بسم الله الرحمن الحيم
ترجمة عبد الله بن ذكوان (ابو الزناد أخو ابو لؤلؤة الفارسي الجوسي)
199 - أبو الزناد * (ع) عبد الله بن ذكوان الامام الفقيه الحافظ المفتي، أبو عبد الرحمن القرشي المدني، ويلقب بأبي الزناد، وأبوه مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة زوجة الخليفة عثمان، وقيل: مولى عائشة بنت عثمان بن عفان، وقيل: مولى آل عثمان،
وقيل: إن ذكوان كان
وقيل: إن ذكوان كان أخا أبي لؤلؤة قاتل عمر.
قاله أبو داود السجزي، عن أحمد بن صالح.
قلت: مولده في نحو سنة خمس وستين في حياة ابن عباس.
وحدث عن أنس بن مالك، وأبي أمامة بن سهل، وأبان بن عثمان، وعروة، وابن المسيب، وخارجة بن زيد، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وعبيد ابن حنين، وعلي بن الحسين، وأبي سلمة بن عبدالرحمن، والقاسم بن محمد، وعبد الرحمن الاعرج، وهو مكثر عنه، ثبت فيه، وعائشة بنت سعد، ومرقع بن صيفي، ومجالد بن عوف، ومحمد بن حمزة بن عمرو الاسلمي، والشعبي وسليمان بن عبدالرحمن وعدة.
وشهد مع عبد الله بن جعفر الهاشمي جنازة، وأرسل عن ابن عمر، وكان من علماء الاسلام، ومن أئمة الاجتهاد.
حدث عنه ابنه عبدالرحمن، وموسى بن عقبة، وابن أبي مليكة مع
تقدمه، وصالح بن كيسان، وهشام بن عروة، وعبد الوهاب بن بخت، ومحمد ابن عبد الله بن حسن، وعبيدالله بن عمر، وابن عجلان، وابن إسحاق، ومالك والليث، وورقاء بن عمر، وسفيان الثوري، وزائدة، وشعيب بن أبي حمزة، والمغيرة بن عبدالرحمن الحزامي، وسعيد بن أبي هلال، وسفيان بن عيينة، وخلق سواهم.
وثقه أحمد وابن معين.
قال حرب بن إسماعيل، عن أحمد بن حنبل، قال: كان سفيان يسمي أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث.
قال أحمد: هو فوق
العلاء بن عبدالرحمن، وفوق سهيل، ومحمد بن عمرو.
وقال أبو زرعة الدمشقي: أخبرني أحمد بن حنبل، أن أبا الزناد أعلم من ربيعة.
وروى أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يحيى بن معين قال: ثقة حجة.
وقال علي بن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد الانصاري، وأبي الزناد، وبكير الاشج.
قال خليفة بن خياط: أبو الزناد لقي ابن عمر، وأنس بن مالك.
وقال العجلي: تابعي ثقة، سمع من أنس.
وقال أبو حاتم: ثقة فقيه صالح الحديث، صاحب سنة، وهو ممن تقوم به الحجة إذا روى عنه الثقات.
قال البخاري: أصح الاسانيد كلها: مالك، عن نافع، عن ابن عمر وأصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
قال الليث عن عبد ربه بن سعيد: دخل أبو الزناد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه من الاتباع يعني: طلبة العلم مثل ما مع السلطان، فمن سائل عن فريضة، ومن
سائل عن الحساب، ومن سائل عن الشعر، ومن سائل عن الحديث، ومن سائل عن معضلة.
وروى يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد قال: رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاث مئة تابع من طالب فقه وشعر وصنوف، ثم لم يلبث أن بقي وحده، وأقبلوا على ربيعة، وكان ربيعة يقول: شبر من حظوة خير من باع من علم.
ونقل أبو يوسف، عن أبي حنيفة قال: قدمت المدينة، فأتيت أبا الزناد، ورأيت ربيعة فإذا الناس على ربيعة، وأبو الزناد أفقه الرجلين، فقلت له: أنت
أفقه أهل بلدك، والعمل على ربيعة ؟ فقال: ويحك كف من حظ خير من جراب من علم.
وقال أحمد بن أبي خيثمة، عن مصعب بن عبد الله، قال: كان أبو الزناد فقيه أهل المدينة، وكان صاحب كتاب وحساب، وكان كاتبا لخالد بن عبدالملك بن الحارث بن الحكم بالمدينة، وكان كاتبا لعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وفد على هشام بن عبدالملك بحساب ديوان المدينة، فجالس هشاما مع ابن شهاب، فسأل هشام ابن شهاب: في أي شهر كان عثمان يخرج العطاء لاهل المدينة ؟ قال: لاأدري، قال أبو الزناد: كنا نرى أن ابن شهاب لا يسأل عن شئ إلا وجد علمه عنده.
فسألني هشام فقلت: في المحرم، فقال هشام لابن شهاب: يا أبا بكر هذا علم أفدته اليوم.
فقال: مجلس أمير المؤمنين أهل أن يفاد فيه العلم، قال: وكان أبو الزناد معاديا لربيعة الرأي، وكانا فقيهي البلد في زمانهما.
وكان الماجشون يعقوب ابن أبي سلمة يعين ربيعة على أبي الزناد.
وكان الماجشون أول من علم الغناء من أهل المروءة بالمدينة.
قال أبو الزناد: مثلي ومثل ذئب، كان يلح على أهل قرية، فيأكل
صبيانهم ودواجنهم، فاجتمعوا له، فخرجوا في طلبه، فهرب منهم، فتقطعوا عنه إلا صاحب فخار، فألح عليه، فوقف له الذئب، وقال: هؤلاء عذرتهم، أرأيتك أنت مالي ولك ؟ ! والله ما كسرت لك فخارة قط.
ثم قال: مالي وللماجشون والله ما كسرت له كبرا ولا بربطا (1).
روى الاصمعي عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كان الفقهاء بالمدينة يأتون عمر بن عبد العزيز، خلا سعيد بن المسيب، فإن عمر بن عبد
العزيز كان يرضى أن يكون بينهما رسول، وأنا كنت الرسول بينهما.
وقال سليمان بن أبي شيخ: ولى عمر بن عبد العزيز أبا الزناد بيت مال الكوفة.
قال محمد بن سلام الجمحي: قيل لابي الزناد: لم تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا ؟ فقال: إنها وإن أدنتني منها، فقد صانتني عنها.
قال محمد بن سعد: كان أبو الزناد ثقة كثير الحديث، فصيحا بصيرا بالعربية، عالما عاقلا.
قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: هو كان سبب جلد ربيعة الرأي، ثم ولي بعد ذلك المدينة فلان التيمي، فأرسل إلى أبي الزناد، فطين عليه بيتا، فشفع فيه ربيعة.
قلت: تؤول الشحناء بين القرناء إلى أعظم من هذا.
ولما رأى ربيعة أن أبا الزناد يهلك بسببه ما وسعه السكوت، فأخرجوا أبا الزناد، وقد عاين الموت وذبل، ومالت عنقه.
نسأل الله السلامة.
سير أعلام النبلاء ج 10 ص 49 ،
المصدر من المكتبة الشامله السنية :
الكتاب : سير أعلام النبلاء
المؤلف : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي
المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط
الناشر : مؤسسة الرسالة .