شريحة من النساء ظلمهن المجتمع فقط لأنهن تغربن من أجل العلم والعمل..
ورغم أن معظم هؤلاء النساء تميزن في مواقع اغترابهن بيد أن الصعوبات والتحديات التي واجهتهن في غربتهن جعلت تجربتهن متميزة رغم أنها في بعض جوانبها -مريرة -أقول ذلك انطلاقا من الوصمة التي تلحق بكل من فكرت بالارتحال من الريف إلى المدينة أو من محافظة لأخرى أو من بلد لأخر بحثا عن فرصة علم أو عمل لا سيما إذا كانت عازبة لم تتزوج،
هذه الوصمة التي تجعل معارضة الأب أو الأخ أول تحد على المرأة مواجهته، ومعاناتها في التحلل منها بادىء ذي بدء..ناهيك عن معاناة أسرتها بعد مغادرتها من ألسنة الناس في مجتمع مغلق،الذي لم يعتد بعد على تغرب المرأة -كماالرجل -طلبا للعلم أو العمل.. ففي الموروث والعرف الاجتماعي السائد أن المرأة لا ينبغي أن تترك منزل والدها إلا عندما تتزوج فكيف يقبل هذا المجتمع الذي لم يتخلص بعدمن هذا الموروث القديم عيش هذه المرأة بمفردها في بيت أجرة أو سكن جامعي أو بيت مشترك للمعلمات
وهذا تحد آخر على المرأة مواجهته في غربتها.. ومن الملاحظ أن التحدي الثالث الذي على المرأة مواجهته في المدينة التي ارتحلت إليها، هو صعوبة تلاؤمها مع البيئة الجديدة، وحاجتها من خلال علمها أو عملها إلى توكيد الذات وثقة الآخرين بها...
وتعرضها أحيانا للابتزاز والاستغلال ممن ينظرون بدونية إلى وجودها وحدها وسط المدينة وتطاولهم عليها بألسنتهم حينا، وتصرفاتهم اللاأخلاقية أحيانا تحت إغراء أنها عازبة غريبة بلا وصاية أو حماية...ورغم هذا الواقع الذي تعاني منه معظم الفتيات اللواتي تغربن إلى المدن طلبا للعلم أو العمل نجد العديدات منهن قد تغلبن عليها بالإصرار والصميم والإرادة الحرة في تحقيق نقلة نوعية في حياتهن تجعلهن في موقع -المتميزات -وحول ذلك تقول السيدة حنان جانودي -من جامعة دمشق : دون شك أن المرأة التي تتميز ضمن مجتمعها وضمن أسرتها تحقق عوامل الاستقرار والتوازن النفسي والمعنوي واكتساب ثقة الناس بها أكثر من المرأة التي تغترب...
فالمرأة التي تغترب وتترك محافظتها تعاني كثيرا من الصعوبات والتحديات، فهي أولا بحاجة إلى التلاؤم مع البيئة الجديدة وتوكيد الذات، كما أنها بحاجة إلى ثقة الأخرين بها، حتى تستطيع أن تتقدم وتحقق التميز في أي مجال من المجالات وترى الجانودي أنه من الظلم عدم وضع هذه المرأة المتغربة بمواقع-المتميزات- لا سيما وأن معاناتها أكثر من المستقرة ضمن أسرتها ومحافظتها في مواجهة المصاعب والتحديات التي تبرز أمامها في ظروف الاغتراب، ويرى الدكتور صفوح الأخرس أن ثمة عناصر استراتيجية للنهوض بواقع المرأة في سورية، إذ يشكل مجموع النساء في القطر من وجهة نظره القاعدة لاختيار النساء المتميزات، وتتوزع فئات المتميزات على شرائح اجتماعية مختلفة في المدينة والريف على حد سواء. ويؤدي تفعيل طاقات النساء في المجتمع إلى زيادة النساء المتميزات
ومن هنا فإن بناء استراتيجية وطنية للنهوض بالمرأة بوجه عام، يؤدي إلى تفعيل طاقات النساء المتميزات وزيادة حجمهن في المجتمع وانتقاء الأفضل من بينهن إلى سلم التميز وحول أهم ما يجب أن تعنى به الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة يرى الأخرس أن ذلك يكمن في النقاط التالية:
أولا -سن التشريعات اللازمة والمناسبة لتفعيل دور المرأة بما يتلاءم مع كونها الركن الأساسي والفعال في المجتمع.
ثانيا- وضع خطة متكاملة عبر فترات زمنية لمجمل قضايا المرأة باعتبار أن المرأة جزء من المجتمع وعندما تحل قضاياها يكون قسم كبير من قضايا المجتمع قدحل .
ثالثا- تحسين أوضاع المرأة بوجه عام وتوفير الشروط الملائمة والمساعدة على تميز المرأة.
رابعا- بناء قاعدة معطيات علمية تعتمد أساسا وذخيرة في أبحاث عن مجتمع المرأة خاصة وعن المجتمع بصورة عامة. وأخيرا ..تأمين التربية والتعليم والتأهيل والتدريب للمرأة لأنها عناصر في تنمية الموارد البشرية