كان أفلاطون يرى في اللعب طريقة لتعليم الأطفال المهارات المطلوبة منهم في أعمالهم كراشدين. وقال فيلسوف يدعى كومينوس في كتابه مدرسة الطفولة: "ما دام لعب الأطفال لا يؤذي الغير، فيجب أن نشجعهم عليه بدلاً من أن ننهاهم عنه؛ لأن هذا هو أسلوبهم في التعليم".
وترى الدكتور "سعدية بهادر" أستاذ علم نفس النمو، ورئيس جمعية أحباء الطفولة بمصر- أن الألعاب الجماعية التي يصاحبها الغناء والحركة مثل: الاستغماية، وغيرها هي مواقف مبسطة من الحياة صنعتها الحكمة الشعبية على مر العصور، وقد يبتكر الطفل بعضها بالاتفاق مع باقي الأطفال المحيطين به.
ويرى الدكتور "محسن العرقان" أستاذ الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية بالقاهرة- أن اللعب في حياة الإنسان ليس مقصورًا على الطفولة، فالألعاب موجودة في كل طور من أطوار الحياة لكن بأشكال مختلفة، وهذا لا ينفي أن اللعب يحتل مكانة كبيرة خلال مرحلة الطفولة لأنها الوسيلة التي يتعامل بها الطفل مع الحياة، ووسيلته للتعبير عما يريده حيث يشارك الآخرين التسلية ويتدرب على التعامل مع الكبار.
واللعب الجماعي خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل له أثره في النمو الانفعالي لدى الأطفال، لذا فإن الطفل الذي يحرم من اللعب يصبح متبلدًا انفعاليًّا وأكثر أنانية وأقل عمقًا.
وتلتقط الحديث الدكتورة "سعدية بهادر" مرة أخرى لتؤكد أن المفهوم الدارج للعب على أنه مجرد لهو هو فهم خاطئ، حتى ذلك اللعب الذي يمكن أن نعتبره ترفيهيًّا هو طريقة لإكساب الأطفال ما يرغب الكبار توصيله إليهم، فأثناء اللعب تنتقل العادات وأساليب التعامل، وتتكون الشخصية، وتصبح أكثر اتزانًا وأوسع أفقًا، فمن خلال اللعب التمثيلية مثلاً (لعبة عروسة وعريس) يمكن إكساب الطفل المهارات الاجتماعية والقيام بالأدوار الاجتماعية الأخرى، فاللعب هو مهنة الطفل الطبيعية التي فُطر عليها، واللعب فن وأسلوب حياة، والشغل الشاغل للطفل، والقادر على تحريك ميوله
فعندما يبتكر الطفل لعبة يحاول أن يشبع حاجته إلى الاستمتاع أو الراحة أو العمل حسب اللعبة التي يلعبها، والأطفال يسمون ألعابهم برمز يتعارفون عليه، ويستمدون هذا الرمز من البيئة التي يعيشون فيها
لذا نجد أن نفس اللعبة تختلف مسمياتها من مدينة لأخرى، وقد يختلف أسلوبها تبعًا لثقافة المجتمع الذي نشأت فيه، وتصبح بمثابة هوية للبيئة التي نشأت فيها.
وتحذر الدكتورة سعدية بهادر الآباء الذين يحرمون أطفالهم من اللعب مع الآخرين لأنهم بهذا يساهمون في جعلهم انطوائيين بلا أصدقاء أو خبرات، وكذلك فإن لعب الأطفال بالمسدسات والبنادق وغيرها مما يُباع في محلات الأطفال يؤدي إلى تنشئة الطفل على العنف وتبتعد به عن الشخصية الاجتماعية السوية، في حين أن ألعابنا الشعبية تنمي المهارات العضلية والعصبية والإحساس بالذات والانتماء لدى الطفل، ففي منطقة كرداسة بالهرم يصنعون عروسة من القطن في شكل فلاحة مصرية بالطرحة والحلق والعقد الجميل مما يساعد الطفل على التعرف على ذاته وتنمي إحساسه بالألوان
وفي البلاد المتقدمة يعتبرون العروسة القطن أحدث لعب الأطفال وأكثرها صحية ويبيعونها أغلى كثيرًا من لعب المصانع