[عاشق الزهراء]

قراءة في

alshirazi.net

القادة المعصومون سلام الله عليهم قمة الكمال أدوا أدوارهم الالهية بمثالية مطلقة، فدور كل واحد منهم سلام الله عليهم بلحاظ ظاهر الوضع والظرف المحيط بهم مختلف عن الآخر وان تقاربت الأدوار والتعامل أحيانا فدور الإمام الحسين عليه السلام الثورة والانتفاضة كان تكليفه ذاك فادى ذلك التكليف في أروع صوره عرفتها البشرية.
أما الإمام الحسن عليه السلام فالوضع والظرف قد حتم عليه نوع أخر من التكليف تمثل بتأجيل المواجهة مع معاوية ومن ثم فضحه وما يضمر في محاوله لإنقاذ الأمة من ما أحاط بها من خلط وعدم تميز بين القيادة الإلهية والقيادات المزعومة.
ذات الأمر جرى في عهد مولانا الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام إلا إن الأمر أكثر اختلافا من العهدين السابقين فأنصار الائمة بين قتيل وشهيد و متلاش لا اثر له حتى لم يبقى على الحق إلا أنفس معدودة، فتمادت جبهة الباطل في الاستخفاف بدين الله وتعاليمه وشريعة رسوله وبات الناس في لهو عن الحق وغفلة عن الحقيقة في الوقت الذي مارست فيه السلطة الغير شرعية أنواع الضغوط على حجة الله في الأرض وذلك للحد من نشاطه وللفاصلة بينه وبين الأمة وبذلك يحرز الأمان للعرش الأموي تتلقفه صبيانهم كإرث كسروي وعرش قيصري.
كان على الإمام إنهاض الأمة وإرجاعها إلى المنهاج المحمدي الأصيل وبعبارة أخرى لابد للإمام من ثورة حكيمة تزلزل العقول وتثير دفائنها وتظهر كنوزها في الوقت الذي لا يشكل هذا البناء العقائدي أي خطر ظاهري لمعتنقيه واتباعه أو المستفيدين منه وبذلك يعطي لسلاطين الجور فرصة الانتقام من المؤمنين وتصفيتهم ومعتقدهم الصحيح وعلوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبذلك فعلى الإسلام السلام.
كان على الإمام اختيار ثورة من نوع جديد هدفه زلزلة النفوس بالحق وكلماته بغية ألمحافظة على الأسس التي سنتها الشريعة السمحاء فكانت ثوره الدعاء.
زبور آل محمد كما تسمى الصحيفة السجادية بحق وهي مجموعة أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام جاءت في قمة البلاغة العربية مع روعة البيان وجودة السبك, استطاعت ان تكون كمرآة لأحوال الإمام عاكسة لأصول معتقده وفكره النير ومعالجته للأوضاع ألراهنة وقتها مجسدة للفترة ألزمنية التي واكبها الإمام سلام الله عليه وبذلك فضح الانظمة المستبدة وبرد ظلام الحاقدين وجذب المجتمع مرة أخرى إلى قويم الطريق بعد إن ظلهم طلاب الدنيا ووعاظ السلاطين بعد ان مثلوا لهم الإسلام في فكرة التسليم لبني أمية وحكام الجور والإذعان لهم، ووضع الأحاديث ألمزيفة حتى على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم من قبيل صلوا وراء البر والفاجر.
الصحيفة السجادية الشريفة مناط اهتمام المعصومين سلام الله عليهم وورثوا ذلك التراث القيم والعلم الجم إلى طلابهم واتباعهم فتسابقت النفوس الى الاغتراف من ماءها الزلال العذب وجرت الأقلام في شرحها وبحث المراد من مطاويها وبذُلت الجهود المظنية في ذلك السفر الخالد.
ومن العلماء السابقين لسبر غور بحرها الرائق واستخراجها كنوزها ودررها سماحة الإمام الراحل السيد محمد المهدي الحسيني الشيرازي اعلى الله درجاته فاخرج بذلك شرحا موجزاً رائقاً عذباً قال عنه رضوا الله تعالى عليه: (هذا شرح موجز على الصحيفة السجادية للإمام الهمام علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب صلوا الله عليهم أجمعين كتبته رجاء تقريب بعض غرائب ألفاظه وشوا رد معانيه الى الأذهان) وقد فرغ من تأليفه في 25/شوال/1385هـ.

مع الكتاب:
مقدمه الكتاب وقد خصصها المؤلف لسند الصحيفة ألشريفه بما تتضمن كما هو معروف من روايات تعكس الظروف ألراهنه والظلم الواقع على الذرية الطاهرة من آل بيت النبوة كما تظهر فضل وعلم ألائمه المعصومين سلام الله عليهم.
بعد ذلك يذكر أبواب الصحيفة بعد ان يذكر رواية المتوكل بن هارون انها في الأصل خمسة وسبعون باباً سقط منها احد عشر باباً واستطاع هارون حفظ نيفا وستين باباً.
وفي رواية المطهري ذكر الأبواب التي تبدأ بباب التحميد لله عز وجل, والى الباب الرابع والخمسون دعاؤه في استكشاف الهموم.
اما باقي الأبواب فهي بلفظ أبي عبد الله الحسني رحمه الله وفق السند الذي يذكره الى ان يصل فيه الى المتوكل بن هارون الذي قال: أملى على سيدي الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد قال: أملى جدي علي بن الحسين على ابي محمد بن علي عليه السلام بمشهد مني.
وزبدة الحديث ان الشرح موجز الا انه ذو فائدة جمة بأسلوب بعيد عن التعقيد قريب المتلقي سلس العبارة والحمد لله رب العالمين.