بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الباكستان من دول آسيا، تحيط بها دول أفغانستان وايران والهند، وعاصمتها إسلام آباد، يبلغ عدد سكانها أكثر من 150 مليون نسمة وحكومتها جمهورية اسلامية، ولغات أهلها هي الاوردية والبنجاب والسندية والباشتو والبلوش، أما اللغة الرسمية فهي الانجليزية. ومعنى الباكستان هو (الارض الطاهرة) اشارة الى طهارتها من الهندوس وذلك عند انفصالها عن الهند عام 1947م وكانت يومئذ أحد الأقاليم الهندية.
تبلغ نسبة المسلمين في الباكستان 97% والباقي من الهندوس والمسيح والبوذيين وقليل من السيخ والشيوعية، وأغلب المسلمين من أهل السنّة ونسبتهم 74% من اتباع المذهب الحنفي (بريلونان) والباقي من الشيعة، والمتفحص لاوضاع المسلمين في هذا البلد يجد أغلب المذاهب والطرق، فمن المذاهب الحنفيّة والمالكية والشافعية والشيعة والزيدية والاسماعيلية، وأما الطرق فالنقشبنديّة والقاديانية والقادريّة والميرزائيّة والبريلويّة وجكرالوي والبهرة الاسماعيلية والبهرة الاصولية والنوربخشيّة وغيرها.
يشكل الشيعة في هذا البلد نسبة الربع تقريباً من العدد الكلي للسكان وينتشرون في كل مناطق البلاد مثل لاهور ومولتان وجهنك وفيصل آباد وكراچي واسلام آباد وحيدر آباد وجكوال وراولبندي، وأن الاكثرية الذين يقنطون شمال البلاد هم من الشيعة حيث تبلغ نسبتهم في بالتستان وكَلكَت 80%. تجدر الاشارة الى قدم التشيع في الباكستان فيؤرخ منذ القرن الثامن الهجري وانتشر على ايدي العلماء وكان من اشهرهم نور الله التستري والسيد علي خان كبير صاحب كتاب (رياض السالكين).
وبالرغم من ان نسبة الشيعة في الباكستان هي الربع، إلا أن النفس الشيعي له أثر كبير في الحركة السياسية والثقافية الباكستانية. فقد كانت فلسفة النهضة الحسينية مترسخة في فكر الشاعر الكبير والفيلسوف الاسلامي السني المذهب محمد اقبال لاهوري ـ المخطط الروحي لاستقلال الباكستان من الهند ـ وكان شديد التعلق بأهل البيت (عليهم السلام) ويشهد بذلك قصيدته المشهورة في مدح الزهراء (عليها السلام)، ويذكر أنّ الاموال التي بذلها الشيعة يوم ذاك كان لها الأثر الكبير في الاستقلال وهذا الامر مشهورٌ معروف في تاريخ الباكستان.
وللشيعة دور واضح ومؤثر على جميع الاصعدة في هذا البلد فعلى الصعيد السياسي نجد أن بعض رؤساء الجمهورية كانوا من الشيعة واشهرهم مؤسس الدولة الباكستانية محمد علي جناح وكذلك الاسكندر ميرزا صدر بالاضافة الى الكثير من الوزراء وجنرالات الجيش.
كما يعتبر النشاط الثقافي الشيعي في الباكستان جيد، حيث تصدر الكثير من الصحف والمجلات والنشرات التي تحمل ولاء أهل البيت (عليهم السلام) مثل الثقلين والمنتظر والامام الحسين والتحريك والمعصوم ووحدت والصادق والسراج والاخبار والعارف والمشرق ورضاكار وغيرها.
ويوجد في الباكستان العديد من العلماء والمثقفين الشيعة صدرت عنهم كتب قيّمة على المستويين الديني والثقافي، وهناك المئات من المدارس الدينية التي يدرس فيها طلبة العلوم الدينية الذين يربوا عددهم على الآلاف هذا الى جانب الالاف الذين يدرسون في الخارج كإيران والعراق وسوريا.
كما أن النشاط الاجتماعي لهم فعّال وبارز، فقد عمل الشيعة على بناء المدارس والمراكز الخدمية والمساجد والحسينيات، والجدير بالذكر ان لشيعة الباكستان نظام خاص في تنظيم الخمس فقد انشأوا له جمعية يشرف عليها وكلاء المراجع، ومن خلالها يتم تعمير المساجد والحسينيات وتعليم الطلبة وسد حاجة الفقراء والمعوزين، وقد كان لهذه الجمعية دور كبير في قضية المهاجرين من كشمير حيث استطاعت الباكستان ان تستوعب كل هؤلاء المهاجرين وتعطي كل شخص جميع ما كان يملك في بلده خلال فترة ثلاثة اشهر وذلك بفضل هذه الطريقة لجمع الخمس.
اما الوضع الديني فيعرف من خلال تمسك الباكستانيين القوي والعميق بمعتقداتهم بكافة طبقاتهم، ففي كل مكان من هذا البلد سواء كان مدينة أم كان قرية إلا وفيه مسجداً وحسينية للشيعة تقام فيها المناسبات الاسلامية والمذهبية وبالخصوص في أيام عاشوراء، حيث يقيم الشيعة مراسم عظيمة يندر وجودها في اغلب المناطق الشيعية من العالم حيث يستعد الشيعة طوال السنة لإحياء هذه المناسبة، وليس هذا الامر خاص بالشيعة فقط بل أن اغلب أهل السنة يحيون هذه المراسم حتى على مستوى الحكومة حيث تعطّل الدولة يوم التاسع والعاشر من محرم وتبث برامج خاصة في الاذاعة والتلفزيون.
ولشيعة الباكستان مزارات كثيرة في هذا البلد منها مزار الامام علي (عليه السلام) في پاراجنار وآخر يقال انه لأخت أبي الفضل العباس.
تشهد الباكستان في الوقت الحاضر حركة كبيرة للاستبصار واعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وقد انتشرت كتب المستبصرين هناك بشكل ملحوظ، ومن أهم أسباب هذا التوجه، هو اتضاح حقانية هذا المذهب وذلك من خلال المناظرات التي تقام بين السنة والشيعة وكذلك التبليغ الذي يبحث الناس على اتباع الادلة الصحيحة وكذلك المجالس الحسينية التي ينجذب لها الشعب الباكستاني بكل أصنافه وبالخصوص قضية مظلومية الزهراء (عليها السلام)، بالاضافة الى الاثر السلبي للحركة المعادية للمذهب الشيعي حيث أخذ الناس يبحثون حول الحقائق بعد ان انتشرت الكثير من الشبهات حول مذهب اهل البيت (عليهم السلام).