بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
------------------------------------------------
ما رواه النعماني بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام أنّه قال في حديث ( ... خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على النّاس وكلّ مسلم،*
وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإنّ رايته راية هدى، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النّار؛ لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى صراط مستقيم ... الخ )
اقول : كلمة " حـرم " في قول المعصوم ع ( فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على النّاس وكلّ مسلم )
هناك احتمالين مهمين عند تحريك حروف كلمة حرم*
1- حرم = حُـرِّمَ = اي بمعنى سيكون هناك تحريم لبيع السلاح ولكن غير مشار الى جهة تحريمه بل الى فعلية تطبيقه في المنطقة .
2- حرم = حَـرّمَ = اي ان اليماني هو الذي سيقوم / يعلن عن تحريم بيع السلاح ( على الناس وكل مسلم حسب تعبير الرواية )
محاولة ترجيح احد الاحتمالين على الاخر تحتاج الى ادلة ترجيح من سياق الرواية وفهم مقاصدها وما يمكن ان يرتبط بها من روايات واحداث اخرى
وعليه نقول لكي نستفاد من سياق الرواية وبقية تفاصيلها لفهم معنى وقصد كلمة " حرم "
فان كلام المعصوم بعد ان ذكر ( فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح ) بين على من سيكون هذا التحريم وهو قوله ع ( على النّاس وكلّ مسلم )
عنوان / توصيف " المسلم " كما هو معلوم ، اخص من الناس ( كما الحال في عنوان المؤمن اخص من المسلم ) .
فاذا كان اليماني او غيره ( كجهة ) تحرم بيع السلاح على الناس عموما ، وعلى كل مسلم خصوصا ، فهذا يعني شمولية التحريم ، والتاكيد ياتي على الخصوص*
بمعنى : سيكون هناك تحريم لبيع السلاح يوجَب على الناس كلهم ، وبالاخص المسلمين ( على الاقل ضرورتا في منطقة الظهور التي تشهد هذه الاحداث )
ونحن نعلم من عموم فهم الروايات ، ان منطقة الظهور هي ستكون مسرح لاتجاهين عقائديين وسياسيين رئيسيين ، هما خط الرحمن وخط الشيطان ، ونعلم ان راية اليماني والخرساني وكل اتباع ال البيت عموما هم من يمثل خط الرحمن*
في حين ان راية السفياني وكل خط منحرف عن خط ال البيت ع ويستعديه عقائديا وسياسيا وعسكريا هو في خط الشيطان ،
وهذا يعني على ضوء محاولة فهم الاحداث ومعنى كلمة " حرم " التي تشمل الناس عموما وخصوصا ( كمسلمين ) ان الامر بالتحريم اذا كان للجميع اي لجميع الناس سواء في خط الرحمن او خط الشيطان ، فان هذا لا يستقيم لاختلاف وتناقض الخطين .
لذلك لا بد وان يكون التحريم موجها لجهة واحدة ، ومن يمثلها وعليه اتباعها .
ولما كان سياق الحديث في الرواية يتحدث عن خروج اهدى الرايات وهي راية اليماني ومن ثم تم ذكر تحريم بيع السلاح على الناس وكل المسلمين ، فان هذا يعني تعلقها باليماني خصوصا ومن يتبع خطه / عقيدته والتي هي الدعوة الى الحق والصراط المستقيم ( والدعوة الى الامام الحجة ع ) .
ويستبعد على اثر هذا الفهم / التعليل ان يكون الخطاب ( التحريم ) يشمل كلا الخطين المهتدي والضال . ( لا من حيث اصل وجوبه على الجميع للجهة الممثلة للحق ، ولكن بسبب انحراف الخط المقابل وصيرورته كسبب لهذا التحريم ، وإلا مثلا الصيحة / النداء السماوي واعلان الظهور ووجوب الاستماع والطاعة للامام الحجة ع هي لكل البشرية بلا استثناء ) .
ثم نأتي ايضا لاتمام فهم دقة المعنى والسياق ، ان ندقق ايضا في كلمة " حرم " لا من حيث فقط تحريكها ومحاولة فهم جهتها ، بل عين / مقصد معنى التحريم هنا .
وكما يظهر ان استخدام لفظة " حرم " هي اقرب للفهم الديني منها الى التوجيه او الامر السياسي او العسكري او القانوني ، وإلا لكان يمكن ان يستبدل هذا التعبير / التوصيف بكلمة مثل ( منع ) فهي تفي بالغرض لو كانت القضية كما نفترضها*
ولذلك فالانسب وكما يظهر انها توجيهات او اوامر من اليماني طبيعتها دينية كما حال فتوى مرجع الدين لما يصدر فتوى لمقلديه ( كمثال تقريبي لفهم المسالة )
فاذا افترضنا هذا وكان حقا*
فهنا نحن يمكن لنا ان ننفتح على افتراض وفهم ضروري ايضا وكما يلي :
لمّا كان مما رجحناه من فهم كلمة "حرم " مما سبق اعلاه بعد تحريكها هو حَرّمَ ، اي اليماني هو من سيحرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم .
وسيكون هذا التحريم عام شامل لكل الناس ( عمومهم وخصوصهم ) ممن يمثلون خط الرحمن وعلى اختلاف محلهم الجغرافي ولكن على الاقل ضرورتا في منطقة الظهور ( بدولها المتعددة الان في العصر الحديث كالوطن العربي مثلا )
فهنا يتطلب ذلك وحتى يتفعل الامر عمليا ، ان يكون لليماني سلطة تشريعية ( او سلطة سياسية وعسكرية وهي اقل احتمالا بالرتبة حسب فهمنا هنا ولكن تلحق بالاضافة ) ليستطيع بموجبها توجيه مثل هذا الامر للناس جميعا ، فتامل .
ومن هنا نستطيع من خلال هذا الاستنباط المنطقي المستخرج من فهم ملابسات الرواية ، ان نقول بان هذه الفرض المتمثل بسلطة اليماني التشريعية هو :
1- أمّا يمكن تحصيله في ذلك الزمان من خلال وقوف الناس على شخصية اليماني بعد ان تثبت يقينا لهم ، ومنها يمكن وبسبب صدور توجيهات معصومة بضرورة طاعته وعدم الالتواء عليه لانه راية هدى ويدعوا الى الحق وصراط مستقيم . بان يستمعون ويطيعون كل ما يصدر منه .
2- او لانه سوف يكون له نوع صلة بالامامة الحجة ع ومنه ياخذ توجيهاته الخاصة الضرورية سواء هذه او غيرها . ( او الاثنين معا ) ، مع الاخذ بالاعتبار انّ فترة خروج راية اليماني وحسب تحقيقنا الخاص والتي ستكون بعد الصيحة وتحقق الظهور ، هي تعني ان شرط المشاهدة / النيابة الخاصة عن الامام الحجة ع قد انكسرة وامكن تحققها ، وهنا سيلعب اليماني دوره المهم في مرحلة الظهور الاصغر ( كما نوصفه احيانا لتقريب الفهم ) ، ولا مانع ان يتلقّى من الامام الحجة ع بشكل مباشر او غيره تعليمات او توجيهات بلا حرج في قبولها منه تحت هذا العنوان بعنوانها العام . فتامل .
وكلا الاحتمالين ، يظهر منهما كبير اهمية هذه الشخصية وخطورة دورها في احداث الظهور ، لذلك تحتاج الى دليل يقيني واضح مطمئن لمن يدّعيها او يتلقى منها خاصتا وقد علمنا وشاهدنا كثرة المنحرفين ممن يدّعيها !
ملاحظة : قول المعصوم ع " حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم "*
افهم منه انه يحرم على الناس وكل مسلم ممن يملك سلاحا ، بان يعرضه للبيع تحت اي سبب وباي ثمن*
وليس نفهم منه انه تحريم بيع السلاح ( ممن يملكه بكميات او يتاجر به مثلا ) على الناس*
والسبب هو ان هناك من خلال فهم مجمل تفاصيل عصر الظهور هذه الفترة ، هناك استعداد وتحسب وتحرك لجميع المنتظرين او كل رجل يستطيع حمل السلاح بان يكلف بنصرة راية ولي الله الاعظم الامام الحجة ع او اي راية هدى منصوص عليها كراية اليماني كاوضح مثال ، وهذا بالطبع يحتاج الى عدد وعدّة ( سلاح )*
أما ما هي الاسباب الواقعية لاصدار مثل هذا التوجيه او الامر الملزم لجميع الناس بعدم بيع اسلحتهم ، فليس هناك تفصيل واضح عليه ، ولا نملك سوى فرضه ،
كأن يكون هناك نقص شديد في السلاح وقتها ، بحيث يزداد الطلب عليه ( ولمختلف الجهات او بعضها مثلا )، مما يجعل تفريط المنتظرين من اتباع ال البيت بسلاحهم خطأ استراتيجي ومهم جدا يتطلب ان ينبه عليه المعصوم ع لاهميته ، وهذا عموما منطق مقبول ولكنه من المحتملات فقط للتفسير .
وعليه نحن نقول ليس فقط ننتظر الى ان يتحقق ويثبت لنا خروج اليماني ومن ثم يتحقق امر تحريم السلاح ، بل تحسبا واحتياطا اذا شعر المنتظرون بقرب ارهاصات عصر الظهور ان يحتاطون في مسالة السلاح من باب الحكمة والمنطق فقط .