يا صاحبـي كن من الدنيا على وجلِ * وخالف النفس واحـذر كاذب الأملِ
فمـا أرى هـذه الدنيـا وان عطفت * سوى عـدو بثـوب الغـدر مشتمل
وقد أعـود علـى نفسـي بتسلـية * فيما نعانيـه مـن أيامنـا الفصـل
بأهـل بيت الهـدى كم كابدوا محنا * تزول شمّ الرواسـي وهي لـم تزل
وكم دماء لهـم عنـد العـدى هدر * يحول صبغ الليالي وهي لـم تحـل
اليّةً بـرة بالبيـت والحرم الشـريف والقبــر مثـوى خاتـم الرســل
لقد تزلـزلت السبـع الطباق ومـا * على البسيطة من سهـل ومن جبل
غداة اجهشـت الزهراء معلـنة الشكـوى بدمـع من الأحشـاء منهـمل
وربّ دمع لها مـن بعد ذاك جرى * على قتيل بأرض الطـف منجـدل
الله يعلـم مـا تلك الدمـاء جـرت * بالطـف إلاّ بتمـهيـد مـن الأول
فسـوف يعلـم أقـوام منازلهــم * وما أعـدّ لهـم فيها مـن النـزل
شعَّت فـلا الشمـس تحكيها ولا القمرُ * زهـراءُ من نورها الأكوانُ تزدهـرُ
بنـتُ الخلـود لها الأجيـال خاشعـةٌ * اُمّ الزمـان إليهـا تنتـمي العُصُـرُ
روحُ الحيـاة ، فلو لا لطفُ عنصرها * لم تأتلف بينـنا الأرواحُ والصــورُ
سمت عـن الاُفق ، لا روح ولا ملَكٌ * وفاقت الأرض ، لا جـنٌّ ولا بشـرُ
مجبـولـةٌ مـن جـلال الله طيـنتُها * يرفُّ لُطفاً عليهـا الصـونُ والخَفـرُ
ما عابَ مفخَـرها التأنـيث أنَّ بهـا * على الرجال نسـاءُ الأرض تفتـخرُ
خِصالها الغـرُّ جلّت ان تلـوكَ بهـا * منّا المقـاولُ أو تدنـو لهـا الفكـرُ
معنى النبـوة ، سرُّ الوحي ، قد نزلتْ * في بيـتِ عصمتها الآيـاتُ والسورُ
حـوت خِلال رسـول الله أجمــعَها * لولا الرسالـةُ ساوى أصلـه الثمرُ
تدرّجت في مراقـي الحـقَّ عارجـةً * لمشرق النـور حيث السـرُّ مستـترُ
( 22 )
ثم انثـنت تمـلأ الدنيـا معارفُهــا * تطوى القرون عيـاءً وهـي تنتشرُ
قل للذي راح يُخفي فضـلها حسـداً * وجـه الحقيـقة عنّـا كيـف ينسترُ
أتقرن النـورَ بالظلمـاء من سفـهٍ ؟ * مـا أنتَ فـي القـول إلاّ كاذب أشِرُ
بنـتُ النبـي الـذي لـولا هدايتُـه * ما كان للحـقّ ، لا عيـنٌ ولا أثـرُ
هـي التـي ورثـت حقـاً مفاخـره * والعطر فيه الذي في الـورد مدَّخـرُ
فـي عيد ميلادهـا الأمـلاكُ حافلـةٌ * والحور فـي الجنة العليـا لها سمـرُ
تزوجتْ في السماء بالمرتضى شرفـاً * والشمس يقرُنهـا فـي الرتبة القمـرُ
علـى النبـوّة أضفت فـي مراتبهـا * فضـل الـولاية لا تبقـى ولا تـذرُ
اُمّ الأئـمة مَـن طـوعاً لرغبتـهـم * يعلـو القضاءُ بنـا أو ينزل القـدرُ
قف يا يراعـي عـن مدح البتول ففي * مديحهـا تهتـف الألـواحُ والزبـرُ
وارجع لنستـخبر التـأريخ عن نبـأٍ * قد فاجـأتنـا بـه الأنبـاء والسيـرُ
هل أسقط القوم ضرباً حملَها فهـوت * تـأنُّ ممّـا بهـا والضلـعُ منكسـرُ
وهل كما قيـل قـادوا بعلَهـا فعـدت * وراه نادبـةً والدمــع منـهـمـرُ
إن كـان حقاً فإنّ القـوم قـد مرقـوا * عن دينهم وبشرع المصطفـى كفروا