جاء في المجلد الحادي عشر من كتاب بحار الانوار ، ان ابا بصير قال : كان لي جار يتبع السلطان ، فاصاب مالاً فاتّخذ قياناً وغلماناً .. وكان يجمع الجموع، ويشرب المسكر، ويؤذيني؛ فشكوته إلى نفسه غير مرة فلم ينته .. فلما الححت عليه قال : يا هذا !.. انا رجل مبتلى، وانت رجل معافي ، فلو عرفتني لصاحبك (يعني الإمام الصادق عليه السلام) رجوت ان يستنقذني الله بك.. فوقع ذلك في قلبي ، فلما صرت إلى ابي عبد الله عليه السلام ذكرت له حاله ، فقال لي : اذا رجعت إلى الكوفة فانّه سيأتيك فقل له : قال لك جعفر بن محمد : دع ما انت عليه وأضمن لك الجنة .
فلما رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى ، فاحتسبته حتى خلا منزلي فقلت : يا هذا !.. اني ذكرتك لابي عبدالله عليه السلام ، فقال : أقرئه السلام وقل له: يترك ما هو عليه واضمن له الجنة، فبكى ثم قال : بالله قال جعفر عليه السلام هذا !.. فحلفت انه قال لي ما قلت لك ، فقال لي : حسبك ومضى !..
فلما كان بعد ايام بعث اليًّ ودعاني ، فاذا هو خلف داره عريان فقال : يا ابا بصير !.. ما بقي في منزلي شيء إلاّ وخرجت منه وأنا كما ترى .. فمشيت الى اخواني، فجمعت له ما كسوته به .. ثم لم يأت عليه إلاّ ايام يسيرة حتى بعث الي اني عليل فأتني .. فجعلت اختلف اليه واعالجه حتى نزل به الموت ، فكنت عنده جالساً وهو يجود بنفسه ثم اغشي ثم افاق ، فقال : يا ابو بصير !.. قد وفي صاحبك لنا ، ثم مات.
فحججت فأتيت ابا عبدالله عليه السلام فاستأذنت عليه ، فلما دخلت قال لي مبتدئاً - من داخل البيت واحدى رجلي في الصحن والاخرى في دهليز داره-: يا ابا بصير !.. قد وفينا لصاحبك .
قال الشاعر :
حتى متى يا نفس تغتر ين بالأمل الكـذوب
يا نفس توبـــي قبل ان لاتستطيعي أن تتوبي
واستغفري لذنبك الر حمان غفّار الذنوب