الشبهة: لو كان الصحابة غير مؤهلين لصحبة رسول الله صلى الله عليه وآله، فلماذا اختارهم ليكونوا أقرب الناس نسبا ونسبة؟
والجواب على هذا السؤال على قسمين. جواب حلي وجواب نقضي.
الجواب الحلي:
اولا: من قال اصلا ان الصحابة غير مؤهلين؟ نحن نقول ليس كل الصحابة مؤهلين. بل بعضهم، أمثال ام سلمة عليها السلام والسيدة خديجة وسلمان الفارسي وجابر الأنصاري ومالك الاشتر وحجر بن عدي وعمار بن ياسر وابو ذر وابو سعيد الخدري وغيرهم الكثير. مشكلتنا ان المخالف لا يفقه ما نقول. المخالف يظن ان الصحبة والصحابة محصورة فقط في ابو بكر وعمر وعثمان. اذا ذكرت سلبيات أحدهم من كتب المسلمين فأنت طعنت في ((كل)) الصحابة. عجيب هذا الفكر. بل روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله اثني عشر ألفا ثمانية آلاف من المدينة ، و ألفان من مكة ، وألفان من الطلقاء ، ولم ير فيهم قدري ولا مرجي ولا حروري ولا معتزلي ، ولا صحاب رأي ، كانوا يبكون الليل والنهار ويقولون : اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير .(1) فهذه عقيدة أهل البيت عليهم السلام في بعض الصحابة. وكل من يراجع تراجم الصحابة يرى علماء الشيعة يثنون عليهم اجل الثناء بل بعضهم أمثال المحدث النوري يرى بعض الصحابة من اوتداد الأرض! بل في الروايات أمير المؤمنين عليه السلام أقام مجلس عزاء ثلاثة أيام، عندما وصله خبر إستشهاد مالك الاشتر عليه السلام.
ثانيا: ما المانع ان يختار النبي صلى الله عليه وآله امرأة صالحة كزوجة ثم انحرفت عن الطريق لاحقا؟ فهذا النبي لوط والنبي نوح عليهم السلام كانت أقرب الناس إليهم كفرة. اذا كان ممتنع على الأنبياء، لمذا ضرب الله أزواجهم مثلا لنا وحذرنا؟
ثم على فرض ان النبي يختار من يريد، فهاهو البخاري يروي ان النبي صلى الله عليه وآله تزوج ابنة الجون وطلقها! فلا يعني إنها مؤهلة. بل العكس.
اما الجواب النقضي:
ندكر لكم بعض الآيات التي ذمت أصحاب الأنبياء ونسأل أيضا نفس السؤال المطروح:
النبي نوح عليه السلام دعى على أصحابه :
{ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا }
[ سورة نوح : 26 ]
{ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا }
[ سورة نوح : 27 ]
النبي موسى عليه السلام كذلك:
{ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي – فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }
[ سورة المائدة : 25 ]
{ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ › أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }
[ سورة المائدة : 26 ]
أنبياء بني إسرائيل دعوا على اصحابهم:
{ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى° لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ }
[ سورة المائدة : 78 ]
فهل نقول: اما لأنبياء عليهم السلام لم يحسنوا الاختيار او نقول ان اقواهم منهم مؤمن ومنهم كافر؟
الآية واضحة، ان بعد ما يقتلون نبيهم او يرجع إلى ربه، فيقتتلون بينهم ومنهم يكفر.
بل عندما يذهب نبيهم، لم يبقى بعده قومه على الحق سوى ثلة قليلة جدا:
{ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ — وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ }
[ سورة هود : 116 ]
بل النبي صل الله عليه وآله لا دخل له بافعالهم اذا نافقوا او سرقوا او فعلوا ما فعلوا:
{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ }
[ سورة الغاشية : 21 ]
كل الأنبياء اصحابهم فيهم الصالح والطالح الا نبينا، كلهم عدول؟! عجيب غريب.
ثم ان السيدة آمنة والسيد عبد الله عليهم السلام (أم النبي وابوه) عند المخالف من المشركين والكفار -والعياذ بالله-، لماذا اختارهم الله ليكونوا ابوين للنبي؟ هل سببه الله ام البشر هو من أشرك؟
المشكلة العظيمة والطامة الكبرى ان المخالف لا يفقه ما نقول. نقول له ليس كلهم عدول بل منهم منافقين، منهم ارتدوا كما أجمعت عليه المصادر، يخرج ويقول الشيعة تقول ((كل)) الصحابة!! يا اخي افهم ما نكتب ونتكلم به! فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
__________
(1) الخصال ص 639-640
التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان ; 31-08-2019 الساعة 03:40 AM.