اجرت مجلة بشرى حواراً مع سماحته اثر زيارته لحوزة كربلاء النسوية وتجاذب أطراف الحديث حيث تفضل بعظيم حلمه وسعة صدره بالاجابة مشكورا عن جميع أسئلتنا وقد بدأ سماحته حديثه العذب لأسرة المجلة قائلا: أنا أعتز وأرحب بكم من كل قلبي وبمجلة بشرى وبكل العاملين فيها وأتمنى لكم كل التوفيق والتطور، وأن ترتقي مجلتكم لتصبح من أفضل المجلات العالمية بحق محمد وآل محمد.
بشرى/ ماهو دور المرأة العراقية والتكليف الواجب عليها في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها البلد؟
ج/ يقول الله تعالى (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فيبين دور المرأة الرئيسي في ارساء قواعد المجتمع بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحيث يختار الله للمرأة لأن تضطلع بهذه الفريضة فإنه بذلك يجعلها في مكان رفيع من العلم، حيث يجب أن تعرف كل المعروف وكل المنكر لتأمربالمعروف وتنهى عن المنكروهذا مستوى كبير من العلم يجعله الاسلام للمرأة. والآن عندما نلاحظ المجتمع العراقي نجد أن الداء الوبيل الذي يضرب في أعماق العراق إنما معالجته تتلخص في هذه الفريضة، والتي لها درجات والتدرج فيها يبدأ من اليد فاللسان فالقلب. أما اليد فلانقول أن المرأة تحمل سيفا وانما تحمل قلما واللسان تحمل خطابة وكلمة وفي قلبها كذلك. وفي مجيء الامام الحسين الى كربلاء واصطحابه للحوراء زينب (ع) وبنات رسول الله معه أعظم دليل لكشف موقع المرأة اليوم في العراق وأهمية رسالتها وماذا يجب أن تصنع؟ فدورها الآن هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن الحق وعن أهل البيت (ع) رغم الأجواء التي ظاهرها لايبشر بالخير، عكس الباطن فهو يبشر بالخير فاننا نرى في الأفق انفراجا كبيرا وقريبا سيحصل في العراق وسيفاجيء الجميع لأنه لايخضع للرؤية السياسيةالتي تدور الآن في العالم.
بشرى/ عانت المرأة العراقية لسنوات طويلة من الظلم والاضطهاد والتهميش وهي تعاني اليوم من مرارة الارهاب وانعدام الأمن والأمان.. فكيف لها العمل والتحرك للارتقاء بواقع المرأة العراقية في ظل أزمة الحاضر وتبعات الماضي؟
لاشك أن هذا الشيء يؤخذ بعين الاعتبار، والمرأة دائما تحتاج الى أجواء كي تقوم بعملها، ونحن بالمقابل لكي نعطي مجالا للمرأة العراقية لأن تتقدم وتعمل وتبدع وتظهر عظمتها في الساحة يجب أن نهيء لها الأجواء لانطلاقتها، فالرجال في العراق لهم دور ومسؤولية كبيرة ازاء المرأة فلايجلسوا منتظرين من المرأة أن تبدع في هذه الأجواء المسمومة بل يجب أن ينقوا هذه الأجواء وهذا يحتاج إلى اتحاد الكلمة وتأليف القلوب وهذا لايحدث إلا بولاية أهل البيت لأن الزهراء (ع) تقول: (إن الله تبارك وتعالى جعل طاعتنا نظاما للملة، وامامتنا أمانا للفرقة) فيجب أن تتآلف قلوبنا جميعا لنحصن المرأة والمجتمع من ضياع الوقت ومن الاستهتار بهذا العمر العظيم والوضع الآن في جنوب ووسط العراق يبشر بالخير، وتكاد تنحصر المناطق المشتعلة في بغداد وغرب العراق، فالرجال يستطيعون في كربلاء بالذات أن يهيئوا أجواء خاصة للمرأة مع ثقافتهم الاسلامية، فمما يؤسف له أن بعض الرجال لم يعرف رسالة المرأة ووضعها خصوصا في العراق فيمكن أن يمارس الضغط عليها، فنرى بعض الأزواج لايعرف حق المرأة تزوجها، لكي يمتلكها، فلا يريد أن يكون لها أي نشاط فلا تكتب ولاتخطب ولاتدرس، في حين أنها يمكن أن تقوم بكل هذا إذا تفهم الرجال وعرفوا المسؤولية تجاه المرأة.
بشرى/ من النساء من تمتلك قدرة كبيرة وموهبة عظيمة سواء في مجال الخطابة أو الكتابة أو في شتى المجالات الأخرى، ولكنها تصطدم بحاجز الاعتراض من قبل الأهل أو الزوج، فما هو الحل برأيكم لتعدي هذه الأزمة؟
ج/ الحل هو التثقيف والحوار بالتي هي أحسن لأن هذه المسائل تكون حساسة في الأسرة، فيمكن أن الزوج أو الأخ أو الأب لايخضع للكلام إلا إذا كان ضمن حوار لطيف ورقيق مع بعض، فيجب تعلم الحوار الهاديء لترطيب الأجواء المتشنجة في الأسرة، والله سبحانه وتعالى لم يخلق المرأة غير الرجل، فروح المرأة والرجل واحدة وعقل المرأة والرجل واحد، قال تعالى: (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها).
بشرى/ تعاني الساحة الاعلامية اليوم من ضعف الأقلام الاسلامية الموجهة البناءة أو المربية لاسيما الأقلام النسوية فما هو تعليقكم حول هذا الموضوع، وكيف للمرأة – العراقية بالذات – أن ترتقي في هذا الميدان؟
ج/ نعم هذا صحيح، ونحن نحس بهذا ونستعذب أن تكون المرأة العراقية من حملة الكلمة وحملة الأقلام فهذا دورها وهي بنت جدتها وهي تنطلق من كربلاء، وأسهل طريقة في رأيي لحمل الكلمة والبيان والقلم هو طرق باب الزهراء (ع), وأخذ الكلام منها ومن أمير المؤمنين – وخصوصا نهج البلاغة– فلو أن المرأة العراقية تتعامل كل يوم مع صفحة واحدة من نهج البلاغة، تقرأها بامعان وتأخذ منها فكرة واحدة فقط - والصفحة الواحدة تعج بالأفكار الجديدة- فتكتبها فخلال ستة أشهر ستمتلك أقوى قلم، وأنا جربت هذه الطريقة مع بعض الأخوات في الخليج ولبنان والشام لمدة ستة أشهر، فصارت لديهم أقلام وخطابة قوية.
بشرى/ مرت علينا قبل فترة وجيزة ذكرى فاجعة هدم قبور ائمة البقيع(ع) وهي تذكرنا بفاجعة الاعتداء الأثيم على مرقدي الأمامين العسكريين (ع) فهل من كلمة بهذه الذكرى الأليمة؟
ج/ هدم قبورائمة البقيع هو هدم لقلوبنا نحن وهذه الفاجعة تشدنا اليوم أكثر من كل عام بمناسبة هدم قبري الأمامين العسكريين (ع) ومرقدي الامامين في سامراء تبكي عليه قبور ائمة البقيع أيضا، ويجب أن يكون احياء هذه الذكرى متميزا عن كل عام لأن فيها قضية سامراء لأن التحدي عندما يصل إلى سامراء فانه يصل إلى قبور الائمة (ع) في كربلاء والنجف والكاظمية بمعنى أن تهديد أعداء الاسلام يصل إليهم، ولكن انشاء الله الامام الحسين (ع) يحول دون ذلك.
ولكن نوضح للناس الأسباب التي جعلت هؤلاء اللعناء يقدمون على هذه الجريمة هل هي نفس الأسباب التي جعلتهم يهدمون قبور أئمة البقيع أم غيرها؟ فلابد من دراسة الأسباب، ثم لماذا هذا التخاذل أمام هذا الموقف؟ فعلى الشيعة أن يقفوا بوجه هذا العدوان الغاشم على قبور ائمة البقيع وقبور أهل البيت في سامراء والمدينة وقفة رجل واحد فالى الآن لم يذهب أحد الى سامراء للوقوف على وقائع ومعالم الجريمة وما الذي حصل هناك، لابد من تثقيف الناس بذلك.
وهنا تجلت امارات الخزن والأسى واضحة على محياه وكاد صوته يختنق وعبراته تفيض، فاستأنف حديثه بصعوبة قائلا: أنا أتألم كثيرا في الحديث عن هذا الموضوع ويحز في قلبي وضع سامراء وهو امتداد للبقيع ونبش وهدم القبور مؤامرة من يوم وفاة الزهراء (ع).
بشرى/ نعيش في هذه الأيام ذكرى وفاة الامام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده) فهل من كلمة بحق هذا العالم الفذ وهل لكم موقف خاص معه تذكرونه لنا؟
ج/ السيد الشيرازي (رضوان الله تعالى) عليه كان بحرا من العلم والتقى والايمان وكان حقيقة معجزة بحيث لايمكن لأحد أن يتصور في هذه العقود الأخيرة أن يكون عالم بهذا الشكل وهذه الغزارة في الانتاج والرؤية الصحيحة للأمور ومعرفة المستقبل، وكان يحكي معي عن أمور وقعت بعد عشرين سنة حتى كان يتكلم عن وضع العراق، والذين حوله انتفعوا بوعيه وكان مشعل نور في كربلاء، وكان السيد قبل أربعين سنة يقيم المجالس ومدارس حفاظ القرآن والمؤسسات والمكتبات و... كان يسكن في بيت لايتجاوز 60-70 م فقدموا له بيت كبير قرب المخيم فحوله إلى مكتبة ونادي اسلامي للشباب بدل أن يسكن فيه، فكان في منتهى الزهد والورع والتقوى وربى أجيالا من العلماء والخطباء فهو أستاذنا ومربينا. وقبل أيام رأيت رؤية أنه جالس كأنما في صحن الامام الحسين(ع) يأم المصلين وكأن في الصحن قاعة كبيرة لصلاته هو وكل المصلين خلفهم سادة ومعممين وفي غاية الجمال وأعمارهم 18 سنة، وأنا الوحيد بينهم الذي يلبس عمامة بيضاء وقفت مأخوذا بهم وكان عددهم غفير على مد البصر، وهذا دليل على موقعه ومكانته لأنه ترك أثرا كبيرا وهو حجة على كل الفقهاء والمراجع في كل زمان ومكان وهو برغم الظروف الصعبة التي عاشها وكان محاربا من عدة جهات إلا أنه لم يكن يتوقف عن العطاء والابداع أبدأ.