: 2 / 627. العقاد في عبقرية الصديق. الصديق أبو بكر، محمد حسين هيكل. شرح النهج للمؤرخ ابن أبي الحديد. الفتوح لابن أعثم: 1 / 25...
6 - 6 / 323.
7 - أسد الغابة: 4 / 295 - 296، موسوعة عظماء حول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): عبد الرحمن الكعك، 3 / 1709. الصفحة 286 هذا هو خالد بن الوليد، كيف يجعله البعض واحدا من عظماء الإسلام، بعد أن قتل المسلم مالكا وزنى بزوجته؟ هل نعطل العقل ونقول: إنه مجتهد (1)؟ مجتهد وله أجر!
لماذا؟ ألأنه قتل مالكا وقومه المسلمين، ودخل بزوجة مالك؟!! إن هذا المنطق سيؤدي بنا إلى إباحة كل الجرائم والمحرمات لمن يرتكبها ونباركها له، ونعطي لمن يفعلها أجرا واحدا!! وإلا فكيف نقبل بقلب موازين الإسلام لكي تصب في نصرة الأهواء والعصبيات الجاهلية؟!
وحتى لو كان مالك وقومه مرتدين، فيجب قبل قتلهم أن يستتابوا ثلاثة أيام.
" بلغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ارتداد امرأة تدعى أم رومان، فأمر أن تستتاب وإلا قتلت "!! وروي " أن رجلا أتى عمر من قبل أبي موسى، فقال له: هل من مغربة خبر؟ فقال نعم، رجل ارتد عن الإسلام فقتلناه. فقال له: هل حبستموه في بيت ثلاثة أيام واطعمتموه كل يوم رغيفا، استتبتموه لعله يتوب؟ ثم قال: اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني " (2).
هذا هو حكم الإسلام، فهل غاب عن خالد؟ كلا فهو يعرفه أشد المعرفة، ولكنه تغاضى عنه لحاجات في نفسه (3)!
لقد طلب عمر من أبي بكر رجم خالد، لأنه قتل امرأ مسلما ونزا على زوجته - حسب تعبيره - لكن أبا بكر بدلا من أن ينفذ حكم الله، اجتهد وأصدر حكما على خالد لم يرد في كتاب ولا سنة، أتعرف ماهو؟ " تأول فاخطأ " (4)!!
وبهذا يمكن لأي إنسان إذا زنى، أن يقول: تأولت فاخطأت فارفعوا أيديكم
____________
1 - كما قال القوشجي وابن كثير.
2 - راجع: شرح فتح القدير: 4 / 386. كشاف القناع: 6 / 174 حاشية الدسوقي: 4 / 304.
3 - راجع قصته مع بني المصطلق في تفسير ابن كثير: 4 / 208.
4 - ولماذا لم يقل هذا عن مالك مع أنه صحابي وهو لم ينكر فرضية الزكاة وإنما توقف عن دفعها لسبب أو لآخر. فهو ليس مرتدا!. الصفحة 287 عني. فيقال له: إن عقوبتك عند الله الرجم، ولا بد من تنفيذ حكم الله، فيقول: هذا خالد ابن الوليد زنى، وأنا اقتديت به، لأنه صحابي عادل!! وهذان أبو بكر وعمر لم يقيما الحد عليه، وإذا لم تحكموا بحكمهم وتفتوا لي بأني مأجور على الاجتهاد أو على التأسي، فقد خالفتم قول الرسول: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي!!!
والملفت للنظر في قصة البطاح: إن عمر جعل خالدا زانيا، فلو لم يكن كلام عمر صحيحا لوجب على عمر حد القذف!!
فلماذا نجد حدود الله قد عطلت في خير القرون؟! وإذا كان خالد زانيا، فلم لم يقيموا عليه حد الزنا؟، وإن لم يكن كذلك - ودون إثبات ذلك خرط القتاد - لم لم يقيموا حد القذف على عمر؟!!
أتى أسامة بن زيد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليشفع في امرأة مخزومية سرقت فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
(أتشفع في حد من حدود الله) ثم قام فخطب، قال: (يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) (1).
هذه سنة رسول الله وتلك سنة الخلفاء الراشدين!!
خالد مبلغ عن الله؟
بقي لنا أن نتسائل في هذا الموضوع المهم من بحثنا؟ هل اختار الله خالد بن الوليد ليبلغ دينه للناس؟ هذه أحاديثه في الصحيحين وغيرهما (2)، فكيف نأخذ بها؟!
وكذلك الأحاديث المرسلة من يضمن لنا أن لايكون بعضها مأخوذا عن خالد؟!
فكل حديث مرسل إن لم يكن له طريق آخر سنحمله على أنه ربما يكون مأخوذا عن خالد!!
____________
1 - صحيح البخاري: كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان.
2 - وصل إلينا عن خالد ثمانية عشر حديثا، انظر: أسماء الصحابة الرواة، ابن حزم: ص 127. الصفحة 288 فكيف يسوغ المسلم لنفسه أن يأخذ دينه عمن يقتل المسلمين الأبرياء ويزني...؟!
حاشا لله (1) أن يختار الزناة وقتلة الأبرياء لحمل سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)... وهناك عقبة تلوح لنا من بعيد - ويالها من عقبة - إذا كان هناك من ينكر إسلام مالك، وزنى خالد بزوجته فسيكون عمر قد قذف خالدا، فماذا يترتب على هذا؟ لنترك الحكم لكتاب الله فهو الفصل: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) (2).
ألا يعني هذا أن نترك أحاديث عمر التي وصلت إلينا؟! فالرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شهادة، والله يقول: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا).
فهل نأخذ بأحاديث عمر التي وصلت إلينا؟ أم نتبع قول الله (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا)؟!!