يتوهّم ـ بل يُخطئ ـ مَن يرى أنّه دخَلَ إلى الحرم القدسيّ للإمام الرضا ـ ولجميع أئمّة الهدى ـ ثمّ خرج خالياً عديماً صِفْرَ اليدين لم يَنَل، ولم يَحصَل! إذ كيف يتصوّر عاقلٌ أنّه وفَدَ على كريم ثمّ عاد فقيراً محروماً ؟! هذا بعيد، إذن مُحالٌ أن يَفِد على بابٍ من أبواب الكرم، وأصلٍ من أصول الكرم، وكريمٍ مِن نسلِ أكرم الكرماء، ثمّ يعود خائباً يائساً! لكنْ لله تعالى حِكَمُه في مشيئته، وامتحاناته وابتلاءاته لعباده، فيَهبُ ما يشاء لمَن يشاء، كيف يشاء ومتى يشاء، ويدّخر لمَن يشاء ما يشاء، تبارك وتعالى.
وتلك محالُّ معرفة الله، ومساكنُ بركة الله، بيوتٌ أذِنَ اللهُ أن تُرفَعَ ويُذكرَ فيها آسمُه، يُسمَع فيها دَويُّ الذاكرين العابدين، وترتفع مِن عندها آهاتُ الملهوفين، ولوعاتُ ذوي الحاجات المتعسّرة والمصائب الشديدة، فتمرّ عليهم اليد الإلهيّة الرحيمة مِن المولى الرضا صلوات الله عليهم، واهبةً لهم الأمانَ والشفاء والفَرَج الهانئ والأمل المُشرق والتفاؤل العاطر، وأحياناً نفحةَ الصبر والرضى.. ونسمةَ القناعة والشكر.. وبسمة الوعد الطيّب الصادق، ووراء ذلك أسرار خفيّة، تَبين بعد حين.
ويبقى العالَمُ مُذعناً أنّ في القبر ـ بل ومن القبر ـ ظهرت كرامات وعلامات، دلّت على كرامةٍ إلهيّة عُليا لصاحب القبر، منها ما كان شفاءً للمرضى يفوق حدَّ التصوّر، ولكنّه واقعٌ شَهِد عليه شهود من أهلها.. من المرضى ومن الأطبّاء الذين كانوا حَيارى ثمّ أصبحوا متعجِّبين ومُعجَبين ببركات الإمام الرؤوف العطوف عليّ بن موسى الرضا.. نسل سيّد الأنبياء، وسليل سيّد الأوصياء، ومِن ذريّة فاطمة الزهراء سيّدة النساء.