[الجندي]

التحقيق في معرفة من هو الكافر والزنديق

بسمه تعالى

الحمد لله الذي دل على ذاته بذاته وتجلى لخلقه ببدايع مصنوعاته , اظهر من عجائب قدرته ما حير ثواقب العقول والافهام , وابرز من غرائب عظمته ما بهر نوافذ المدارك والأوهام , والصلاة والسلام على خير الأنام وبدر التمام نبي الرحمة , السراج المنير محمد وعلى اله العروة الوثقى , مصابيح الدجى , الطيبين الطاهرين .. وبعد ...

إن صحابة النبي (ص واله) قد بذل منهم النفس والنفيس في نشر الإسلام ورفع قواعده بجهادهم العظيم ,, والقران الكريم والسنة النبوية يثنيان على الصحابة .
قال تعالى : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة/100).

ومن تلا وسمع الآيات الكريمة في حقهم يتمنى من قلبه أن يكون احدهم , لكن من هم هؤلاء الصحابة .. هل كل الصحابة أم هناك استثناءات ؟

موضع النزاع

إن موضع النزاع ليس إلا في نقطة واحدة وهي :
- إن أهل السنة يقولون بعدالة الجميع .
- إن الشيعة الإمامية يقولون بعدالة من اتصف بها فقط دون من فسق وعصى الله تعالى , وهو عين الصواب , وإلا كيف يرضى الله تعالى على من فسق وعصاه جهرا , ولا يقول بهذا إلا من تخذ العناد راية لإضلال المسلمين , فهم – أي أهل السنة- يقولون بعدالة الصحابة على الإطلاق ومن خالفهم في بيان حقيقة من فسق منهم وعصى الله فإنهم يدرجونه تحت قاعدة الكفر والزندقة , ويعنون بذلك الشيعة الإمامية , والواقع أن الشيعة عندما يذكرون ما يشين بعض الصحابة , فإنما يذكرونه من مصادر أهل السنة التي ملئت جرحا وتشهيرا وأكثرت النيّل منهم على وجه العموم والخصوص فالشيعة تذكره من باب الإلزام ليس إلا ,, ولكن العجب كل العجب عندما يدرج الشيعة تحت قاعدتهم الزندقة والكفر , علما بل يقينا أن الشيعة براء من السب والتنقيص للصحابة بل هم ابعد من يكونوا كذلك , فالحكم لمن تتبع التحقيق في من هو الكافر والزنديق .

نص القاعدة المجمع عليها

1- عن أبي زرعة انه قال :
(( إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله (ص واله ) فاعلم انه زنديق , وذلك أن الرسول حق والقران حق , وما جاء به حق , وإنما أدى ذلك إلينا كله الصحابة , وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة , والجرح بهم أولى , وهم زنادقة ))الإصابة في تمييز الصحابة 1: 17 , الكفاية في علم الدراية : 67 , تهذيب الكمال للمزي 19: 96 .
2- الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر قال :
(( فمن عابهم أو انتقص منهم , فلا تواكلوه , ولا تشاربوه , ولا تصلوا عليه )) .
3- الشيخ محمد الراغب قال :
(( الإجماع منعقد من الأمة على تكفير من كفر عظماء الصحابة )) سفينة الراغب للشيخ محمد الراغب : 50 طبعة القاهرة عام 1255.

الخلفاء الثلاثة تحت غطاء عموم الصحابة

لا يخفى على كل من له أدنى مسكة من عقل أن مفهوم الصحابة عند أهل السنة يضم في المقدمة أبي بكر وعمر وعثمان وأما الباقي فهو غطاء للثلاثة .
وفي الواقع إذا طبقنا عليهم المراد من قوله تعالى : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة/100). لا نجد في الثلاثة مصداقا من مصاديق الآية الكريمة , فلذلك ترى أن أبي زرعة يقول بعموم الصحابة , والذهبي كذلك , وأما الشيخ محمد الراغب فانه يقول بالعظماء من الصحابة , وإذا سألناهم من هم هؤلاء العظماء من الصحابة ؟ فسيأتيك لا محالة الجواب بأنهم الثلاثة , وهنا تسكب عبراتهم في عدم مصداقية الآية الكريمة الأنفة الذكر على دخول الثلاثة في من صدقت عليهم من الصحابة , وسواء هذا أو ذاك فالمهم أن نحقق من هو الذي ينتقص ويعيب على الصحابة فتتحقق قاعدة الكفر والزندقة فيه !!

احكم بنفسك هل هؤلاء ممن تتحقق فيهم قاعدة التكفير والزندقة

لا ريب ان النقص اذا تحقق في شخص ما وظهر للعيان وتناقلته الألسن وذكره المؤرخون وتحاكى به المسلمون وثبّته أئمة المذاهب وقال به كل كاتب وحققه من هو محقق فهذا ليس إلا من الواقع , فهل كل هؤلاء كفرة وزنادقة عندما ينقلون الحقائق البينة والواضحة لكي لا ينحرف من اتبعه على عمى , واذكر ممن نقلوا حقائق من يسمونهم أهل السنة عظماء الصحابة واليك الآتي :

1- قال أبو حنيفة :
(( إيمان أبي بكر الصديق وإيمان إبليس واحد , قال إبليس يا رب , وقال أبو بكر يا رب )) تأريخ بغداد : 13 , ترجمة أبي حنيفة رقم 7297 . . المنتظم في التاريخ : ح 876 .
ومن هنا واستنادا إلى القاعدة الزندقية التكفيرية نقول :
هل إن أبا حنيفة زنديق وكافر لأنه انتقص من احد عظماء الصحابة أبي بكر ؟
هل إن أبا حنيفة ذكر حقائق عن أبي بكر ؟
فان كان النقص غير موجود في أبي بكر فان أبا حنيفة بموجب الإجماع على اعتبار من انتقص أحدا من الصحابة فهو زنديق وكافر !!!
وان كان النقص والعيب موجودا في أبي بكر فان أبا حنيفة خارج قاعدة الزندقة والتكفير لأنه قال الحقائق .. !!!!


2- قال انس بن مالك :
(( كنا إماء عمر يخدمننا كاشفات عن شعورهن , يضرب بثديهن )) كنز العمال : 582 . وغيرها من المصادر الكثير فلا يسع المقام ذكرها للاختصار .
وهنا سيجد القارئ أمرا مشينا في حق من يعتبرونه من عظماء الصحابة وخليفة المسلمين , حيث أن انس بن مالك نزّل عمر بن الخطاب منزلة الفساق والفجرة بقوله : ( يضرب بثديهنّ ) وأيضا استنادا إلى إجماع أهل السنة بتكفير من ينتقص من الصحابة واعتباره زنديق , نقول :
هل إن انس بن مالك زنديق وكافر عندما ذكر ما فعله عمر بن الخطاب ؟
هل إن انس بن مالك ذكر حقائق عن عمر بن الخطاب ؟
فان كان النقص غير موجود في عمر بن الخطاب فان انس بن مالك بموجب الإجماع على اعتبار من انتقص أحدا من الصحابة فهو زنديق وكافر !!!
وان كان النقص والعيب موجودا في عمر بن الخطاب فان انس بن مالك خارج قاعدة الزندقة والتكفير لأنه قال الحقائق .. !!!!

3- روى كل من البخاري ومسلم عن ام سلمة المرأة الصالحة زوج الرسول (ص واله) قالت لعمر بن الخطاب :
(( دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله وأزواجه )) البخاري في صحيحه 4: 1867 , ومسلم في صحيحه 2: 1109 .
فهنا البخاري يروي عن أم سلمة ومن خلال الحديث يثبت لك بوضوح إن الفضول والتدخل في شؤون الآخرين من صفات الخليفة عمر بن الخطاب وهذا نقص واضح سواء وجد أم لم يوجد , فأقول :
إذا كان كل من انتقص احد من الصحابة فهو كافر وزنديق فبالأولى كذلك من نقل النقص برواية وحديث فهو شريك من قال بالنقص ..
وان صح في الصحيح فان أم سلمة هي من انتقصت عمر بن الخطاب , فهل الفضول صفة عمر حقيقة ؟
فإذن لا بد إن يكون البخاري ومسلم في قائمة الكفر والزندقة لأنهم ذكروا نقص وعيوب احد عظماء الصحابة ...
واكتفي هنا بهذا القدر وإلا فهناك الكثير من نصوص أهل السنة تسيء إلى الخلفاء اكتفينا بذكر ما أوردناه للفائدة والاطلاع والحمد لله أولا وأخرا