نبذة عن الكتاب:
ببين يدينا كتاب لم يكتشف بعد، ولم يأخذ حقه من التعريف والدراسة بالرغم من الجهد العلمي الضخم الذي أثمر هذه الدراسة التي تتسم بالثراء والاستيعاب والإبداع والجمال في المضمون والعرض.
في الشكل:
التزم المؤلف – وهو من درّس فنون الكتابة وأبدع فيها – بأصول البحث العلمي وضوابطه العلمية والفنية إلى أبعد الحدود!
- قسّم الكتاب إلى مقدمة وخمسة فصول وخاتمة.
- تناول في المقدمة أهمية الموضوع ومحوريته على المستوى الفردي والاجتماعي، ودوره الكبير في العملية الاصلاحية والتقدم والرقي على كافة المستويات، مشيراً إلى المفارقة المؤسفة بين ما يتميز به الموضوع (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وما يمثله من قيمة وأثر، وبين مدى الاهتمام به، والذي لا يرقى إلى أولى عتبات مستواه وآثاره العظيمة على الفرد والمجتمع، ملفتاً – في الوقت ذاته – إلى المحاولات الاصلاحية المشكورة من رجالات الاصلاح والنهضة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في موازنة أخلاقية منصفة، بين نقد القصور والتقصير، وبين ذكر وشكر محاولات الاصلاح والنهوض حتى وإن لم تكن بالمستوى المطلوب.
- قسّم الكتاب إلى خمسة فصول، وهو التقسيم الذي نبّه على أفضليته أهل التخصص في أصول البحث وفن الكتابة، وقد نبه عليه المؤلف نفسه (حفظه الله تعالى) في بعض دوراته في أصول البحث وفن الكتابة، كما تميز تقسيم الفصول نفسها بالتناسق من حيث الحجم والتسلسل في الأفكار.
- التزم بوضع "العناوين الجانبية" وكانت دقيقة في الحكاية عن المحتوى، وأخذ فكرة عنه، إضافة لتسهيل الوصول للمعلومة المطلوبة من خلالها.
- راعى الضوابط الفنية لأصول البحث مراعاة تامة؛ من حيث أصول الإملاء، والترقيم(1).
- التزم بقوانين التوثيق والعزو والإحالة، بشكل دقيق منظم. وكما وضع المصادر والمراجع في آخر البحث بشكل منظم أيضاً ودقيق، وهذه ميزة وشرط من شرائط البحث العلمي الناجح يجهلها أو يهملها الكثير – مع الأسف – بالرغم مما لها من أهمية فائقة جداً؛ فقد لا يكون النقل دقيقاً حتى لو كان الناقل ينقل النص لا المعنى.
- اتسمت لغة البحث بكونها من " السهل الممتنع" الذي يوصل المعلومة من دون حشو وإنشاء، وبلغة فصيحة واضحة لا لبس فيها!
أخلاقية البحث والباحث:
يلحظ القارئ الحصيف البعد الأخلاقي المميز في الموضوعية الصارمة التي تحلى بها الباحث والتي كانت تلاحق المعلومة المتصلة بالبحث ملاحقة حثيثة جادة؛ حتى لكأنك تتخيل – إن صح التعبير - أداة بحث تقنية لا انتماءات لها ولا ميولات همها رصد المعلومة ووضعها بين يدي القارئ بغض النظر عن خلفية صاحب المعلومة، وهذه موضوعية أينما وجدت شعّ البحث بالجمال وكان أقرب إلى الحقيقة التي قد تحرف مسارها الميولات والانتماءات، التي قد تضخّم من جهة، وقد تقزّم من جهة أخرى، ويكون ذلك في العادة على حساب نفس الحقيقة ونتيجة البحث!
نجد ذلك في تتبع المسألة في كتب القدماء والمعاصرين، سواء من السنة أو الشيعة، وفي استقراء الكتب المختلفة من الفقه، والرسائل العملية لمختلف العلماء، والعقائد والتفسير، والأديان، بل وحتى الكتب المقدسة!
نجد ذلك التتبع شاخصاً في التنوع في عرض الآراء والنصوص في داخل كل مذهب أو تيار، وفي مئات المصادر المتنوعة التي زخر بها الكتاب جداً! بينما نجد في الضفة الأخرى – مع شديد الأسف - غضّ النظر والتعامي عن الإبداع والتفوّق بل النبوغ، إذا كان النتاج للآخر الداخلي فضلاً عن الآخر من خارج البيت أو المذهب والدين!
أين هذه الحالة الثانية من باحثنا العزيز وهو يُنصف حتى المستشرق – غير المنتمي لدينه – فيشيد بنتاجه وابداعه واستيعابه، كما فعل مع المستشرق "مايكل كوك" حين أشاد جداً بدراسته (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي) وقال عنها – في ضمن ما قال -:" وهو أهمّ وأكبر وأوسع دراسة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ حتّى عند المسلمين ـ استقصاءً وبحثاً وتتبُّعاً ونقداً.".
وهذا يحتاج إلى علم وثقافة أولاً، ثم إلى إنصاف ثانياً، وإلى شجاعة تتجاوز الأطر الضيقة المقيتة وأسار البيئة التي قد تحاسب وتعاقب – في بعض صور انحطاطها - حتى على الإحالة على المختلف من داخل البيت نفسه!!
- كنا نتمنى أن تتاح لنا الفرصة والوقت للتوقف عند هذا البحث القيم والاضاءة على نقاط الإبداع والجِدّة والتميّز – وهي كثيرة وسارية في فصول الكتاب – ولكنه صارم الوقت الذي يدافعنا وندافعه، ويحرمنا من الكثير مما نتمنى، ومن الظلم للكتاب ومؤلفه أن ندعي التعريف بكتابه بهذه العجالة الارتجالية المضغوطة!
على أية حال، ندعو الجميع – وخصوصاً طلاب العلوم الدينة المحترمين – لمطالعة الكتاب والتعرّف عليه، وعلى طريقة المؤلف وآفاقه التي يكتب من خلالها، والمقارنة بينه وبين ما كُتب في هذا المجال الحيوي؛ حيث أنا لم نجد – وفي حدود مطالعتنا المتواضعة – كتاباً في هذا الموضوع كهذا الكتاب برغم احترامنا لكافة الجهود التي بذلت في هذا السياق.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هي علامات ورموز غير منطوقة متفق عليها توضع في النص المكتوب بهدف تنظيمه وتيسير قراءته وفهمه. وهي التي يفصل بها بين الكلمات، أو أجزاء من الجملة. تختلف استخدامات علامات الترقيم وقواعدها حسب اللغة وأيضاً تطور تلك اللغة عبر الزمن، ومن الاستخدامات الشائعة لعلامات الترقيم في اللغة العربية: الفصل بين أجزاء الحديث، أو النص القرآني، ومعاني الكلمات، وتحديد مواقع الوقوف في النص، والاقتباس النصي، وإظهار التعجب أو الاستفهام وتحديد علاقة الجمل ببعضها، وغير ذلك مما هو مذكور في كتب صناعة الكتابة وفنونها. مكتبة مؤمن قريش.
فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
العرض الشجري