لا بد لأصحاب المجالس من أن يقصدوا القربة الخالصة بعيدين عن كل صور
الشرك الخفي وعلامة ذلك عدم الاهتمام بعدد الحضور فالأجر مرتبط بما يقوم
به هو، لا بما يقوم به الآخرون فما عليكم إلا أن فتح بابكم ونشر بساطكم
كما ذكر الامام الصادق عليه السلام.
الوصية الثانية:
مجالس ذكر الامام الحسين عليه السلام إنما هي في واقعها ذكر الله تعالى
لأنها ذكر لمن اكتسب الخلود، وحقق أعلى صور العبودية لرب العالمين، وهي
الفداء بالنفس وعليه فلا بد من توقير تلك المجالس بالدخول فيها بالتسمية
والطهور واستحضارها كجامعة من أعرق الجامعات الإسلامية التي تضم في
صفوفها مختلف الطبقات الاجتماعية وهذا أيضا من أسباب التفوق العلمي في
القاعدة الشعبية للموالين نسبة إلى غيرهم وذلك لتعرضهم لهذا الإشعاع
النوري منذ نعومة أظفارهم.
الوصية الثالثة:
لا بد من الاستعداد قبل دخول المجلس. فيستحسن الاستغفار وذكر الله تعالى
والصلوات على النبي وآله الطاهرين والتهيؤ النفسي لنزول النفحات الإلهية
في ذلك المكان إذ مامن شك أن الله تعالى في أيام دهرنا نفحات، بحسب
الأزمنة والأمكنة ولا شك أن مجلس ذكر الإمام الشهيد عليه السلام
في ضمان نزول أنواع الرحمة الإلهية التي لا يمكن أن تحصل عليها
في غير تلك المجالس.
الوصية الرابعة:
إذا كان المجلس مقاما في بيت من بيوت الله تعالى فلا تنس تحية المسجد
بركعتين مع التوجه بالإضافة إلى مراعاة جميع آداب المساجد المعروفة في
الفقه وخاصة الالتزام بالحجاب الشرعي للنساء وعدم اختلاط الرجال بالنساء
في الطريق العام، فإن موجبات حبط الأجر موجودة دائما ولا ينبغي التعويل
على قداسة الجو للتفريط ببعض الواجبات الواضحة فقها وأخلاقها.
الوصية الخامسة:
ليكن الهدف من استماع الخطب هو استخلاص النقاط العلمية التي يمكن أن تغير
مسيرة الفرد في الحياة وعليه فانظر إلى ما يقال، ولا تنظر إلى من يقول
وعلى المستمع أن يفترض نفسه أنه هو المعني بالخطاب الذي يتوجه للعموم ولا
ينبغي نسيان هذه الحقيقة أن الله تعالى قد يجري معلومة ضرورية للفرد على
لسان متكلم غير قاصد لما يقول ولكن الله تعالى يجعل في ذلك خطابا لمن
يريد أن يوقظه من غفلة من الغفلات القاتلة.
الوصية السادسة:
حاول أن تعيش بنفسك الأجواء التي يمكن أن تثير عندك الدمعة وذلك باستذكار
ما جرى في واقعة الطف من دون الاعتماد على ما يذكره الخطيب فحسب وتذكر
قول الامام الرضا عليه السلام: فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام ومن المعلوم
أيضا أن التوفيق في هذا المجال مرتبط بمطالعة إجمالية لمجمل هذه السيرة
العطرة، وذلك من المصادر المعتبرة.
الوصية السابعة:
إذا لم توفق للبكاء، حاول أن تتباكى وتتظاهر بمظهر الحزن والتلهف على ما
دهى سيد الشهداء عليه السلام مع عدم الاعتناء بالجالسين حولك فإن من
تلبس إبليس أن يمنعك من ذلك بدعوى الرياء وليس من الأدب إن يعامل المستمع
ساعة النعي كساعة الوعظ حتى في طريقه الاستماع ولا يخفى على المتأمل إن
رقة القلب حصيلة تفاعلات سابقة فالذي لا يمتلك منهجا تربويا لنفسه في
حياته من الطبيعي أن يعيش حالة الذهول الفكري إضافة إلى الجفاف العاطفي.
الوصية الثامنة:
إذا استمرت قسوة القلب طوال الموسم فابحث عن العوامل الموجبة لهذا
الخذلان فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: ( ما جفت الدموع إلا
لقسوة القلوب وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب ) وخاصة إذا استمرت هذه
الحالة فترة من الزمن فإنها مشعرة بعلاقة متوترة مع الغيب إذ كيف لا
يتألم الإنسان لما جرى على من يحب إن كان هنالك حب في البين !!
الوصية التاسعة:
استغل ساعة الدعاء بعد انتهاء المجلس فإنها من ساعات الاستجابة وحاول أن
يكون لك جو من الدعاء الخاص، غير مكتف بما دعا به الخطيب فالملاحظ أن
الدعاء بعد المجلس لا روح فيه بشكل عام، أي بمعنى أن الناس لا ينظرون
إلى هذه الفقرة نظرة جد واعتناء وكأن الحديث مع الرب المتعال
أمر هامشي، لا يعطى له ما يستحقه من الألتفات.
الوصية العاشرة:
حاول أن تبحث عن التنوع في مجالس العزاء إذ لكل مجلس هيئته الخاصة، ولكل خطيب تأثيره الخاص، وعلى المستمع أن يبحث عن المجلس الذي يثير فيه العبرة والاعتبار تاركا كل الجهات الباطلة الأخرى كإرضاء أصحاب المجالس، أو لجهات معينة،
أوالميل الذي لا مبرر له، سوى الارتياح الذاتي لا الرسالي.
الوصية الحادية عشرة :
حاول أن تفرغ نفسك أيام عاشوراء من جهة العمل والدراسة و التجارة لئلا
يكون يومك في يوم عاشوراء كباقي الأيام مشتغلا بأمور الدنيا تاركا مشاطرة
صاحب الأمر إمام العصر والزمان عليه السلام في مصيبته التي يبكى عليها بدل الدموع دما. والأمر يعطي ثماره عندما يكون ذلك مقترنا بشيء من المجاهدة في هذا المجال.
الوصية الثانية عشرة:
إذا كنت في بلد خال من مجالس الامام الحسين عليه السلام فاستعن بالمسموعات
والمرئيات والمواقع الهادفة لئلا تحرم بركات المواسم، بل أن أحياء الذكر
في أماكن غير متعارفة له أثره الخاص وهذه من المجربات التي لا تخلف
لأثرها ّإذ أن الذكر في الخلوات يخلو من كل شوائب الحلوات ومن هنا كان
العمل أقرب من غيره.
الوصية الثالثة عشرة:
من المستحسن – في المنزل والسيارة – أن يعيش الأجواء المثيرة للعواطف
بالاستماع إلى ما أمكن من المحاضرات ومجالس عزاء وقراءة الكتب المتعلقة
بالسيرة والمقتل وكم من الجدير أن يحول المؤمن هذه الأيام إلى أسبوع شحن
فكري وعاطفي في مختلف المجالات حتى العبادية منها فإن إحياء هذه الذكرى
مقدمة لإحياء الدين بكل حدوده وثغوره.
الوصية الرابعة عشرة:
إن علامة قبول العزاء، وعظا واستماعا وبكاء وإبكاء، هو الخروج بالتوبة
الصادقة بعد الموسم إقلاعا عن الذنوب وتشديدا للمراقبة والملاحظة – مع
الأسف الشديد- إن الإنسان يفرط بسرعة في المكاسب التي اكتسبها في الموسم
وذلك بمجرد الخروج منه وهذا الأمر يتكرر في كل عام مما يعظم له الحسرة
يوم القيامة فهو بمثابة إنسان ورد الغدير ولم يغترف منه إلا لعطش ساعته
ومن دون أن يتزود لسفره البعيد في القاحل من الأرض.
الوصية الخامسة عشرة:
حاول أن تصحب أهلك وأولادك وأصدقائك لمجلس الامام الحسين عليه السلام فإنها
ضمان التحول الجوهري حتى للنفوس العاصية ولا شك أنه يترك أثرا لا شعوريا
في نفوس الأحداث حتى في السن المبكر وذلك لأن المعصوم عنايته وإشرافه بعد
وفاته كما أن الأمر كذلك في حياته وذلك لأن الفارق بين المعصوم الحي
والمستشهد كالفارق بين الراكب والراجل إذ أنه بانتقاله من هذه النشأة
الدنيا عن بدنه الشريف فهل تجد فرقا بينهما ؟!
الوصية السادسة عشرة:
يغلب على بعض المستمعين – مع الأسف – جو الاسترسال واللغو بعد انتهاء
المجلس مباشرة وفي ذلك خسارة كبرى لما أكتسبه أثناء المجلس فحاول أن
تغادر المجلس إن كنت تخشى الوقوع في الباطل ومن المعروف في هذا المجال
أن الإدبار الاختياري بعد الإقبال العبادي مع رب العالمين أو في مجالس
أهل البيت عليهم السلام من موجبات العقوبة الإلهية وقد ورد أنه:
ما ضرب عبد بعقوبة أشد من قساوة القلب وهذا أيضا يفسر بعض صور الإدبار
الشديد بعد الإقبال الشديد وذلك لعدم قيام العبد برعاية الإقبال، كما هو حقه ..
الوصية السابعة عشرة:
إن البعض يحضر المجلس طالبا لحاجة من الحوائج فيدخل في باب المعاملة مع
رب العالمين والحال أن الهدف الأساسي من هذه المجالس هو التذكير بالله تعالى وبما أراده أمرا ونهيا فشعارنا تبكيك عيني لا لأجل مثوبة لكن عيني لأجلك باكية.
إذ ما قيمة بعض الحوائج المادية الفانية في مقابل النظرة الإلهية
للعبد التي تقلب كيانه رأسا على عقب.
الوصية الثامنة عشرة:
إن المعزى في هذه المواسم بالدرجة الأولى هو بقية الماضين منهم ألا وهو
صاحب الأمر امام العصرعليه السلام، الأمر الذي يتطلب محاولة استحضار درجة الألم الذي يعتصر قلبه الشريف، وذلك لأنه الخبير بما جرى على جده الامام الحسين عليه السلام في واقعة الطف، إذ ما وصل إلينا رغم فداحته لا يمثل إلا القليل بالنسبة إلى ما جرى على آل محمد صلى الله عليه واله وسلم.
الوصية التاسعة عشرة:
إن البعض إلى ما جرى في واقعة الطف لا يمكن إن يتكرر ولو بالتقليد في درجة دانية والحال انه كما إننا مأمورون بالتأسي بالنبي الأكرم الاعظم فإننا مأمورون بالتأسي
بسيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام رفضا للظلم وذكرا لله تعالى على كل حال
وفناء في العقيدة واستقامة في جهاد الأعداء وبصيرة في فهم حدود الشريعة.
الوصية العشرون:
إن من الملفت تنوع العناصر التي شاركت في واقعة الطف فمنهم الشيخ الكبير
كحبيب ابن مظاهر الأسدي ومنهم الطفل الرضيع ومنهم الشاب في ريعانة شبابه
كالقاسم والأكبر ومنهم العبد الأسود كجون ومنهم النساء اللاتي شاركن في قسم من المعركة أليس في ذلك درس للجميع وأن التكليف لا يختص بفئة دون فئة أخرى؟
أثابكم الله تعالى ولا تنسوا إخوانكم في غزة وفي العراق من الدعاء المبارك ولجميع المؤمنين والمؤمنات
والدعاء بتسهيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان
الامام المنتظر المهدي عليه السلام
ملاحظة: الموضوع منقول للتذكير فقط.. من باب... فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين...
الــــــــــــرابط: