إنه اجتهادُ مزيف :كلمة الاجتهاد أصبحت كلمة مطاطة إسفنجية، يتداولها الجاهل وغيره.. قتل المؤمنين اجتهاد، قتل الأبرياء اجتهاد,! ظلم البشرية اجتهاد! محاربة الإمامالعادل اجتهاد؟! تغيير الأحكام الثابتة اجتهاد! سفك دماء الصحابة والتابعين وقراءالقرآناجتهاد!! هتك مدينة الحبيب محمد (صلّى الله عليه وآله) اجتهاد!! ضربالكعبة المقدسة بالمنجنيق اجتهاد!! هتك الأعراض وفض بكارات المحصنات اجتهاد!! وهكذادواليك..
فإنك تسأم الحياة في أطر هذه الاجتهادات الباطلة ، التي أصبحت مطيةًيركبها المتزلفون ، ويأتي ابن حزم ليقززك بما هو أمضُّ وأدهى؛ قائلاًإن قتل أميرالمؤمنين ـ وسيد الموحدين ،ويعسوب الدين ، وقائد الغرالمحجّلين ـ اجتهادٌ... أيّ اجتهاد هذا الذي يوجب قتل المولىالمعظّم!!بعد أن اتضح لنا من سالف البحث ما قاله النبي الأكرم (صلّىالله عليه وآله) في حق ابن ملجم ،وأنه أشقى الآخرين ،وفي أحاديث ذكرها علماءالطائفة: أشقى الأولين والآخرين، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يقول النبي شيئاًويقول ابن حزم خلافه؟! إن هذا لمن أغرب الأمور التي يشاهدهاالإنسان في حياته العلمية: قال الله، وذاك يقولأنا أقول،وقال رسول اللهوأنا أقول..!!! ولكن هذا الاجتهاد لا نراه في قتل عثمان بن عفان،فإنّ ابن حزمنفسه عندما يمر بفاجعة الكوفة يقول: هذا اجتهاد من عبد الرحمن ابن ملجم ،ولكن عندمايمر بقضية قتل عثمان بن عفانيتغير المساروتنقلب الموازين،ويصبح كل شيء معاكساً تماماً ،فلا اجتهاد ولا قبول عذر.. وكذا تراه ينقلب على عقبيه في نفس الوقت عندما يتحدث عن قتل عمار ، وإليك نصكلامه:
وعمار رضي الله عنه قتله أبو الغادية ،يسار بن سبعالسلمي، شهد (عمار) بيعة الرضوان فهو من شهداء الله، له بأنه علم ما في قلبه وأنزلالسكينة عليه ورضي عنه، فأبو الغادية رضي الله عنه، متأول مجتهد مخطئ فيه ،باغ عليهمأجور أجراً واحداً ،وليس هذا كقَتَلَةْ عثمان رضي الله عنه؛ لأنهم لا مجالللاجتهاد في قتله، لأنه لم يقتل أحداً ولا حارب ،ولا قاتل ،ولا دافع ،ولا زنا بعدإحصان ،ولا ارتد فيسوَّغَ المحاربةَ تأويلٌ، بل هم فساقٌ محاربون سافكون دماًحراماً عمداً، بلا تأويل على سبيل الظلم والعدوان ، فهم فساقملعونونلاحظ معي هذهالمفارقاتالعجيبة،فالذي يقتل عثمان بن عفان فاسق محارب، سافك للدم المحرم ،وظالممعتد أثيم ملعون.. والذي يقتل المولى المعظَّم وحوارييه كعمار بنياسرفهو مجتهد متأول ومأجور !والغريب ما ذكره منتبريرٍ لهذه المسألة قال:
إن عثمان ما زنى ولا ارتد ولا .. ولا .. وكأن أميرالمؤمنين وعمار والعياذ بالله حصل منهم ما حصل حتى يبرر لقاتلهم، والنبي الأكرميذكر فضل عمار ويقول: تقتلك الفئة الباغيةفي خبرصحيح متواتر مستفيض ذكره علماء الأمة
اقتلوا نعثلا فقد كفر/ (الجزء الأول) 1 - الروايات الداله على ذلك :
في كتاب تاريخ الطبري الجزء الثالث ، صفحة رقم 477 : فانصرفت إلى مكة وهي تقول قتل والله عثمان مظلوما والله لاطلبن بدمه فقال لها إبن أم كلاب ولم فوالله إن أول من أمال حرفه لانت ولقد كنتتقولين اقتلوا نعثلا فقد كفرقالت إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالواوقولي الاخير خير من قولي الاول فقال لها إبن أم كلاب
:
منك البداء ومنك الغير*ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الامام*وقلت لنا إنه قد كفر
فهبنا أطعناك في قتله*وقاتله عندنا من أمر
ولم يسقط السقف من فوقنا*ولم ينكسف شمسنا والقمر
وقد بايع التاس ذا تدرإ*يزيل الشبا ويقيم الصعر
ويلبس للحرب أثوابها*وما منوفى مثل من قد غدر
وأيضا إبن منظور قتيبة الدينيوري في الإمامة والسياسه الجزء واحد ، صفحة رقم 71 : قال : وذكروا أن عائشة لما أتاها أنه بويع لعلي . وكانت خارجة عن المدينة ، فقيللها : قتل عثمان . وبايع الناس عليا . فقالت : ما كنت أبالي أن تقع السماء على الارض ، قتل والله مظلوما ، وأنا طالبة بدمه ،فقال لها عبيدإن أول من طعن عليه وأطمع الناس فيه لانت ، ولقد قلت : اقتلوا نعثلا فقد فجر، فقالت عائشة : قد والله قلت وقال الناس ، وآخر قولي خير من أوله .
وأيضا ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة الجزء السادس ، صفحة رقم 215 : قالوا : أول من سمى عثمان نعثلا عائشة ، والنعثل : الكثير شعراللحية والجسد ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا !.
وفي نفس الصفحة : وروى المدائني في كتاب الجمل ، قال : لما قتل عثمان ، كانت عائشة بمكة ، وبلغ قتلهإليها وهى بشراف ، فلم تشك في أن طلحة هو صاحب الامر ،وقالت : بعدا لنعثل وسحقا !إيه ذا الاصبع ! إيه أبا شبل ! إيه يابن عم ! لكانى أنظرإلى إصبعه وهو يبايع له : حثوا الابل ودعدعوها .
وايضا في المصدر نفسه ، صفحة رقم 216 : قال : وقد روى قيس بن أبى حازم أنه حج في العام الذى قتل فيه عثمان وكان مع عائشةلما بلغها قتله ، فتحمل إلى المدينة ، قال : فسمعها تقول في بعض الطريق : إيه ذاالاصبع ! وإذا ذكرت عثمان قالت : أبعده الله !حتىأتاها خبر بيعة على ، فقالت : لوددت أن هذه وقعت على هذه ، ثم أمرت برد ركائبها إلىمكة فردت معها ، ورأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها ، كأنها تخاطب أحدا : قتلواإبن عفان مظلوما ! فقلت لها : يا أم المؤمنين ،ألم أسمعك آنفاتقولين : أبعده الله وقد رأيتك قبل أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولا ! فقالت : لقدكان ذلك، ولكني نظرت في أمره ، فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه .
وايضا في المصدر نفسه ، الجزء العشروين ، صفحة رقم 17 : ولقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان وهو خليفة ،منهم عائشة كانت تقول : اقتلوا نعثلا ، لعن الله نعثلا، ومنهم عبد الله بن مسعود.
وايضا في المصدر نفسه ، الجزء العشروين ، صفحة22 : ثم نعود إلى ما كنا فيه فنقول : وهذه عائشة أم المؤمنين ، خرجتبقميص رسول اللهفقالت للناس : هذا قميص رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنته ،ثم تقول : اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا، ثم لم ترض بذلك حتى قالت : أشهدأن عثمان جيفة على الصراط غدا . فمن الناس من يقول روت في ذلك خبرا
وايضا الرازي في المحصول جزء الرابع ، رقم الصفحة 343 : أن عثمان ( ر ) أخر عن عائشة ( ر ) بعض أرزاقها فغضبت ثم قالتيا عثمان أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك والله لولاالصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجملفقال عثمان ( ر ) ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآيةفكانت عائشة ( ر ) تحرض عليه جهدها وطاقتها وتقول أيها الناس هذاقميص رسول الله لم يبل وقد بليت سنته اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلاثم إنعائشة ذهبت إلى مكة فلما قضت حجها وقربت من المدينةأخبرت بقتلعثمان فقالت ثم ماذافقالوا بايع الناس علي بن أبي طالب فقالت عائشة قتلعثمان والله مظلوما وأنا طالبة بدمه والله ليوم من عثمان خير من علي الدهر كله فقاللها عبيد بن أم كلاب ولم تقولين ذلك فوالله ما أظن أن بين السماء والأرض أحدا فيهذا اليوم أكرم على الله من علي بن أبي طالب فلم تكرهين ولايتهألم تكوني تحرضين الناس على قتله فقلت اقتلوا النعثل ثنا فقد كفرفقالت عائشة لقد قلت ذلكثم رجعت عما قلت وذلك أنكم أسلمتموه حتى إذاجعلتموه في القبضة قتلتموه والله لأطلبن بدمه فقال عبيد بن أم كلاب هذا والله تخليطيا أم المؤمنين
وايضا ابن عساكر في كتابه ترجمة الامام حسن ، رقم الصفحة 197 : عثمان وإيثاره بني أبيه أغصان الشجرة الملعونة في القرآن واستبداده بإيفاء نهمتهونهمة آل آمية من أموال المسلمين وهتكهم حرمة صفوة المسلمين كعبد الله بن مسعودوأبي ذر وعمار بن ياسر ، هي التي أوجبت قتل عثمان ، ولذا أجمع على قتله عظماءالمهاجرين والانصار وكان الزبير وطلحة في طليعة المهاجمين عليه الذين حصروه وقطعواعنه الماء ،وكانت عقيرة أم المؤمنين عائشة مرتفعة بقولها : اقتلوا نعثلا قتله الله
وايضا ابن الاثير في النهاية في غريب الحديث الجزء الخامس ، ضفحة رقم 79 : (نعثل ) (ه ) في مقتل عثمان لا يمنعنك مكان إبن سلامأن تسب نعثلا كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا ، تشبيها برجل من مصر ، كان طويل اللحيةاسمه نعثل . وقيل : النعثل : الشيخ الاحمق ، وذكر الضباع . ومنه حديث عائشة اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا تعنى عثمان . وهذاكان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة.
وايضا هناك روايات كثيرة
(ذم عائشة لعثمان : راجع : أحاديث أم المؤمنين عائشة للعسكري ق 1 / 58 و 103 - 111 ،تاريخ اليعقوبي ج 2 / 152 ط الغرى ،شرح نهج البلاغةلابن أبى الحديد ج 2 / 77 و 486 ط 1 وج 6 / 215 - 216 بتحقيق أبو الفضل وج 2 / 408ط دار مكتبة الحياة ،الاستيعاب بهامش الإصابةج 2 / 192 ،تذكرة الخواص ص 61 و 64 ،تاريخ الطبري ج 4 / 407 و 459 و 465 ،الكامل لابن الأثير ج 3 / 206 ،تاجالعروس ج 8 / 141 ،لسان العرب ج 14 / 193 ،الإمامة والسياسة ج 1 / 43 و 46 و 57 ،العقد الفريد ج 4 / 306 ، ط لجنة التأليف وج 2 / 267 و 272 ط آخر ، الغدير ج 9 / 77 وما بعدها ،الطبقات لابن سعد ج 5 / 25 ط لندن وج 5 / 36 ط بيروت ،أنساب الأشراف للبلاذري ج 5 / 70 و 75 و 91 ،تاريخ أبى الفداءج 1 / 172 (