|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,399
|
بمعدل : 0.40 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
تحديثات رمضانية: الفائدة الجماعية للصيام
بتاريخ : 08-03-2025 الساعة : 11:57 AM

الأخلاق الحسنة في شهر رمضان تمثل انعكاساً للتربية والتهذيب الذاتي للنفس خلال هذه الأيام المباركة، لأن الله –تعالى- لا يحتاج الصيام والقيام والاعمال العبادية، مهما كثرت، فهو {غنيٌ عن العالمين}، إنما يريدها للإنسان نفسه ليكون عضواً تفاعلياً مع اخوانه المؤمنين بالشكل الإيجابي البناء... "يا أيها الناس؛ من حسّن منكم في هذا الشهر خُلقه كان له جواز الصراط يوم تزل فيه الأقدام".
رسول الله في خطبته لاستقبال شهر رمضان المبارك
عندما كنا صغاراً نعيش أجواء شهر رمضان المبارك، شاهدت أحد المؤمنين من أبناء المنطقة قد وضع طبقاً عليه تمر والى جانبه أقداح اللبن قبل حلول موعد الإفطار عند باب المسجد القريب من دارنا في كربلاء المقدسة، وتحديداً في شارع العباس، جامع العباس المجاور لمبنى البلدية، فأي شخص يريد الدخول الى المسجد لأداء فريضة المغرب سيجد إفطاره جاهزاً.
إنه قبسٌ من ضياء خطبة الرسول الأكرم لشهر رمضان، يحثّ فيها الناس على التقارب والتودّد على مائدة الإفطار تمهيداً للدخول جميعاً الى المائدة الرحمانية، فقد سأل أحدهم رسول الله، وهو يتلو الخطبة داعياً المسلمين بأن "من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه": يا رسول الله! وليس كلنا يقدر على ذلك، فقال: "اتقوا الله بشقّ تمرة، اتقوا النار ولو بشربة ماء".
ولله الحمد؛ معظمنا اليوم يمتلك اكثر من شقّ تمرة، و اكثر من قدح ماء ليسهم في إفطار اخوانه الصائمين، وتحديداً العوائل الفقيرة، وأكثر من هذا؛ السعي لقضاء حوائجهم المادية والمعنوية لتكون هذه المبادرات عامل مساعد لتليين القلب وتجديد النظر إزاء العلاقة بالمحيطين بمزيد من البسمة، والتفاؤل، والأمل برحمة الله –تعالى- لأن تحسين الخُلق وفق وصية نبينا الأكرم، تحتاج الى عوامل تنمية للخصال الحسنة، وهو ما أكد عليه علماء الأخلاق بضرورة السعي لتحصيل ملكات أخلاقية تجعل صاحبها متواضعاً، وكريماً، وصبوراً، ومحسناً، الى آخر القائمة، بشكل تلقائي دون الحاجة الى أوامر للنفس لأن تعطي أو تعفو، ولعل هذا جعل سياق خطبة الرسول يقدّم إفطار الصائمين على الدعوة الى تحسين الأخلاق الاجتماعية.
ليس هذا فقط، إنما المشترك الثاني والأهم بين الأخلاق والإفطار؛ الفوز برضوان الله –تعالى- يوم القيامة، بالجواز على الصراط، و اتقاء نار جهنم، بما يدعونا الى إعادة الحسابات في سلوكنا وطريقة تعاملنا مع المحيطين بنا، بدءاً من افراد الأسرة، ثم الأصدقاء، وحتى عامة الناس، فان سوء الخلق ربما يتجلّى بشكل لا إرادي في حدّة الكلام والغضب لأسباب تافهة مع افراد الأسرة، أو في اجتيازك المفاجئ لسيارة أخرى في الشارع، او التدخين في الأماكن العامة، او عدم المبادرة بالسلام والتحية، او ترك السيارة امام باب دار جارك، فهذه وأمثالها من شأنها ان تسوق صاحبها الى النار؛ ليس في هذا الحياة الدنيا الجميلة في ظاهرها، وإنما يتم تثبيته في هذه القائمة، وفي اللحظة المفاجئة بحضور الأجل يجد الانسان أن صيامه وقيامه تبخر في لحظة، إلا من يتوفق لمزيد من الاعمال الحسنة في قادم الأيام من حياته، ومن منّا يضمن بقاءه يوماً، بل وساعة أو لحظة في هذه الحياة الفانية؟
إن الأخلاق الحسنة في شهر رمضان تمثل انعكاساً للتربية والتهذيب الذاتي للنفس خلال هذه الأيام المباركة، لأن الله –تعالى- لا يحتاج الصيام والقيام والاعمال العبادية، مهما كثرت، فهو {غنيٌ عن العالمين}، إنما يريدها للإنسان نفسه ليكون عضواً تفاعلياً مع اخوانه المؤمنين بالشكل الإيجابي البناء، لنكون بعيدين عن الرهبنة التي نهى عنها رسول الله، وعن أصحاب العبادة المتشرنقة –إن جاز التعبير- ولذا نقرأ عن الامام الباقر، عليه السلام، من صفات المؤمن أنه "من سَلِم المسلمون من لسانه ويده".
فعندما نكون على درجة من الأخلاق الحسنة، نكون قد رسمنا صورة رائعة وحيّة للصيام بين افراد الأسرة، والأصدقاء، وعامة الناس، وهذه الأجواء الودّية الجميلة هي التي تجعلنا نتحسّر على سرعة انقضاء الشهر الكريم، كمن يودع عزيزاً عليه لسفر بعيد.
شبكة النبا المعلوماتية
|
|
|
|
|