تقع مدينة اصفهان في قلب ايران، وعلى بُعد 414 كم جنوب طهران العاصمة، وتتميز اصفهان بمناخها المعتدل وفصولها الأربعة المنتظمة، وتنفتح في الجزء الشمالي على مناطق فسيحة مما أفسحت المجال لهبوب الرياح الباردة نحو المدينة، وأما الناحيتان الجنوبية والغربية، فتحيط بهما المناطق الجبلية، وتتصل الناحيتان الشمالية والشرقية بالسهول، وعليه فان اصفهان تشهد اختلافاً في درجات الحرارة في الفصول المختلفة وأن نهر (زاينده رود) هو أهم نهر يجري وسط ايران ليغطي منطقة واسعة في محافظة اصفهان طولها 360 كم، فيروي الأراضي الواقعة فيها. تعتبر مدينة اصفهان منطقة جبلية نسبياً، ويبلغ ارتفاعها حوالي 1500 متر فوق مستوى البحر، وتمتد فيها الجبال من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي، ومن جملتها جبل (صفّه) المطل على المدينة وتغطيه الثلوج في معظم الأحيان.
- تاريخ اصفهان الحضاري:
إن خلفية اصفهان التاريخية وعراقتها توازي قدم ايران، وينسب بناؤها إلى (طهمورث) ثالث الملوك البيشداديين وكانت نقطة التقاء الطرق الرئيسية للمواصلات، واتخذها الملوك الأخمينيون مقراً لاقامتهم، وقد عدها (استرابون) الجغرافي اليوناني قبل ألفي سنة مركزاً لبلاد ايران. إن دخول الاسلام وانتشاره في اصفهان وتأثير الثقافة الاسلامية وكذلك وجود الفنانين الايرانيين دفع إلى تكوين إحدى أجمل المدن الدينية في العالم والتي ضمت مظاهر ثقافية كالمساجد والمآذن والمدارس... وتحولت اصفهان في العهد البويهي (القرن الرابع الهجري) إلى عاصمة مهمة للعلوم والثقافة والفنون وذلك بفضل العالم الأديب الصاحب بن عباد، فتوجه إليها العلماء والفنانون من شتى أنحاء المعمورة، وفي ذلك الوقت تم إنشاء سور حول المدينة بلغ طوله 21 ألف قدم. وواصلت اصفهان مسيرة التقدم والازدهار حتى أصبحت ذات حضارة مجيدة ومعمورة في عهد الملوك السلاجقة غير أنه لحقت بها خسائر فادحة إثر حملة المغول مما قلل من شأنها وأهميتها.
- الصناعات اليدوية الاصفهانية:
يمكن اعتبار اصفهان مركز الفنون اليدوية والتراثية الإيرانية، دون أية مبالغة، حيث قدّمت الأيدي المبدعة لأهلها آثاراً فنية منقطعة النظير طوال القرون المختلفة نتيجة ذوقهم الرفيع وإحساسهم المرهف. وأما الفنون التقليدية والصناعات اليدوية الاصفهانية المعاصرة، فهي
امتداد للفنون السائدة في العصر الصفوي ويبدعها الأساتذة البارعون، فتحظي بإعجاب هواة الفن وعشاقه من داخل ايران وخارجها. ومن أبرز هذه الصناعات وأهمها، النقر على المعادن والأواني، رسوم المنمنمات (مينياتور)، فن القيشاني، التطريز الذهبي، الطبع على القماش، الصياغة، تطعيم الخشب، التذهيب والزخارف الفضية وأنواع فنون الخياطة والتطريز والنسيج وخاصة حياكة السجاد اليدوي الفاخر. وتعرض كل هذه الابداعات الفنية في محلات اصفهان، كما ان لمدينة اصفهان خلفية عريقة ومثمرة في مجال فن الموسيقى.
- ساحة (نقش جهان): ميدان الإمام الخميني
هي ساحة أثرية جميلة وتعد إحدى أجمل ساحات العالم، يبلغ طولها 512 متراً وعرضها 160 متراً وحولها حوانيت متساوية الحجم والشكل في طابقين وتحيط بها الأماكن الأثرية الفريدة، وهي عبارة عن قصر (عالي قابو)، مسجد الإمام الخميني، مسجد الشيخ لطف الله العاملي وبوابة السوق المشهورة بـ(قيصرية)، وكانت تقام فيها مباريات الكرة والصولجان، وكان الملوك الصفويون يتفرجون على الألعاب والعروض العسكرية من شرفة القصر وتتخذ الساح في الوقت الحالي مكاناً يحتشد فيه الجمهور في الاحتفالات والمناسبات الدينية والقومية، وتقام فيها صلاة الجمعة في كل أسبوع، كما تعد مركزاً لشراء الصناعات اليدوية.
- أسواق اصفهان القديمة المسماة بـ(قيصرية):
أنشأت بوابة (قيصرية) في الجهة الشمالية لساحة (نقش جهان)، وعلى جبهتها أحد أجمل الرسوم المتعلقة بالعهد الصفوي، كما إنها إحدى أجمل أسواق العالم، حيث كانت في الفترة الصفوية مركزاً لبيع البضائع الثمينة والغالية. تعتبر هذه السوق من أكبر الأسواق الإيرانية وأطولها، وتتفرع إلى أسواق متعددة تنفرد كل منها بسلعة خاصة تشد الزبائن بجودتها وجمالها، فمنها الصناعات اليدوية، المصوغات الذهبية والفضية، السجاد، الأحذية وغيرها، ويستغرق التجوال في هذه الاسواق ساعات وساعات.
- آتشگاه (بيت النار):
يقع جبل (آتشگاه) على بعد 7 كم غربي اصفهان، ويرتفع عن سطح البحر حوالي 1680 متراً، وقد أنشئ على قمته معبد للزرادشتيين في العهد الساساني تم بناؤه باستخدام طوابيق
طينية ضخمة، ولا يزال المكان الخاص لإشعال النار قائماً بين الأنقاض الموجودة في أعلى الجبل، ويعد هذا البناء من الأماكن المعدودة والنادرة التي يعود تاريخها إلى ما قبل الاسلام.
- منارجنبان (المنارتان المهتزتان):
هي من الأماكن الأثرية المشهورة في ايران والتي تقع على بعد 5 كم غربي اصفهان، ويشتمل البناء على منارتين وإيوان. ويعود تاريخ بناء الإيوان والمقبرة إلى فترة حكم السلالة المغولية. ولهذا البناء قيمة عالية من حيث الفن المعماري، فمن ميزاته أنه إذا هزت إحدى المنارتين، يحدث اهتزاز وحركة محسوسة في المنارة الثانية وفي كل البناء.
- قصر الجنان الثمان:
أنشئ هذا القصر الذي يعد من المعالم السياحية المشهورة لمدينة اصفهان في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري وفي عهد الشاه سليمان الصفوي وسط حديقة البلابل وبني القصر على قاعدة حجرية، ويتألف من طابقين تم تصميمهما بدقة ومهارة، ويحتوي كل منهما على ثمان غرف، ومن المميزات الفريدة لهذا المعلم هي إيوانه الجنوبي الذي يشتمل على حوض اللؤلؤة والشلال الصناعي وكذلك زخارف القيشاني الموجودة على جدرانه الخارجية والتي تضم صوراً من أنواع الحيوانات والطيور.
- فندق عباسي: متحف الفنون الزخرفية
لقد تحول أحد الأوابد التي أنشأت في القرن الحادي عشر الهجري والذي بني في وسط مدينة اصفهان، إلى فندق فاخر وجميل للغاية. وقد استوحي معمار هذا الفندق زخارفه من الفنون الزخرفية التي استخدمت خلال القرون السالفة في أبنية اصفهان الأثرية، فقد أضحى بناءً رائعاً ومتحفاً راقياً للفسيفساء نتيجة اهتمام المئات من الفنانين المبدعين ذوي الخبرة والتجربة الوافية في مجال الفنون الزخرفية، وقد تم تزيين التضاريس المختلفة لهذا الفندق بصورة جميلة وفريدة يعتبر اليوم كنزاً ثميناً يحتوي على الفنون الزخرفية.
- جسر (الخواجه):
أنشئ هذا الجسر في تصميمه القديم لعدة أغراض: كان القسم الفوقاني له مخصصاً للمرور السريع، بينما كان القسم التحتاني خاصاً للسير الهادئ والفسحة والتفرج. وبني أسفل الجسر
كله من الصخور، ويمكن التحكم في مقدار الماء الذي يعبر من قناطره بواسطة قطعات ضخمة من الخشب كسدود، فاذا انسدت القناطر كاملة، تتكوّن بحيرة صغيرة في الجانب الغربي للجسر، وتوجد في الجانب الشرقي مدرجات للاستجمام والاستمتاع بمنظر الطبيعة الخلابة والاستماع إلى خرير الماء المندفق. وفي وسط الجسر وفي الطابق الثاني عمارة جميلة زينت جدرانها باللون الذهبي عبر الفترات المختلفة، وكانت تستخدم لاقامة الضيافات ومراسم الشرف.
- كنائس الأرمن في اصفهان:
وفر سلاطين الحكم الصفوي الأمن وحريّة ممارسة الطقوس الدينية للأرمن من خلال الأحكام والفرمانات التي أصدروها، فكانت المدينة ولا تزال رمزاً للتعايش السلمي بين الأديان وكان من ضمن سكان منطقة الأرمن (جُلفا) تجار وخبراء ذوو معرفة بعلوم ذلك العصر وفنونه.
وقد أنشأت في منطقة (جلفا) التي تعد الآن جزءاً من مدينة اصفهان، عدة كنائس منها كنيسة (فانك) التي تعتبر من أجمل كنائس ايران، وجمعت في داخلها بين طراز البناء الإيراني والأوروبي. وتوجد في مصلى الكنيسة زخارف فنية من الرسوم والفنون الجصية والتذهيب، وفي باحتها متحف قيِّم يحتوي على لوحات جميلة وثمينة ومخطوطات نادرة.
- العاصمة الثقافية للعالم الاسلامي:
وقد اعتبرت منظمة اليونسكو مدينة اصفهان من المدن السبعة التاريخية في العالم وطالما أكدت على ضرورة الحفاظ على نسيجها العمراني واعترضت مؤخراً على بناء أبراج شاهقة حول ساحة نقش جهان نظراً للتشويه الذي تلحقه المباني الحديثة بتراث المدينة العريق مما اضطر بلدية اصفهان لهدم عدة طوابق من هذا البرج وتحقيق رغبة خبراء اليونسكو.
قسم السياحة في تبيان العربي