قوله تعالى : وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ / سورة القصص
يقال ان التاريخ يعيد نفسه ، والحوادث بمضمونها تتكرر في الاجيال والامم
وهذا لعله يرجع الى ان السنن الإلهية ثابته لا تتغير ولا تتحول ، وإن الصراع بين خطي الرحمن والشيطان ازليان مستمران الى اليوم المعلوم ،،، فيترتب عليه ان تتحقق السنن الإلهية الثابته فيهم ، وكل هذا هو داخل ويتجه نحو هدف اصيل وهو تحقق الغاية الاصيلة من خلق البشرية ( وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون )
الاية الكريمة اعلاه من سورة القصص / محل الطرح يسجل فيها الله تعالى حقيقة او سنة او ارادة الهية ثابته لها مصداق متكرر ومنها ما نزلت في من قصة موسى وقومه
يقول اهل التفسير ،،،
إن فرعون قد أقدم على عدّة جرائم كبرى !
فالجريمة الأولى : أنّه فرّق بين أهل مصر (وجعل أهلها شيعاً ) متفرقين من أجل البقاء في الحكم .
إنّ فرعون قسّم أهل مصر إلى طائفتي «الأقباط» و«الأسباط».
فالأقباط هم أهل مصر «الأصليون» الذين كانوا يتمتعون بجميع وسائل الرفاه والراحة، وكانت في أيديهم القصور ودوائر الدولة والحكومة.
و«الأسباط» هم المهاجرون إلى مصر من بني إسرائيل الذين كانوا على هيئة العبيد والخدم «في قبضة الأقباط»! وكانوا محاطين بالفقر والحرمان، ويحملون أشدّ الأعباء دون أن ينالوا من وراء ذلك نفعاً [ والتعبير بالأهل في شأن الطائفتين الأقباط والأسباط هو لأنّ بني إسرائيل كانوا قد سكنوا مصر مدّة طويلة فكانوا يُعدّون من أهلها حقيقة!]
والجريمة الثّانية : هي استضعافه لجماعة من أهل مصر بشكل دموي سافر كما يعبر عن ذلك القرآن بقوله ( يستضعف طائفةً منهم يذبح أبناءهم ويستحى نساءهم ).*وهم بنو إسرائيل وهم أولاد يعقوب عليه السلام وقد قطنوا بمصر منذ ان أحضر يوسف عليه السلام أباه وإخوته وأشخصهم هناك فسكنوها وتناسلوا بها حتى بلغوا الألوف .
فقد اصدر فرعون أمراً ( على اثر اخبار وتحذير من الكهنة ) بأن يراقبوا الأطفال الذين يولدون من بني إسرائيل، فإن كانوا ذكوراً فإنّ حظهم الذبح، وإن كانوا إناثاً فيتركن للخدم في المستقبل في بيوت الأقباط .
وباختصار فإنّ عمل فرعون يتلخص في الفساد في الأرض، فاستعلاؤه وادعائه الربوبية كان فساداً، وإيجاد الحياة الطبقية في مصر فساد آخر، وتعذيب بني إسرائيل واستضعافهم وذبح أبنائهم واستحياء نسائهم ليخدمن في بيوت الأقباط فساد ثالث، وسوى هذه المفاسد كانت لديه مفاسد كثيرةً أُخرى أيضاً في المستقبل في بيوت الأقباط .
أقول : فهنا وهذه الاية الكريمة وهذا الواقع التاريخي لفرعون مع موسى واتباعه له تجدد وعودة ومصداق في آخر الزمان ،،، فالحقيقة واحدة وطرفي الحق والباطل مازالا على الساحة وهناك ظلم فرعوني سافر ودور متكبر شاهر يلعبه اهل استكبار اخر الزمان ،،، وهناك المستضعفين الذين ينصب عليهم هذا البلاء والابتلاء وينتظرون تحقق وعد الله وسنته وهي ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِي )
اي مصداقها كما جاء في تأويل الاية على اخر الزمان هو الامام الحجة ع واتباعه ومواليه .
لندخل في عمق وفهم المصاديق من واقع عصرنا والذي نأمل ان شاء الله انه عصر الظهور المبارك ولننظر من يمكن ان يكون منطبق عليه من كلا الحزبين فرعون وهامان وجنودهما ، وموسى وهارون وبني اسرائيل ( الموالين للرسول )
هنا نجد اليهود الصهاينة او الصهيونية العالمية او الصهيوامريكية مع اذرع اخطبوطها الماسونية هي اليوم القوة الكبرى المتحكمة في مصير العالم والناس !
وهي التي بيدها القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية وبقية مكملات القوة الاخرى من العلوم التكنلوجية والاعلامية وغيرها .
ولقد نبّأ القران وحذر فقال تعالى : لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ
وهؤلاء اليهود ( اشد اعداء الذين آمنوا ) هم اليهود الصهاينة الذين يحكمون ويتحكمون في مصير العالم , وهم اكبر واخطر المستكبرين وله ذكراً ايضا : ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً , فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً , ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً )
فعلوهم هو استكبارهم , وافسادهم هو مصداق حالهم كحال "فرعون موسى " الذي علا في الارض واستكبر وكان مصداق خط الشيطان في زمانه !
فتاتي النتيجة على بني اسرائيل المستكبرين العاليين في آخر الزمان كما يسجلها القران وهي تتمة الايات السابقة وكما يلي : ( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا )
اي ستكون نهايتهم ان يقضي الله عليهم كما قضى على فرعون وحزبه ، ولتتحقق عندئذ سنة الله في الصراع بين الحق والباطل ، ويتم وعده في اخر الزمان ، ويرث الصالحون الارض ويجعلهم الله أئمة .
ثانيا : مصداق موسى وقومه / اتباعه / مواليه
هنا سيكون كما هو معلوم ثابت ، هو الامام الحجة بن الحسن ع ( الغائب ) , واتباعه هم اتباع خط ال البيت ع من شيعتهم ومواليهم ومحبيهم .
فللنظر في عمق احوال ما يشابه من فعل فرعون بشيعة موسى ، ومصداقه الان الصهيونية العالمية او الصهيوامريكية مع الاسلام عموما وشيعة آل البيت ع خصوصا .