ان النبي صلى الله عليه وآله قد جمع الناس يوم غدير خم موضع بين مكة والمدينة بالجحفة وذلك بعد رجوعه من حجة الوداع ، وكان يوما صائفا حتى ان الرجل ليضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر ، وجمع الرجال ، وصعد عليها ، وقال مخاطبا : معاشر المسلمين ألست أولى بكم من أنفسكم ؟
قالوا : اللهم بلى ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله .
فذكر هذه الواقعة من أئمة الحديث :
- إمام الشافعية أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204 كما في نهاية ابن الاثير
- وإمام الحنابلة احمد بن حنبل المتوفى 241 في مسنده ومناقبه ،
-وابن ماجة المتوفى 273 في سننه
- والترمذي المتوفى 276 في صحيحه
- والنسائي المتوفى 303 في الخصايص
- وأبو يعلى الموصلي المتوفى 307 في مسنده
-البغوي المتوفى 317 في السنن
- والدولابي المتوفى 320 في الكنى والأسماء
- و الطحاوي المتوفى 321 في مشكل الآثار
- والحاكم المتوفى 405 في المستدرك
- وابن المغازلي الشافعي المتوفى 483 في المناقب
-وابن مندة الاصبهاني المتوفى 512 بعدة طرق في تأليفه
- والخطيب الخوارزمي المتوفى 568 في المناقب ومقتل الامام السبط عليه السلام
- والكنجي المتوفى 658 في كفاية الطالب
- ومحب الدين الطبري المتوفى 694 في الرياض النضرة ، وذخاير العقبى
- والحمويني المتوفى 722 في فرايد السمطين
- والهيثمي المتوفى 807 في مجمع الزوايد
- والذهبي المتوفى 748 في التلخيص
- والجزري المتوفى 830 في أسنى المطالب
-وأبوالعباس القسطلاني المتوفى 923 في المواهب اللدنية
- والمتقي الهندي المتوفى 975 في كنز العمال
- والهروي القاري المتوفى 1014 في المرقاة في شرح المشكاة
- وتاج الدين المناوي المتوفى 1031 في كنوز الحقايق في حديث خير الخلايق .
- وفيض القدير ، والشيخاني القادري في الصراط السوي في مناقب آل النبي
- وباكثير المكي المتوفى 1047 في وسيلة الآمال في مناقب الآل
- وابوعبدالله الزرقاني المالكي المتوفى 1122 في شرح المواهب
- وابن حمزة الدمشقي الحنفي في كتاب البيان والتعريف ، وغيرهم ./ الغدير ج1 .
فهل صمت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن المطالبة بحقه الذي يثبته حديث الغدير ؟
الذي يراجع كتب الحديث والسيرة ـ في خصوص هذا الشأن ـ يجد كثيراً من احتجاجاته ومناشداته ـ عليه السلام ـ في الخلافة ، وكذلك من يراجع نهج البلاغة يجد كثيراً من الخُطب والكلمات التي تكشف عن مدى تأثره ـ عليه السلام ـ ، ويجد تلك النفس التي ملؤها الحسرة والتأسف كل ذلك بسبب ما حصل من القوم في حقه .
فقد روى كثير من المحدّثين أنّه عقيب يوم السّقيفة تألّم وتظلّم ، واستنجد واستصرخ ، حيث ساموه الحضور والبيعة ، وأنّه قال وهو يشير إلى القبر :
( يابن أُمَّ إن القوم استضعفوني وكادُوا يقتُلُونني )
/ سورة الاعراف : الاية 150.
وأنه قال : واجعفراه !
ولا جعفر لي اليوم !
واحمزتاه ولا حمزةَ لي اليوم !
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11 ص111.
وفيما يلي نذكر بعض خطبه واحتجاجاته في الخلافة ، و بعض النصوص التي تكشف عن موقفه تجاههم :
1 ـ روي أن علياً ـ عليه السلام ـ أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول :
أنا عبد الله ، وأخو رسوله ، فقيل له بايع أبا بكر.
فقال : أنا أحقُّ بهذا الامر منكم ، لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الامر من الانصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً ؟
ألستم زعمتم للانصار أنكم أولى بهذا الامر منهم لمّا كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الامارة ، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار ، نحن أولى برسول الله حيّاً وميّتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون .
فقال عمر : إنك لست متروكاً حتى تبايع .
فقال له عليّ : احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردد عليك غداً ، ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه . ـ إلى أن قال لهم ـ : الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تُخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، لانّا أهل البيت ، ونحن أحقُّ بهذا الامر منكم ، أما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الامور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله ، فتزدادوا من الحق بُعداً .
>> الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص18 ـ 19 ، السقيفة للجوهري ص60 ـ 61 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 11 ـ 12.
2 ـ لما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجُددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة ، خرج علي ـ عليه السلام ـ فقال : أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم تَرْعَ لنا حقا.
فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة.
>> مروج الذهب للمسعودي ج2 ص307 ، و في نسخة دار الكتاب اللبناني ص 594 .
3 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : واعجبا أن تكون الخلافةُ بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة.
قال الشريف الرضي ـ رحمه الله ـ : وقد رويَ له شعر قريب من هذا المعنى وهو :
>> نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص502 من حكمه رقم : 190.
قال بن أبي الحديد في شرح النهج ج18 ص416 : حديثه ـ عليه السلام ـ في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر.
أما النثر فإلى عمر توجيهه ، لان أبا بكر لما قال لعمر : امدد يدك ، قال له عمر : أنت صاحب رسول الله في المواطن كلّها ، شدّتها ورخائها ، فامدد أنت يدك. فقال عليّ ـ عليه السلام ـ : إذا احتججتَ لاستحقاقه الامر بصحبته إيّاه في المواطن كلّها ، فهلا سلّمت الامر إلى من قد شركه في ذلك ، وزاد عليه بالقرابة !!.
وأما النظم فموجّه إلى أبي بكر ؛ لان أبا بكر حاج الانصار في السقيفة. فقال : نحن عترة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، وبيضته التي تفقّأت عنه ، فلما بويع احتجّ على الناس بالبيعة ، وأنها صدرت عن أهل الحلّ والعقْد. فقال علي ـ عليه السلام ـ : أما احتجاجك على الانصار بأنك من بيضة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ومن قومه ، فغيرك أقرب نسبا منك إليه.وأما احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك ، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت !.
4 ـ قوله ـ عليه السلام : اللهم إني أستعديك على قريش ومن أَعانهم ، فإنهم قد قطعوا رحمي ، وأَكفئوُا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، وقالوا : ألا إنَّ في الحق أَن تأخذَه وفي الحق أن تُمنَعَهُ ، فاصبر مغمُوما ، أومُت مُتأسفا. فنظرتُ فإذا ليس لي رَافِدٌ ، ولا دابُّ ولا مُساعِدٌ ، إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنيَّةِ ، فأَغضيتُ على القذى ، وجرعْتُ ريقي على الشَّجا ، وصبرت من كظم الغيظ على أمَرَّ من العلقمِ ، وآلم للقلب من وخز الشفار .
>> نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص336 من كلام له رقم : 217 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11 ص109
5 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : أما بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمدا ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نذيرا للعالمين ، ومهيمنا على المُرسلين ، فلما مضى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ تنازع المسلمون الامر من بعدهِ ، فو الله ما كان يُلقى في روعي ، ولا يخطرُ ببالي أن العرب تُزعجُ هذا الامرَ من بعده ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ عن أهل بيته ، ولا أنّهمُ مُنحُّوه عنّي من بعده ، فما راعني إلاّ انثيالُ الناس على فُلان يُبايعُونَهُ ، فأمسكتُ بيدي حتى رأيتُ راجعة النَّاس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فخشيت إن لم أَنْصُر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما ، تكون المُصيبةُ به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاعُ أيَّام قلائِل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أو كما يتقشع السَّحاب ، فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأنَّ الدين وتنهنه .
>> نهج البلاغة للامام علي ص451 كتاب رقم : 62 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج17 ص151
>> الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص133 بتفاوت .
6 ـ قال ـ عليه السلام ـ في خطبته الشقشقية :
أما والله لقد تقمَّصها فلان ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إليَّ الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذاءَ أو أصبر على طخيّة عمياء يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبا ، حتى مضى الاول لسبيله ، فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعدَهُ
ثم تمثل بقول الاعشى :
شتان ما يومي على كُورِها * ويومُ حيَّانَ أَخي جابــر
فيا عجبا ! بينا هو يستقيلها في حياته ، إذ عقدها لاخر بعد وفاته ، لشدَّما تشطرَا ضرعيها ! فصيرها في حوزةٍ خشناءَ يغلُظُ كلمُها ، ويخشن مسُّها ، ويكثر العثار فيها والاعتذارُ منها ، فصاحبُها كراكب الصعبة ، إن أشنق لها خرم ، وإن أسْلسَ لها تقحَّمَ ، فمُنِي الناس لعمْرُ الله بخبطٍ وشِماسٍ ، وتلوُّنٍ واعتراض ، فصَبَرْتُ على طولِ المُدَّة ، وشدّة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعةٍ زعم أنِّي أحدُهم ، فيا لله وللشورى متى اعترض الرَّيْبُ فيَّ مع الاوَّل مِنهم ، حتى صِرتُ أُقْرَنُ إلى هذه النظائر ! لكني أسْفَفتُ إذ أسَفُّوا ، وَطِرتُ إذْ طارُوا ، فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال الاخر لصهره ، مع هَنٍ وهنٍ إلى أنْ قام ثالِثُ القوم نافجاً حضنيه ، بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمةَ الابل نبتة الربيع إلى أن انتكث عليه فَتلُهُ ، وأجهزَ عليه عَمَلهُ ، وكبت به بطْنَتُهُ !.... الخ الخطبة ...
>> نهج البلاغة للامام علي عليه السلام ص48 وهي الخطبة الثالثة ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
>> تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص124 و في نسخة مؤسسة أهل البيت (ع) ص 117
>> الاحتجاج ج1 ص191 و في نسخة دار انتشارات اسوة ج1 ص 451 ، الارشاد للمفيد ص167 ، معاني الاخبار للصدوق ج2 ص343 ، مصادر نهج البلاغة للسيد عبد الزهراء الخطيب ج2 ص20 ـ 31 ، مدارك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص237 ، الغدير للعلامة الاميني ج7 ص82 ـ 85 ، فإنه ذكر 28 مصدرا ، المعيار والموازنة لابي جعفر الاسكافي ، والجدير بالذكر ان سنة وفاته 240 هـ ، وهو معتزلي وهذا يعني ان الخطبة الشقشقية كانت معروفة قبل وفاة الشريف الرضي بأكثر من قرن ونصف من الزمان..
7 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ يقول : وقد قال قائلٌ : إنك على هذا الامر يا بن أبي طالب لحريصٌ ، فقلت : بل أنتم والله لاحرصُ وأَبعد ، وأنا أخصُّ وأقربُ ، وإنَّما طلبتُ حقا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينهُ ، وتضربون وجهِي دُونَهُ ، فلما قرّعتُهُ بالحُجةِ في الملأ الحاضرين هَبَّ كأنهُ بُهتَ لا يدري ما يُجِيبني به ؟
اللهم إني أستعَديك على قُريش ومن أعانهُم ! فإنهُم قطعوا رحمي ، وصغَّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذهُ وفي الحق أن تتركه... الخ الخطبة .
>> نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص 246 رقم الخطبة : 172 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص305
>> الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص144 ط مصطفى محمد بمصر وج1 ص134 ط الحلبي ، بتفاوت.
على أن تذمر الامام عليّ ـ عليه السلام ـ من قريش لا يخفى على كل باحث إذ أعرب بصراحة في مواقف عديدة عن عداء قريش لال محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وكذلك أخبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بذلك وقد روته كتب السنّة أجمع ، فكان صرف الخلافة عنه لازما بموجب هذا العداء ، وأما تذرع من يتذرع بصغر سن الامام وخوف الفتنة فما هو إلا كتمسك الغريق بقشة ، راجع : كتاب الغدير والمعارضون للسيد جعفر مرتضى العاملي لتقف على عشرات النصوص المصرحة بهذا العداء بعهد النبي الاكرم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والمنقولة من كتب السنة.
8 ـ سأله بعض أصحابه : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ؟
فقال ـ عليه السلام ـ : يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ، تُرسِلُ في غير سدد ، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة ، وقد استعلمت فاعلم : أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن الاعلون نسبا ، والاشدون برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نوطا ، فإنها كانت أثرةً (1) شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله والمعود إليه يوم القيامة.
ودع عنك نهبا صِيحَ في حَجَرَاتِهِ * ولكِنْ حَديثا ما حديثُ الرَّواحلِ (2)
1-وقد أشار النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلى ذلك بقوله للانصار : ستلقون بعدي أثرة ، والاثرة هي : الاستئثار والاستبداد بالامر. راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد ج9 ص243.
2- نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ من كلام له رقم : 162 ص231 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص241.
9 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ قـال : حتى إذا قبض الله رسوله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، رجع قومٌ على الاعقاب (1) ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج (2) ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب (3) الذي أُمِرُوا بمودته ، ونقلوا البناءَ عن رص (4) أساسه ، فبنوه في غير موضعه ، معادن كل خطيئة ، وأَبواب كل ضارب في غمرة ، قد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة ، على سُنَّةٍ من آل فرعون ، من مُنَقِطعٍ إلى الدنيا راكن ، أو مُفارِقٍ للدين مُبَاين (5).
1 - وهذا الحدث التاريخي قد صرحت به الاية الشريفة ( وما مُحَمّد إلاّ رسول قد خَلت مِنْ قَبله الرّسُل أفائِن مات او قُتِلَ انقلبتُم على أعقابكم ومَنْ ينقَلِب على عَقبيه فلن يَضُرَّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ) سورة آل عمران : الاية 144.
2- الولائج جمع وليجة ، وهي : البطانة يتخذها الانسان لنفسه.
3- قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج9 ص133 ، في شرحه لهذه الخطبة : وهجروا السبب ، يعني أهل البيت أيضا ، وهذه إشارة إلى قول النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : خلّفت فيـكم الثقلين ، كتـاب الله وعترتي أهـل بيتي ، حبـلان ممدودان من السماء إلى الارض ، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض ، فعبّر أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ عن أهل الـبيت ـ علـيهم الـسلام ـ بلفظ ( السبب ) لمّا كان النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قال : (حبلان) ، والسبب في اللغة : الحبل.
4- الرّصّ مصدر رصصت الشيء أرصّه ، أي ألصقت بعضه ببعـض ، ومنـه قولـه تعـالى : ( كأنهم بنيان مرصوص ) سورة الصف : الاية 5.
5- نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص209 رقم الخطبة : 150 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص132.
10 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ قال : أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا (1) ؟ كذبا وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأَعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يُستعطى الهُدى ، ويُستجلى العمى ، إن الائمة من قريش غُرِسُوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلُح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم... الخ (2) .
(1) لا شك أن العقل والشرع يقضيان بالفارق الكبير بين من يقول : أقيلوني ، وبين من يقول : سلوني.
(2) نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص201 خطبة رقم : 144 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص84.
11 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : اللهم فاجز قريشا عني الجوازي فقد قطعت رحمي ، وتظاهرت عليَّ ، ودفعتني عن حقّي ، وسلبتني سلطان ابن أمّي ، وسلّمت ذلك إلى مَنْ ليس مثلي في قرابتي من الرسول ، وسابقتي في الاسلام إلاّ أنْ يدعي مدعٍ ما لا أعرفه ، ولا أظن الله يعرفه ، والحمد لله على كل حال .
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص119 ، ومثله بتفاوت في ج16 ص148 ، ونهج البلاغة ص409 رقم الكتاب : 36.
12 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : إن لنا حقا إن نعطَه نأخذه و إن نمنعه نركب أعجاز الابل و إن طال السُرَى.
13 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : مازلت مظلوما منذ قَبضَ الله رسوله حتى يوم الناس هذا.
14 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : اللهم أخزِ قريشا فإنّها منعتني حقّي ، وغصبتني أمري.
15 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : فجزى قريشا عنِّي الجوازِي ، فإنهم ظلموني حقي ، واغتصبوني سلطان ابن أمّي.
16 ـ قوله ـ عليه السلام ـ وقد سمع صارخا ينادي : أنا مظلوم ، فقال : هلمّ فلنصرُخ معا ، فإني مازلت مظلوما.
17 ـ قوله عليه السلام : اللهم إني استعديك على قريش فإنّهم ظلموني حقي وغصبوني إرثي.
18 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : مازلت مستأثرا عليّ ، مدفوعا عمّا أستحقه وأستوجبه.
19 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : لقد ظلمت (1) عدد الحجر والمدر (2) .
(1)جاء في شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج 4 ص 106 عن المسيّب بن نجبة قال : بينا عليّ ـ عليه السلام ـ يخطب إذ قام أعرابيّ ، فصاح وامظلمتاه ! فاستدناه عليّ ـ عليه السلام ـ ، فلما دنا ، قال له : إنما لك مظلمة واحدة ، وأنا قد ظُلمت عدد المدَر والوبر ، قال : وفي رواية عباد بن يعقوب ، أنّه دعاه ، فقال له : ويحك ! وأنا والله مظلوم أيضاً ، هاتِ فلنَدْعُ على مَنْ ظلمنا.
(2) راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص306 ـ 307 وج10 ص286.
20 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ بعد البيعة له قال : لا يقاس بآل محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من هذه الامة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصيّة والوراثة ، الان إذ رجع الحق إلى أهله (1) ، ونقل إلى منتقله (2).
(1) قوله ـ عليه السلام ـ : الان إذ رجع الحق الى أهله : صريح كل الصراحة ولا يحتاج إلى تأويل أو تفسير ، ولازمه : أن الخلافة لم تكن عند أهلها وفي موضعها وقد فهم ابن أبي الحديد هذا المعنى ، ولكن حاول ان يؤوّله كما هي عادته في كل نص صريح لا يقبل التأويل والتفسير.
(2) نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص 47 من الخطبة الثانية ، شرح نهج البـلاغة لابـن أبي الحديد ج1 ص138 ـ 139.
21 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : فنظرت فإذا ليس لي مُعين إلاّ أَهلُ بيتي فَضَنِنْتُ بهم عن الموت ، وأغضيتُ على القذى ، وشربتُ على الشجى ، وصبرتُ على أخذِ الكظم وعليَّ أَمَرَّ مِن طعمِ العلقَمِ
>> نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص68 رقم الخطبة : 26 ،
>> الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 134 بتفاوت ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص20.
22 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : اللهم إني أستعديكَ على قريش ، فإنهم أضمَرُوا لرسولك ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ضروبا من الشر والغدر ، فعجزوا عنها ، وحُلتَ بينهم وبينها ، فكانت الوجبةُ بي والدائرة عليَّ ، اللهم احفظ حسنا و حسينا ، ولا تُمَكن فجرةَ قريشٍ منهما ما دمتُ حيّا ، فإذا توفيَّتني فأنت الرَّقيبُ عليهم ، و أنت على كل شيء شهيد .
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج20 ص298 ، من حكمه المنسوبة اليه ـ عليه السلام ـ رقم : 413.
23 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : أما والذي فلق الحبَّةَ ، وبرَأَ النسَمَة ، إنه لعَهدُ النبيِّ الاُمي إليَّ أنَّ الامّة ستغدِرُ بك من بعدي .
>> شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج20 ص326 ، من حكمه المنسوبة اليه ـ عليه السلام ـ رقم : 734 ، وجاء في شرح النهج ايضاً ج 6 ص 45 : عن حبيب بن ثعلبة بن يزيد ، قال : سمعت علياً يقول : أما وربّ السماء والارض ، ثلاثاً ، إنه لعهد النبيّ الامي إليّ لتغدرَنّ بك الامة من بعدي و نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج 4 ص 107 .
24 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : قالَ لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : إن اجتمعوا عليكَ فاصنع ما أمرتُك ، وإلاّ فألصق كلكلك بالارض ، فلما تفرقوا عنّي جررتُ على المكرُوهِ ذيلي ، وأغضيتُ على القذى جفني ، وألصقت بالارض كلكلي .
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج20 ص326 ، من حكمه المنسوبة اليه ـ عليه السلام ـ رقم : 736.
25 ـ عن أنس بن مالك ، قال : كنا مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، وعلي بن أبي طالب معنا ، فمررنا بحديقة ، فقال عليّ : يا رسول الله ، ألا تَرَى ما أحسن هذه الحديقة !.
فقال : إن حديقتك في الجنّة أحسن منها ، حتى مررْنا بسبع حدائق ، يقول عليّ ما قال : ويجيبه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بما أجابه ، ثم إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وقف ، فوقفنا ، فوضع رأسه على رأس عليّ وبكى.
فقال علي ـ عليه السلام ـ : ما يبكيك يا رسول الله ؟
قال : ضغائن في صدور قوم لا يُبدُونها لك حتى يفقدوني.
فقال : يا رسول الله ، أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم.
قال : بل تصبر.
قال : فإن صبرت ؟
قال : تلاقي جهدا.
قال : أفي سلامةٍ من ديني ؟
قال : نعم.
قال : فإذن لا أبالي .
>> شرح نهج البلاغة ج4 ص107 ـ 108.
26 ـ ومن احتجاجاته الشديدة قوله ـ عليه السلام ـ : لو وجدت أربعين ذوِي عزم منهم لناهضت القوم .
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص47 ، سفينة البحار للقمي ج1 ص503 و 504.
27 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : لمّا عزموا على بيعة عثمان : لقد علمتم أني أحقّ الناس بها من غيري ، و والله لاُسْلِمَنَّ ما سلمت أَمُور المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلاّ عليَّ خاصَّة ، التماساً لاجرِ ذلك و فضله ، و َزُهْداً فيمَا تنافسْتُمُوهُ مِنْ زُخرُفِهِ و َزبرجه .
>> نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص102 رقم الخطبة : 74 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6 ص166.
28 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : فإنه لما قَبضَ الله نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، قلنا : نحن أهله وورثته وعترته ، وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعُنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقّنا طامع ، إذ انبرى لنا قومُنا فغصبونا سلطان نبيّنا ، فصارت الامرة لغيرنا وصرنا سوقة ، يطمع فينا الضعيف ، ويتعزّز علينا الذليل ، فبكتِ الاعين مِنّا لذلك ، وخشِيت الصدور ، وجزعت النفوس ، وأيمُ الله لو لا مخافة الفُرْقة بين المسلمين ، وأن يعودَ الكفر ، ويبور الدين ، لكنّا على غيرما كنّا لهم عليه... الخ
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص307.
29 ـ قوله ـ عليه السلام ـ في خطبته عند مسيره للبصرة :
إنّ الله لما قبض نبيّه ، استأثرتْ علينا قريش بالامر ، ودفعتْنَا عن حقٍ نحن أحقُّ به من الناس كافّة ، فرأيت أنّ الصّبر على ذلك أفضلُ من تفريق كلمة المسلمين ، وسَفْكِ دمائهم ، والناس حديثُوا عهد بالاسلام ، والدين يُمخَضُ مَخْضَ الوطْب ، يُفسِدُه أدْنى وَهن ، ويعكسه أقلّ خُلف ، فولي الامرَ قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادا ، ثم انتقلوا إلى دار الجزاء ، والله وليُّ تمحيص سيئاتهم ، والعفو عن هفواتهم... الخ .
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص308.
30 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : لا يُعابُ المرءُ بتأخير حقه ، إنما يُعابُ من أخذَ ما ليس لهُ ..
>> نهج البلاغة للامام عليّ ـ عليه السلام ـ ص500 من حكمه رقم : 166.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج18 ص390 في شرحه لهذه الكلمة : لعل هذه الكلمة قالها في جواب سائل سأله : لم أخّرت المطالبة بحقك من الامامة ، ولا بد من إضمار شيء في الكلام على قولنا وقول الامامية لانّا نحن نقول : الامر حقّه بالافضلية ، وهم يقولون : إنه حقّه بالنصّ وعلى كلا التقديرين فلا بد من إضمار شيء في الكلام لان لقائل أن يقول له ـ عليه السلام ـ : لو كان حقك من غير أن يكون للمكلفين فيه نصيب لجاز ذلك أن يؤخر كالدين الّذي يستحقّ على زيد يجوز لك أن تؤخره لانه خالصٌ لك وحدك ، فأما إذا كان للمكلفين فيه حاجةٌ ماسّة لم يكن حقك وحدك لان مصالح المكلفين منوطة بإمامتك دون إمامة غيرك ، فكيف يجوز لك تأخير ما فيه مصلحة المكلفين ؟ فإذن لا بد من إضمار شيء في الكلام ، وتقديره لا يعاب المرء بتأخير حقه إذا كان هناك مانع عن طلبه ويستقيم المعنى حينئذٍ على المذهبين....
31 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : كنتُ في أيَّام رَسُولِ الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كجزء من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يَنظُرُ إليَّ كما يُنظرُ إلى الكواكبِ في أفق السماء ، ثم غضَّ الدهرُ مني ، فقرنَ بي فلانُ وفلانٌ ، ثم قُرنتُ بخمسةٍ أمثلهُم عثمانُ ، فقلت : واذَ فَراه ! ثُمَّ لم يرضَ الدهرُ لي بذلك ، حتى أرذلني ، فجعلني نظيرا لابن هندٍ وابن النابغة ! لقد استنت الفصالُ حتى القَرْعى
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج20 ص326 ، من حكمه المنسوبة إليه ـ عليه السلام ـ رقم : 733.
32 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : كل حقدٍ حقدتهُ قريشٌ على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أظهرتهُ فيَّ وستُظهِرهُ في ولدي من بعدي ، مالي ولقريش ! إنما وترتُهُم بأمر الله وأمر رسولهِ ، أفهذا جزاءُ مَنْ أطاعَ الله ورسُولَهُ إن كانوا مُسلمِينَ ..
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج20 ص328 ، من حكمه المنسوبة اليه ـ عليه السلام ـ رقم : 764..
33 ـ قال له قائل : يا أمير المؤمنين ، أرأيت لو كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحُلم ، وآنس منه الرشد ، أكانت العربُ تسلّمُ إليه أمرها ؟
قال : لا ، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلتُ ، إنّ العرب كرهَت أمر محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وحسدتهُ على ما آتاه الله من فضله ، واستطالت أيّامَهُ حتى قذفَت زوجته ، ونفَّرَت به ناقته ، مع عظيم إحسانه إليها ، وجسيم مننه عندها وأجمعت مذ كان حيّاً على صرفِ الامر عن أهل بيته بعد موته... إلى آخر كلامه ـ عليه السلام ـ
>> شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 298 رقم : 414.
34 ـ قال محمد بن حرب : لما توفي النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وجرى في السقيفة ماجرى تمثّل عليّ ـ عليه السلام ـ :
وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا * ويطغون لما غال زيداً غوائله
>> السقيفة للجوهري ص62
>> شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج6 ص14.
35 ـ قال عاصم بن قتادة : لقي عليّ ـ عليه السلام ـ عمر ، فقال له عليّ : أُنشدك الله هل استخلفك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ؟
قال : لا.
قال : فكيف تصنع أنت وصاحبك ؟!!
قال : أما صاحبي فقد مضى لسبيله ، وأما أنا فسأخلعها من عنقي إلى عنقك.
فقال : جذع الله أنف من ينقذك منها ! لا ولكن جعلني الله علماً فإذا قمتُ فمن خالفني ضَلّ ..
>> شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج2 ص58..
36 ـ عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الاصوات بينهم فسمعت علياً ـ عليه السلام ـ يقول :
بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالامر منه وأحقُّ به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالامر منه وأحقُّ به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان ؟!! ! إذاً لا أسمع ولا أطيع وإنّ عمر جعلني من خمسة نفرٍ أنا سادسهم لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي كلّنا فيه شرع سواء وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم ثمّ لا يستطيع عربيّهم ولا عجميهم ولا معاهدٌ منهم ولا المشرك ردّ خصلة منها لفعلت
>> فرائد السمطين ج1 ص320 ح251.
إلى غير ذلك من احتجاجاته ـ عليه السلام ـ في شأن الخلافة ، وناهيك عن احتجاجاته ومناشداته بحديث الغدير في مواطن كثيرة منها في مسجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بعد وفاته ، ويوم الشورى ، وأيام عثمان ، ويوم الرحبة ، ويوم الجمل ، وفي الكوفة ، ويوم صفين ، ومواطن أخرى / راجع في ذلك : الغدير للاميني ج1 ص159.
وبعد كل هذه الشواهد والبراهين التي مرت عليك نستكشف أن مسألة الاحتجاج والمناظرة في أحقية أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وإثبات ذلك بالنصوص الشرعية وغيرها تعود إلى الصدر الاول من الاسلام ، و هكذا استمرت عبر العصور المختلفة و إلى يومنا هذا .
(( عزيزي القارئ : لا نعني بهذه الإثباتات التنازع ، بل معرفة الأحقية لمن ؟ وما الأدلة على ذلك ؟))