هل الصحابة كلهم عدول ؟
الله سبحانه وتعالى يقول (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
يقول الله سبحانه وتعالى ما كان الله ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق او الصحابة كلهم مؤمنين وعدول حتى يميز الخبيث من الطيب، بالمحن والاختبار، (كما ميَّز بينهم يوم أحد عند لقاء العدوّ عند خروجهم إليهم)
اذن الصحابة فيهم الصالح والطالح ، والطيب والخبيث ، والمؤمن والمنافق ...
يقول الله سبحانه (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ)
في تفسير الطبري قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بتأويله: وما كان الله ليطلعكم على ضمائر قلوب عباده، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق والكافر، ولكنه يميز بينهم بالمحن والابتلاء= كما ميز بينهم بالبأساء يوم أحد= وجهاد عدوه، وما أشبه ذلك من صنوف المحن، حتى تعرفوا مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم. غير أنه تعالى ذكره يجتبي من رسله من يشاء فيصطفيه، فيطلعه على بعض ما في ضمائر بعضهم، بوحيه ذلك إليه ورسالته
اذن الله سبحانه وتعالى ماذكر أسماء المنافقين والطالحين والمبدلين بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى الله
وانما ابتلاهم لتعرفوا المنافق من المؤمن والصالح من الطالح
غير ان الله سبحانه يطلع رسوله على ما في ضمائر بعضهم
فميز الله سبحانه في بدر بين المقداد ، وابوبكر وعمر
فاستشار النبي صلى الله عليه وعلى اله أصحابه فقال : ما ترون في القوم فانهم قد أخبروا بمخرجكم
فاشاره عمر بقوله يا رسول الله ، إنها قريش وعزها ، والله ما ذلت منذ عزت ولا آمنت منذ كفرت ، والله لتقاتلنك ، فتأهب لذلك
وأشار عليه ابوبكر بنحو ذلك .
فقال : أشيروا علي
فقال المقداد : لا تقولوا كما قال أصحاب موسى لموسى { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون }
فأنزل الله سبحانه (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ)
كما ميز بين ابوبكر وعمر ، وعلي
حيث قتل علي نصف ما قتل من المشركين في يوم بدر وابوبكر وعمر قعدا في العريش
وفي يوم احد ميز الله بين من ثبت مع رسول الله يقاتل وبين من استزله الشيطان
فكان منهم من فر الى المدينة ولم يرجع ولم يتوب الله عليه
ومنهم من هرب الى الجبل ولما رجع لهم رسول الله عفا الله عنهم
فميز الله بين ابوبكر وعمر وطلحة ورجال من المهاجرين والأنصار ‘ وبين انس بن النضر حيث قال لهم: ما يجُلسكم؟ قالوا: قُتِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتل،
وميز بينهم وبين من ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله كعلي بن ابي طالب وأبو دجانة
كما ميز الله بينهم في معركة الخندق حيث ميز بين من تخاذل للخروج لعمرو بن ود وبين الأمام علي الذي قتله فانزل الله في ذلك (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)
كما ميز الله بينهم في الحديبية بين من كان شاك مرتاب في وعد الله (كعمر بن الخطاب) وبين من هو مؤمن بوعده عز وجل
وفي خيبر حيث اظهر الله خور المنافقين فميز بين من نكث بيعة الرضوان وبين من اوفى ببيعه الذي بايعه
فميز بين من أعطاه الراية رسول الله صلى الله عليه وعلى اله ورجع ناكثا يجبن أصحابه واصحابه يجبنونه
وبين من قلع باب خيبر واوفى ببيعه الذي بايعه لله وبما عاهد الله عليه
ويوم حنين ميز الله بين من اتكل على كثرته ولم تغن عنه من دون الله شيء حتى ولوا المشركين ادبارهم
وقد قال الله لهم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبار
وميز الله سبحانه وتعالى بين من يرضى بتبليغه عن الله ورسوله وبين من يكره الله بعثه للمشركين ببراءة الله ورسوله من المشركين
فامر الله ان يرجع أبو بكر ولا يبعث الا علي
وميز رسول الله بين من يستحق الأمارة من اصحابة وان كانوا صغار وبين من لا يصلح لها وان كانوا شيوخ في بعث أسامة
حتى تبين تخلفهم عنه البعث وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله من تخلف عن بعث أسامة
كما ميز رسول الله صلى الله عليه وعلى اله بين اصاحبه فشهد لشهداء احد وسلم عليهم وهنئهم بالفوز ولم يشهد لأبوبكر وقال عليهم جائتهم الفتن كقطع الليل المظلم
ولم يشهد لأبوبكر كونه لا يدري ما يحدث من بعده وما يبدل